ديترويت، لانسنغ – خاص “صدى الوطن”
شهدت ميشيغن خلال الأسبوعين الماضيين حملة شعبية ورسمية واسعة لحظر مادة “الماريجوانا الاصطناعية” التي تحمل اسماءً متعددة أبرزها “كاي ٢” و”سبايس” وذلك بعد أن تبين أن المراهقين في الولاية بدأوا يتعاطون هذه المادة المخدرة باضطراد مما أدى الى دخول عدد كبير منهم الى المستشفيات ووفات آخرين، ولكن أبرز ما أثار الغضب الشعبي كان ارتباط هذه المادة بأكثر من جريمة قتل ارتكبها مراهقون في مناطق متفرقة من ميشيغن.
وقد أقر كونغرس ميشيغن الثلاثاء الماضي قانوناً يقضي بحظر هذه المادة في الولاية، في خطوة جاءت بعد إجراءات مماثلة اتخذتها مقاطعتا وين وماكومب بملاحقة كل من يبيع هذه المادة التي تسوق بشكل بخور.
وقبل هذه الإجراءات كان بإمكان الشباب والمراهقين الحصول على الماريجوانا الاصطناعية بسهولة في محطات الوقود ومحلات بيع الخمور وبسعر رخيص قدره خمسة دولارات للعلبة الواحدة.
وتبين أن للماريجوانا الاصطناعية آثارا جانبية تفوق الأثار التي تحدثها الماريجوانا الطبيعية إضافة الى كونها أكثر ضرراً على الصحة.
وتتكون الماريجوانا الاصطناعية من مواد نباتية مرشوشة بمواد كميائية مخبرية، وتحمل العلبة علامة تحذيرية كتب عليها “ليس للاستهلاك البشري” وغالبا ما يقع تسويقها على أنها بخور. كما تصنف تحت أسماء تجارية مثل “كاي ٢” و”سبايس” و لا يعرف إلا القليل حول مدى مضار استخدامها وتأثيراتها على صحة العقل والجسم.
وفي بداية الربيع، بدأ تعاطي الماريجوانا الاصطناعية يثير المخاوف المتزايدة لدى الأولياء ورجال الأمن بعد أن تبين أن عدة جرائم قتل وسرقة ارتكبت تحت تأثيرات استهلاكها.
وسبق إقرار كونغرس الولاية مشروع قانون يحظر تصنيع وبيع الماريجوانا الاصطناعية (ينتظر توقيع الحاكم) عدة تدابير استباقية من الاهالي والسلطات المحلية في مقاطعات ومدن مختلفة. فشعبياً أطلقت حملات توعية عامة حول مضار ومخاطر استهلاك الماريجوانا الاصطناعية وطالبوا تجار التجزئة بأن يتوقفوا عن بيع هذه المنتجات.
وقد استنفر أهالي المدن والمقاطعات في جميع أنحاء جنوب شرق ميشيغن جهودهم لدعوة الهيئات التشريعية لوضع مراسيم لحظر هذا المنتج، لاسيما في مقاطعة ماكومب، التي وقعت سريعاً على قانون طارئ يمنع بيع الماريجوانا الاصطناعية أو المواد المماثلة لها. كما أصدرت دائرة الصحة في مقاطعة وين بيانا يحذر من استهلاكها. وفي هذا الصدد قال محافظ وين روبرت فيكانو في بيان صحفي “لقد اعلنت المقاطعة انها تعمل على السيطرة على هذا الخطر الآخذ في الاتساع في أوساط الشباب والذي له تأثيرات صحية خطيرة”.
جرائم مرتبطة بالماريجوانا الاصطناعية
وعلى مستوى المدن، اتخذت عدة بلديات قرارات صارمة ضد الماريجوانا الاصطناعية، حيث أعلنت بمدينة بلومفيلد (مقاطعة أوكلاند) أنها سوف تقوم بفرض مرسوم من شأنه أن يتهم أي شخص عند حيازته لهذه المواد بارتكاب جنحة، فضلا عن غرامات تزيد على 500 دولار أو ما يصل إلى 90 يوماً في السجن.
