في الثلث الأخير من آذار (مارس) تودع ميشيغن فصل الشتاء القارس الذي حمل معه هذا العام الكثير من الأرقام القياسية، إنْ لناحية إنخفاض درجات الحرارة الى مستويات غير معهودة أو لناحية كميات الثلوج التي تساقطت والتي اقتربت من مستواها القياسي الذي بلغته في منطقة ديترويت شتاء 1880-1881 حين وصل ارتفاعها الى 93,6 إنشاً.
أما هذا الموسم، وبانتظار أن تلفظ السماء ثلوجها الأخيرة، بلغ معدل الثلوج في منطقة ديترويت 90,7 إنشاً، كما شهدت منطقة فلنت مثلاً تدني درجة الحرارة الى ما دون درجة الصفر (فهرنهايت) في ٢٧ يوماً، أي بفارق يوم واحد عن موسم ١٩٦٢-١٩٦٣ (٢٨ يوماً)، في حين غطى الجليد 92 بالمئة من سطح مياه البحيرات العظمى، وهو مستوى غير مسبوق منذ 34 عاماً والثاني على الإطلاق (منذ البدء بتسجيل البيانات).
لكن -للأسف- وبعد شتاء مرهق للكثيرين لن يكون فصل الربيع على قدر التمنيات، بحسب خبراء الأرصاد الجوية والبيئة، حيث هناك مخاوف من تداعيات استمرار برودة الطقس لأسابيع إضافية، الى جانب توقعات بحدوث فيضانات وتردي أحوال الطرق وإتلاف مواسم الفاكهة وموت الغزلان وتعثر الشحن وصولاً الى إنتاج النحل وليس انتهاءاً بتفشي الإنفلونزا وأمراض الحساسية.
ويقول خبراء الأحوال الجوية إن ربيع هذا العام سيكون أكثر برودة من العادة بسبب تجمد مياه البحيرات العظمى، لأن هذه المسطحات المائية تلطّف مناخ الولاية عبر تدفئة الرياح الباردة القادمة من الشمال والغرب، ولهذا نرى أن ولايات مثل وسكونسن ومينيسوتا أبرد بمتوسط 10 درجات من ميشيغن، بحسب فرانك مارسيك وهو عالم أبحاث الغلاف الجوي في جامعة ميشيغن.
وأضاف مارسيك في تصريح لصحيفة «فري برس» أنه مع استمرار تجمد البحيرات العظمى «إننا نخسر تأثيرها الملطف.. كما أن كثافة الثلوج التي انهمرت في معظم انحاء الولاية لن تساعد في تلطيف الأجواء أيضاً». وقال مارسيك «بما أن الارض رطبة جداً فإن معظم الطاقة التي ستوفرها الأيام المشمسة في أوائل الربيع ستذهب لتبخير المياه في باطن الأرض بدلاً من رفع درجة حرارة الجو»، مع الإشارة الى أنه من غير المتوقع أن ترتفع درجة الحرارة في منطقة ديترويت الى ما فوق الـ٥٠ فهرنهايت إلا في أواخر الشهر الجاري.
خطر فيضانات
ويشكل الغلاف الجليدي الذي لا زال يغطي البحيرات والأنهار في العديد من أنحاء ولايات ميشيغن، مصدر قلق حقيقي من حدوث فيضانات لاسيما بوجود هذه الكميات الهائلة من الثلوج المتراكمة التي تهدد بحال ذوبانها السريع إغراق مئات الآلاف من المنازل المترامية على ضفاف البحيرات والأنهار.
وتقول دائرة الأرصاد الجوية الوطنية إن بلدة هامبورغ (مقاطعة ليفينغستون) معرضة لفيضانات عارمة من النوع الذي قد يسبب أضراراً بالغة للمنازل ويجعل الطرق غير سالكة، كما قد يتطلب تنظيم عمليات إجلاء لإنقاذ الأرواح. وحددت الدائرة إمكانية حدوث فيضانات بهذه الخطورة بنسبة 56 بالمئة. وقالت الدائرة إن هناك مناطق في ميشيغن مهددة بفيضانات كبيرة او متوسطة، ولكن أكثر المناطق تعرضاً لخطر الفيضانات هي القريبة من الأنهار مثل فلنت وساغيناو وكذلك القريبة من حوض نهر رايزن وتشمل دانديه وبليسفيلد ومونرو.
ومن جانبه، قال الخبير في دائرة الأرصاد الجوية الوطنية الكائنة في بلدة وايت لايك (مقاطعة أوكلاند)، داني كوستيلو، إن هناك مخاوف من حدوث «سيناريوهات مخيفة» مثل التكدسات الجليدية التي ينتج عنها ذوبان سريع يمكن أن يغمر الانهار بالمياه ما قد يجعل الفيضانات اكثر خطورة، مضيفاً أنه حتى الثلوج المتراكمة هذه السنة تحتوي على نسبة أكبر من المياه، وقال «عادة تحدث ذوبانات صغيرة تقلل كثافة الماء في الثلوج، ما من شأنه تخفيف أخطار في الذوبان السريع، لكن كثافة الماء في الثلوج المتراكمة مرتفعة جداً هذا العام وتتراوح بين 3 و5 إنشات»، علماً بأن ارتفاع 2 إنش يعتبر عالياً خلال شهر آذار.
موسم حساسية شديد
يعاني الكثيرون من سكان ميشيغن من أعراض حساسية الربيع، ولهؤلاء أخبار سيئة وأخرى جيدة هذا الموسم، حيث من المتوقع أن يتأخر انتشار غبار الزهور (بولن) المسبب للحساسية ولكنه سرعان ما سينتشر بكثافة عالية، بحسب الخبراء.
فالأشجار لن تزهر قبل مرور أربعة أيام على الأقل من الطقس الدافئ، والايام الباردة والممطرة المنتظرة في الربيع لا شك أنها ستؤخر موسم غبار اللقاح لكنه سيكون كثيفاً ومركزاً عند حدوثه.
من جانب آخر، يرى خبراء البيئة أن النحل والحشرات الأخرى لها اهمية كبيرة في تلقيح النبات، لكن في هذا الموسم تضررت مستعمرات النحل بشدة جراء الشتاء القارس مما سيترك آثاراً سلبية كبيرة في مضمار انتاج المحاصيل، مع الإشارة الى أن مستعمرات البعوض لم تتأثر كثيرا بالشتاء البارد حيث أن لها القدرة على الصمود أكثر من النحل.
يقول مارتن ناغيلكرك وهو استاذ المحاصيل الحقلية في «جامعة ميشيغن ستايت» إن الثلوج الحالية التي تغمر الحقول وذوبانها المنتظر في الايام القادمة سيؤخر موعد الغرس، وهناك محاصيل مزروعة الآن سوف تدمر إذا ما استمر الغطاء الثلجي لمدة أطول، في حين هناك زراعات موعدها بعد عدة اسابيع، وإذا لم يتحسن الطقس ستتأثر هي الأخرى بشدة.
Leave a Reply