تجرأت الاعلامية «القواتية» مي شدياق بكل جرأة برنامجها على الجالية اللبنانية في ميشيغن وفي ديربورن تحديداً، فاستحقت «التنويه» كونها اعلامية ذي توجه سياسي صرف يعرفه الداني والقاصي، استطاعت التستر خلف قناعها الاعلامي الذي من المفترض ان يلزمها الحياد الذي تدعيه في برنامجها، وان تخترق من خلاله صوت الجالية اللبنانية في ميشيغن محاولة تقزيمها ورسمها على الصورة التي تتمناها، صورة القوات اللبنانية والكتائب وتيار المستقبل، وقد بدى ذلك واضحاً في حلقة «بكل جرأة» الثلاثاء الفائت من خلال القاعة المقتظة بالضيوف المستقدمين من كل حدب وصوب ومن لون سياسي واحد هو «14 اذار» باستثناء القلة القليلة جداً والتي لا تتعدى الثلاثة اشخاص على ابعد تقدير من الذين لا ينتمون الى ما يسمى بـ«ثورة الارز».لا تكف مي شدياق ارضاءاً لشوفينيتها عن ملاحقة عدوها اللدود حزب الله، وهو غالباً الميزة التي تدبغ برنامجها وتعطيه دفعاً وحيوية يتفاعل معها الضيوف الذين غالباً ما يكونون من توجه سياسي واحد، حيث يدور المزاد العلني «بكل جرأة» من يزايد في حدة خطابه، من يهاجم حزب الله اكثر، من يهاجم حسن نصرالله اكثر، من يدعو الى نزع سلاح المقاومة، من يهاجم الجنرال عون، يكون ضيفها الاحب على قلبها.تبحث مي شدياق عن حزب الله في ديربورن، بمعنى آخر تريد ان تشير مي شدياق بالبنان الى التجمع اللبناني الشيعي في ديربورن على انه ينتمي الى حزب الله المحظور في الولايات المتحدة والموضوع على لائحة الارهاب الاميركية. فماذا تريد ان تقول الاعلامية القواتية مي شدياق هذه المرة؟ ان حزب الله يختبئ خلف حركة امل وبالتالي حظر حركة امل في الولايات المتحدة الاميركية؟ ام هالها هذا الوجود اللبناني الشيعي الضخم في مدينة ديربورن ومحيطها مع علمها المسبق بأن غالبية الشيعة في لبنان يؤيدون حزب الله، فأرادت قرع ناقوس الخطر والتحذير من هذا الوجود في ديربورن وهي تعلم اكثر من غيرها، بأن حزب الله، لا يملك تنظيماً في الخارج ولا في الولايات المتحدة، وهي تعلم بأن السواد الاعظم من الجالية اللبنانية الشيعية في ديربورن لا يقبل ايديولوجيات حزب الله وادبياته السياسية، انما ينظرون اليه على انه مقاومة دحرت الاحتلال الاسرائيلي وحررت قراهم من هذا المحتل. مهما حاولت الاعلامية القواتية مي شدياق ان تظهر الحياد المهني الذي تفرضه عليها الاصول والضوابط المفترض اتباعها، فإنها تبقى اسيرة شوفينيتها المارونية اولاً ثم «القواتية» وبعدها اللبنانية. لا يمكنها الخروج من شرنقة القوات اللبنانية، ولا بأي شكل من الاشكال هضم الجنرال ميشال عون والتيار الوطني الحر وكل من ينتمي اليه، ولو عن بعيد بواسطة قميص برتقالي ارتداه احد «الهواة» للحالة العونية، فتعرفت السيدة شدياق الى هويته، قاطعته ساخرة بإثارة الضحك من كلامه الذي بدأه بالحديث عن ما كان يفعله في لبنان وما اتى يفعله هنا وحجم المضايقات التي تعرض لها فقط لانه لبناني، في معرض الرد على مقولة بأن الرئيس بوش ساعد لبنان. فسارعت بديهة الاعلامية المتميزة والفذة والتي وقعت في عثرة نسيان او تناسي اسم اهم ضيوفها، اسامة