وهناك دافع قوي خلف قرار مدينة بلومفيلد الصارم، فخلال عطلة نهاية الاسبوع في “يوم الشهداء”، فوجئت المدينة بالوفاة المفاجئة لشاب يبلغ من العمر 18 عاماً بعد تعاطيه لجرعة زائدة من مادة الماريجوانا الاصطناعية بجوار بحيرة خاصة. لم تكن هذه هي المأساة الأولى في المدينة، فقبل ذلك بأسبوع واحد فقط أطلقت جدة النار على حفيدها البالغ من العمر 17 عاماً، وقد بررت الجدة تصرفها ذلك بأنها كانت تخشى ان حفيدها كان على وشك أن يقتلها من أجل الحصول إلى الماريجوانا الاصطناعية.
وفي السياق نفسه، تم ربط مقتل روبرت سيبريانو، الموظف في مدارس ديربورن العامة، في نيسان (أبريل) باستخدام الماريجوانا الاصطناعية من قبل ابنه تاكر سيبريانو (١٩ عاماً) الذي قام، مع صديقه ميتشيل يونغ، بالاعتداء بالضرب المبرح على والده وأمه وشقيقه الأصغر، ما أدى الى مقتل روبرت أمام عتبة منزله في فارمنغتون هيلز.
وبينت التحقيقات أن الجانيين كانا يكثران من تناول الماريجوانا الاصطناعية وكانا يبحثان عن مزيدا من المال من أجل شراء المزيد منها.
تأثيرات خطيرة
ورغم أنه لهذه المادة آثار جانبية مشابهة لاثار تدخين الماريجوانا الطبيعية، لاحظ متخصصون ان آثارها يمكن أن تكون أشد خطورة بمراحل. وتشمل الاثار الجانبية لاستعمال الماريجوانا الاصطناعية، وفقا لتقرير حديث أصدرته دائرة الصحة في ميشيغن، “زيادة في سرعة معدل ضربات القلب، والتقيؤ، جنون العظمة، الإثارة، والهلوسة”..
وسبب التشابه بين المخدرين، الطبيعي والمصنّع، ان الشركات التي تصنع الماريجوانا الاصطناعية تستخدم مواداً كيميائية تحمل تأثيرات جانبية مماثلة لتلك التي تسببها مادة “تتراهيدروكانابينول” (تي أتش سي)، وهي العنصر الفعال في الماريجوانا الطبيعية. ويتم الاشارة الى ذلك على عبوات الماريجوانا الاصطناعية المطروحة في الأسواق.
قد وجدت دراسة حديثة قامت بفحص المواد الكيميائية المستخدمة، أن ما زالت هناك عناصر من ضمن مكوناتها غير معروفة وغير مدرجة من قبل تلك الشركات، مما قد يفسر الأثار شديدة السلبية التي تتركها الماريجوانا الاصطناعية على متعاطيها.
الماريجوانا الاصطناعية في ديربورن وديربورن هايتس
وعلى الرغم من الحملة الشعبية والتدابير التي اتخذتها بعض البلديات والمقاطعات لمكافحة الماريجوانا الاصطناعية، إلا أن هذه المادة كانت لا تزال تباع في المتاجر المحلية، على الأقل قبل صدور قانون حظرها من لانسنغ. ففي مدينة ديربورن، على سبيل المثال، اقتصر التعامل مع هذه القضية عن طريق الطلب من اصحاب محلات بيع الخمور والتبغ ومحطات الوقود عدم بيع المنتجات المرتبطة بها.
وقد قال رئيس شرطة ديربورن رون حداد “اننا نرسل رسائل نطلب فيها من أصحاب المحلات إزالة تلك المنتجات الخطرة طواعية من الأسواق و فوراً”، كما أضاف “لقد اتصلنا أيضا بكل الغرف التجارية والجمعيات التجارية وجمعيات رجال الأعمال وطالبنا منهم مد يد العون والمساعدة في هذا الشأن. كما أضاف حداد “نحن نعمل مع شركائنا في قسم القانون بالمدينة لمراجعة القوانين الوضعية لدينا حتى نتمكن من التعامل بشكل أفضل مع هذه القضية”، وأضاف “حالياً لا يمكن اتهام أي مواطن بالمدينة اذا وجد لديه تلك المواد”.
ويتخوف بعض الأهالي في ديربورن أن يتم التساهل مع هذا الموضوع لأن توفير الماريجوانا الاصطناعية بسهولة أمام المراهقين سيكون له ارتدادات سلبية خطيرة، بحسب حسن علي الذي يعمل في محطة وقود في ديربورن “إنها رخيصة وتستهوي الصغار، لا بد من الحرص على مكافحتها بشكل حقيقي”.
