أشكر الله أن عملي يتيح لي التواجد في مدن عديدة من منطقة ديترويت الكبرى، حيث تقام مهرجانات صيفية متنوعة، تقريباً في جميع الضواحي المحيطة بديربورن. والشكر لله أقل ما يمكن أن تقدمه إنسانة قروية بسيطة لم تستعمل التلفون وتشاهد التلفزيون وتأكل الآيس كريم إلَّا في سنوات المراهقة. كانت التسلية الوحيدة هي سماع الراديو، والشكر في ذلك لأمي رحمها الله، ربما كانت الوحيدة بين نساء القرية التي تستمع إلى نشرات الأخبار وأحوال الطقس وأغاني الزمن الجميل، ومسلسل رمضان الإذاعي وطبعاً القرآن الكريم.
بالإضافة إلى الراديو، كان المنبِّه –الساعة– لضبط الوقت، و«الأنتريك» ذو الوزن الثقيل ببطاريات «ريوفاك» كبيرة الحجم، أقصى ما عرفته من التكنولوجيا.
أنا الآن مثل أمِّي لا أحمل هاتفاً، ولو دخلت بيتي لرأيت على كل حائط، ساعة وربما أكثر. ومع ذلك –مثلكم– غالباً ما أتأخّر عن مواعيدي.
أمَّا التسلية الأخرى فكانت القراءة، والفضل في ذلك للمرحوم أبي الذي، غصباً عن أمي، أدخلني المدرسة في وقتٍ كانت البنات للعمل في البيت والحقل أو النزول إلى بيروت لتعمل في خدمة البيوت والمكاتب.
أتأمل الناس في المهرجانات الصيفية، يلعبون ويمرحون ويأكلون ويستمتعون بالموسيقى. عالم آخر خالٍ من الصراعات والحروب والمناكفات السياسيَّة والعقد الدينيَّة.
أتساءل في قرارة نفسي وسط مرح وفرح الكبار والصغار، هل هذه الجموع من الناس على خطأ ونحن على صواب؟ هل كل هاتيك النسوة حطب النار حين يمشين بلباس صيفي خفيف وتتطاير شعورهن بأناقة وبساطة، وتعلو وجوههن بسمة مشرقة منطلقة ومتحررة من التزمّت وخالية من التجهّم والعبوس؟
أرجو من جنابك ألا تفهمني خطأ عزيزي القارئ. أنا ضد التعرّي والألبسة الفاضحة. بالمقابل أشعر بالحيرة عندما أرى البعض من السيدات العربيات في هذه المهرجانات بالثياب «الشرعية» الطويلة السوداء، أو المزركشة بألوان ورسوم مؤذية للنظر والذوق العام، أو المحجبات من فوق والمحجّمات من تحت، فوق كعب عال ومع حقيبة يد بحجم شنطة سفر.
فأعود وأتوجه إلى السماء سائلة: يا رب، مين الصح ومين الغلط؟
Leave a Reply