السبلاني، الى الرد الفج على الطالب البرتقالي بالرحيل عن هذه البلاد اذا كان يتعرض لمضايقات، ثم عاجلته بالسؤال القاضي الذي على ما يبدو يفوق قدرة الشاب اليافع على الاجابة عليه، وهو عن كيفية الموافقة بين قانون محاسبة سوريا الذي اقره الرئيس بوش وزيارة الجنرال عون الى سوريا، وهي تعلم بأن هكذا سؤال يقتضي على الاقل بأن تدعو احد مسؤولي التيار الوطني الحر في اميركا للاجابة عليه. الا ان مهمتها التبشيرية التي اوكلتها اياها القوات اللبنانية من اجل حث مسيحيي الاغتراب على النزول الى لبنان والاقتراع لصالح القوات والتحذير من الخطر العوني الداهم، منعتها من ذلك ودفعت بها الى نقض الاتفاق الذي جرى قبل تصوير الحلقة، والذي كان ينص على حصر الحلقة بين اربعة ضيوف: اسامة السبلاني وسالم سلامة من جهة واثنان من الجهة الاخرى (القوات اللبنانية الكتائب وتيار المستقبل). الامر الذي وضع السبلاني امام فكرة الانسحاب التي عدل عنها في اللحظة الاخيرة كي لا تخلو الساحة لاهواء البعض من الحاضرين وممن يعتبرون انفسهم بأنهم صوت الجالية اللبنانية.وهنا في خصوص الجالية اللبنانية لابد من الاشارة الى موضوع في غاية الاهمية، موضوع المشاركة في دورة الحياة العامة التي هي حق لكل فرد مهما عظم شأنه او هان. فتقدم المجتمعات هو رهن بالطاقات والمجهودات التي يبذلها الافراد في سبيل الصالح العام ضمن الجماعة التي ينتمون اليها، فما بالك لو كانت الجماعة متواجدة خارج حدود الوطن وفي ظروف بالغة الدقة وشديدة الحساسية كما هو الحال بالنسبة للجالية اللبنانية في ميشيغن، الامر الذي يفرض مزيداً من تكاتف الجهود وتجميع القوى لتشكيل قوة ضاغطة تؤمن حقوق الجالية وتساهم في خدمة لبنان، سيما وان الولايات المتحدة هي عاصمة القرار في العالم، الامر الذي يجعل العمل فيها مسألة بالغة الاهمية للمهتمين بشؤون الوطن وشجونه. غير ان تكاتف الجهود وبذل قصارى الطاقات يفترض بداية تنقية الجماعة العاملة من الشوائب الداخلية التي تحول دون تقدم العمل وتقف عقبة كأداء في وجه كل تطور ونمو، وعليه فإن العمل السياسي يفترض اجراء تنظيف افراد الجماعة السياسية كي لا يتواجد من يفسد فيها ويقوض دعائم العمل الجماعي او السياسي. ويمكن ان نستغل الفرصة هنا ونأخذ حلقة «بكل جرأة» التي سجلت في مدينة ديربورن مثالاً نطل منه على واقع بعض العاملين في الشأن العام ومستوى فهمهم وتقديرهم لمصلحة الجالية بشكل عام ومصلحة الوطن الام الذي ينتمون اليه. فلنعرض النماذج التالية:رجل يجلس في الصف الاول على اعتبار انه ينتمي الى النخب السياسية الفذة، يقول بكل بساطة بأن حزب الله اخترق الخط الازرق وخطف جنديين اسرائيليين، قامت اسرائيل بالرد ودمرت الجنوب وقتلت 1200 بشري وبالتالي فإسرائيل بريئة ومعها كل الحق بقتل تلك المخلوقات الدخيلة على الوطن وحزب الله هو المذنب وهو من يتحمل مسؤولية هذه الجرائم. يصفق له بعض الحضور بحرارة على مشاعره الوطنية النبيلة!رجل ولكن هذه المرة لا يجلس في الصف الاول، (لاحظ هنا الفرق بمستوى التفكير بين الصف الاول والثاني او الثالث او السابع) يريد الانتخاب في الاغتراب ويحتج على التغيير المزمع لنائب منطقته في العرقوب دون الرجوع اليه، ثم يفصح عن انه لم يزر لبنان منذ 25 عاماً.