وقد ساهمت منظمة “اتحاد الاطعمة والاغذية واصحاب محطات البنزين” (أي أف بي دي) التي تضم أكثر من أربعة آلاف تاجر تجزئة في ميشيغن وأوهايو، في دعم جهود حظر هذه المادة عبر دعوة كافة أعضائها للتوقف فورا عن بيعها. وقد اكد عدي عربو الرئيس والمدير التنفيذي للاتحاد قائلا “اننا نطلب من جميع الأعضاء وغير الأعضاء بوقف بيع هذا المنتج على الفور”، وأضاف “أغلب المتاجر تسيّرها عائلات، وتأثير تلك المخدرات على مجتمعنا وعائلاتنا خطير وغير مقبول وسيعود بالوبال على الجميع بما في ذلك عائلات التجار انفسهم ونحن ندعو كل من يرى او يعرف محلا تجاريا يبيع تلك المواد ان يتصل بنا وسنقوم نحن بالاتصال بصاحب المتجر لسحب تلك المواد فوراً”.
وقد علمت “صدى الوطن” أن انتشار الماريجوانا الاصطناعية في ديربورن هايتس أقل منه في ديربورن، فمنتجاته لم تنتشر في متاجر المدينة حتى عندما كانت المادة قانونية. وفي هذا الصدد تقول سيدة الأعمال ديبي ليون وهي صاحب محطة “سونوكو” على تقاطع شارعي تلغراف وآناربر ترايل “لا اشارك فكرة بيع تلك المواد، فلدي ثلاثة اطفال وأنا أخشى عليهم ان ينجروا وراء تعاطي تلك المواد المخدرة”، واضافت “المراهقون هم الاكثر استعمالا لتلك المنتجات”، حسب الاحصائيات التي قامت بها وزارة الصحة في الولاية، “وهم الذين يأتون الى محطات البنزين للبحث عن شراء الماريجوانا الاصطناعية لكن بعد التحذير من مخاطرها تراجع الإقبال عليها كثيراً حيث ان أغلب الآباء والأمهات -هنا- واعون لمضار هذه المادة ويسعون لوضع حد لبيعها”.
“في الغالب يسأل الآباء والأمهات: أنتم لا تبيعون تلك الأشياء، أليس كذلك؟ أو من الأفضل ان لا تبيعوا تلك المواد” قالت ليون، مؤكدة وجود ناشطين يعملون بجهد لمكافحة الماريجوانا الاصطناعية.
وفي ديربورن هايتس، أصدر قائد شرطة المدينة لي غافني، بياناً قال فيه “نحن نشعر بالقلق مع سماع التقارير الإخبارية، لكننا لم نسجل أي حالات مماثلة بقسم الشرطة لدينا”، واضاف “اننا لم نسجل حالات تذكر هنا، ولكننا نعرف الخطر، ونحن نعمل مع الاهالي وأصحاب الأعمال التجارية للحصول على تلك المعلومات”.
وفي الأسبوع الماضي، زار غافني عينات عشوائية من محطات البنزين ومحلات التبغ في ديربورن هايتس ليرى ما اذا كان بعض تلك المحلات تبيع الماريجوانا الاصطناعية فقال بعض العاملين انهم لم يبيعوها ابدا في الماضي ولن يفعلوا ذلك في المستقبل، وقال بعض آخر انهم سبقوا وباعوها لكنهم لن يفعلوا ذلك مستقبلا، وفيما قال آخرون انهم توقفوا عن بيعها بسبب احتجاج الاهالي.
وفي ديربورن أيضاً، كانت حملة الناشطين ناجحة خاصة مع متاجر التجزئة الفردية، مثل محطات “فيوتشر فيول” في ديربورن، التي سحبت الماريجوانا الاصطناعية من رفوفها. كما قامت محطات “بي بي” وشركات “سيتغو” ببعث رسائل إلى الفروع التابعة لهم بحظر بيع منتجات الماريجوانا الاصطناعية.
وقال حسن مهنا، احد العاملين، بمتجر لبيع الدخان على شارع وورن “توقفنا عن بيع الماريخوانا الاصطناعية منذ شهور بعد ان نفذت البضاعة التي عندنا” ثم قال “لم نكن نعرف الكثير عن مضارها لكننا الآن بتنا نعرف ولن نبيعها مستقبلاً”.
Leave a Reply