مريم شهاب
من قصص الأطفال الجميلة، التي تحبها حفـيدتي ميّا (٨ سنوات)، ولا تمّل من سماعها قصة ليلى والذئب. تعجبها ليلى، البنت الصغيرة، الضعيفة نوعاً، كيف إستطاعت التغلب على الثعلب الماكر الجائع، وتخليص جدتها المريضة منه ولم تدعه يأكلهما معاً.
فـي إحدى المرات علقت ميا، على القصة قائلة: «اليوم ليلى معها سلفون، يمكنها من الإتصال بأهلها لمساعدتها. وربما عندها بيسكلات أو سلايدر، تستطيع الفرار من الثعلب بسرعة لتنقذ جدتها التي لا تملك تلفون مثلك يا تاتا».
كنت من خلال سرد الحكاية لميّا، أحاول أن أشجعها على عدم الخوف من الغريب ولا تبكي بهلع عندما تتعرض لخطر ما، حتى ولو كان معها سلفون أو آي باد.
ليلى فـي هذه الأيام، تخاف من السير على رصيف الطريق العام، فكيف تمشي فـي الغابة؟ وليلى الآن، تذهب بالسيارة للمدرسة وتعود بالسيارة بعدما توقع أمها إستلامها. ليلى لا تستطيع الذهاب وحدها إلى الدكان لشراء ربطة خبز، كل شيء متوفر فـي البيت. لكن تفتقد متعة الخروج من البيت وإلقاء التحية على دكنجي الحي، لأن الذئاب البشرية أشرس من ذئاب الغابة.
القصة الجميلة الأخرى التي تحب سماعها ميا، هي قصة «ثياب الإمبراطور الجديدة». حيث أعجبها الطفل فـي الحكاية عندما كان يراقب موكب الإمبراطور العاري وهتف ضاحكاً: «ههههه .. الإمبراطور لا يرتدي شيئاً».
إن حكاية «ثياب الإمبراطور الجديدة»، تمتلك من قوة الدهاء وسطوة الخديعة ما يجعلها صورة مجازة لما يجري ويحصل فـي أنحاء العالم، حيث الحقيقة عارية وواضحة، لكن لا يجرؤ أحد على قولها. وتتحدث الحكاية عن أمبراطور سفـيه يعشق الملابس الجميلة يبذر أمواله وأموال شعبه على ثيابه الفاخرة.
فـي أحد الأيام وصل إلى قصره محتالان. أخبرا جميع الحاضرين بأنهما حائكان يستطيعان حياكة أفخم الثياب وأجملها، وبألوان وتصاميم رائعة، من قماش يتسّم بخاصية تجعله غير مرئي من قبل إثنين: وزير لا يصلح لمنصبه أو رجل شديد الحماقة!
فكر الإمبراطور بتنفـيذ تلك الفكرة الرائعة وأمر بتفصيل ملابسه من قطعة القماش تلك، حيث سيكون بوسعه أن يعرف أي القادة الذين يعتمد عليهم والقادة الغير صالحين لمناصبهم، ويعرف أيضاً ذوو الحماقة الذين لا دواء لهم.
وهكذا أعطى المحتالين مالاً كثيراً وأمرهم إلى البدء فـي العمل فوراً.
ولمتابعة سير العمل، أرسل الإمبراطور رئيس وزرائه الوفـي، ليرى بنفسه ما يفعله الحائكان ويحكم شخصياً على صلاحية القماش. وعندما دخل رئيس الوزراء الغرفة حيث يعمل الحائكان يعملان وشاهد بعينيه النول الخالي. فكر قائلاً: «لتحفظني الآلهه!». «إنني عاجز عن رؤية أي شيء!» لكنه رجع إلى الإمبراطور وهو يعدّل نظارتيه قائلاً له «إنها قطعة قماش جميلة».
عندها قرر الإمبراطور أن يرى القماش بنفسه، فسار ومعه أبرز الشخصيات فـي الإمبراطورية، ووجد الحائكان منهمكين فـي العمل على النول الخالي وقال لنفسه:«ياللهول!! لا أستطيع أن أرى شيئاً ما هذه الكارثة؟»
ثم صاح بصوت عال: «إن القطعة بالغة الجمال، إنني راضٍ عنها كل الرضى». فنصحه الوزراء بأن يفصِّل له من القماش وتخاط منها الملابس الرسمية، ليرتديها فـي الموكب خلال الإحتفالات الكبرى المقبلة.
وأخيراً أعلن المحتالان أن «ثياب الإمبراطور الجديدة أصبحت جاهزة».
ولدى مجيء الإمبراطور يوم الإحتفال، تصرف المحتالان على نحو يوحي بأنهما يلبسانه قطع الثياب، وعندما سار فـي الموكب كانت الجماهير تهتف إعجاباً بجمال وإناقة ملابسه.
لم يكن ثمت من هو مستعد للإقرار بأنه لم يكن يرتدي شيئاً، غير أن طفلاً كان يراقب الموكب هتف قائلاً «الإمبراطور عاري، الإمبراطور يسير بلا ملابس».
عندها تهامس الناس فـيما بينهم مرددّين ما قاله الطفل وصاحوا: «إنه عار! إنه عار!»
ميّا، كانت تقول لو كانت هي ذلك الطفل لضحكت على الإمبراطور وعلى من حوله كثيراً. وصورته بواسطة الأي فون ووضعتها على الفـيسبوك ليضحك العالم كله على الإمبراطور الذي نراه شخصياً فـي ثوب الذئب.
Leave a Reply