وثالث من الصف الاول يعرف عن نفسه بأنه من تيار المستقبل ثم يضيف بأنه من شبعا مع تحريك عينيه للدلالة على ثقته بانتمائه اشارة الى الرسالة التي يريد ايصالها (وهي غير تلك التي قالها بأن ماكينة المستقبل الانتخابية قد بدأت عملها في الخارج وهي مستعدة لدفع العرابين من الآن) كونه يمثل شبعا المحتلة مزارعها وينتمي الى تيار المستقبل وبالتالي هو صاحب الحق في ان يقاوم او لا يقاوم المحتل وصاحب الحق في بت امر سلاح المقاومة.على الواقف يتكلم رجل مجهول الهوية، يعرف عن نفسه بأنه ينتمي الى تيار المستقبل، ثم يخلع على نفسه لقباً بأنه رئيس نادي احدى القرى الجنوبية. حسناً، ماذا يعني ان تكون رئيس نادي فكاهي لقرية لا يهتم اعضاؤه سوى بإقامة حفلة عيد الميلاد كل سنة. هل يخولك ذلك ان تتعاطى السياسة وهل تعتقد بأن لقب رئيس يضفي عليك مزيداً من الفهم والاحترام؟! وهل يوضح هذا اللقب كلامك المتذبذب الذي لم يفهم منه شيء.على الجالس هذه المرة يخرج رجلاً متباهياً بجرأته وهو يؤكد بأن الجالية كلها بقدها وقديدها تعرف جرأته. تكلم بكلام جميل و«حكي زين» كما يقال بالعامية. أنّب المسؤولين اللبنانيين على ما فعلوه بالجاليات اللبنانية في الاغتراب، اطلق صرخة مدوية عبر الفضاء، فقد هاله ان لبنان قد خسر الملايين من الاطفال والمليارات من اقتصاده ومن طاقاته البشرية، يا للهول! فكيف اذا عرفتم بأن نفس المتكلم هو فار من وجه العدالة اللبنانية، وهو محكوم بالاعدام المخفف للاشغال الشاقة المؤبدة في لبنان، وقد فر من السجن هو واخوته المحكومون بالاعدام ايضاً عندما فتحت السجون إبّان الحرب اللبنانية في منتصف السبعينيات، متوجهاً الى الولايات المتحدة الاميركية هرباً من وجه العدالة.والسبب بسيط فقد تشارك الاخوة في قتل احد رفاقهم على مرأى ومسمع الناس وفي وضح النهار رمياً بالرصاص الحي القاتل. والقاتل وجه من وجوه الجالية الكريمة يصول ويجول في كل مناسبة وعند كل استحقاق بلدي او قضائي او اجتماعي. يتأسف على الارواح اللبنانية التي ازهقها المسؤولون اللبنانيون متناسياً المأساة التي خلفها هذا الشقي واخوته لطفل كان لم يولد بعد عندما قتلوا والده بدم بارد. وينبؤنا بأنه سينزل الى لبنان وقت الانتخابات وسيستخرج «سجل عدلي»، لماذا سجل عدلي؟ ربما لانه استطاع بالرشوة والمحسوبية تنظيفه من «مجرم محكوم مؤبد» الى «لا حكم عليه». بعد مرور اكثر من ثلاثين سنة على الجريمة النكراء.نعود الى الصف الاول، وكنا قد اشرنا الى ان مستوى الفهم والذكاء يتفاوت بين الاول وما بعده، ولكن لكل قاعدة استثناء والاستثناء هنا هذا الرجل الذي ظل فترة يحلم بأن يشاهد قناة «ال بي سي» في اميركا واصبح الحلم حقيقة، وهو الآن يحلم بأن يتمكن من الاقتراع في اميركا من غير ان يجهد نفسه ويزور لبنان. نتمنى في يوم من الايام ان يتحقق حلمه المزدوج ويتمكن من الاقتراع مباشرة على الـ«ال بي سي» كما يقترع محبي الـ«ميشين فاشن» لمرشحهم المفضل.
Leave a Reply