بيروت – عماد مرمل
مع هبوب رياح الارهاب على لبنان، باتت المخيمات الفلسطينية «تحت المجهر» الأمني، فـي ظل مخاوف من «خلايا إرهابية» كامنة، قد تستيقظ فـي أي لحظة، على إيقاع ما يحدث خارج المخيمات.
وإزاء هذه الهواجس، بادرت الفصائل الفلسطينية فـي مخيم عين الحلوة مؤخرا الى تشكيل قوة أمنية مشتركة تولت الانتشار فـي المخيم، للحفاظ على الامن وضرب أي محاولة للعبث به، وذلك بتفاهم سياسي مع الدولة اللبنانية، وبتنسيق تفصيلي مع مخابرات الجيش.
ومن المعروف ان «عين الحلوة» هو من أكبر المخيمات فـي لبنان واكثرها حساسية، بفعل اكتظاظه السكاني وازدحامه بالتنظيمات المسلحة، علما ان القلق نابع بشكل أساسي من وجود بعض المجموعات السلفـية والرموز المتطرفة، والتي يمكن ان تكون منتجة او حاضنة لأعمال إرهابية.
وعلمت «صدى الوطن» أن القوى الفلسطينية تحاول تعميم تجربة «عين الحلوة» على غيره من المخيمات، لكن الجهات الامنية الرسمية فـي لبنان ليست متحمسة حتى الآن لهذا الطرح، خشية من تثبيت او شرعنة نظرية الامن الذاتي الفلسطيني فـي المخيمات.
ويكشف نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني تيسير قبعة فـي حوار مع «صدى الوطن» عن وجود معسكرات تدريب لمقاتلين فلسطينيين، خارح المخيمات الفلسطينية فـي لبنان، مشيرا الى ان هذه المعسكرات قائمة بالتعاون والتنسيق مع الدولة اللبنانية الشريكة فـي كل التفاصيل المتعلقة بهذا الملف.
ويوضح ان قوائم بأسماء المتدربين سُلمت الى السلطات المختصة فـي الدولة التي اعترضت على بعض الاسماء، لافتا الانتباه إلى ان المقاتلين الذين يخضعون لدورات فـي المعسكرات ينتمون الى فصائل منظمة التحرير وقوى «التحالف».
ويشير الى ان الهدف من هذه المعسكرات هو تعزيز قدرات الامن الفلسطيني داخل المخيمات، لتأمين حمايتها، ومواجهة أي مظاهر متطرفة قد تشكل تهديدا لها، وذلك بالاتفاق مع الدولة اللبنانية وليس على حسابها.
ويشدد على رفض جعل المخيمات فـي لبنان ممرا او مقرا لأي مجموعات ارهابية، ربما تريد استهداف أمن المخيمات او الجوار اللبناني، موضحا ان الاطراف الفلسطينية الاساسية تلتقي على ضرورة مواجهة الخلايا المتطرفة ومنعها من جرنا إلى أي صراع مع الدولة اللبنانية.
ويؤكد أن الأمن اللبناني هو من الأمن الفلسطيني والعكس كذلك، وبالتالي فإن المعركة ضد الارهاب واحدة، مشددا على أن أي مطلوب للسلطات اللبنانية نسلمه لها، فور القبض عليه، ونحن متعاونون إلى أقصى الحدود فـي هذا المجال. وأبعد من الساحة اللبنانية، يعتبر «قبعة» أن ما يجري فـي المنطقة يهدف على المستوى الاستراتيجي إلى ضرب محور المقاومة الممتد من لبنان مرورا بسوريا والعراق وانتهاء بإيران.
ويرى أن الحرب العالمية التي شُنت على سوريا لضرب تاريخها وحضارتها، وإطلاق العنان لـ«داعش» والتكفـيريين الآخرين فـي العراق وسوريا، ومحاولة إشعال النار فـي لبنان عبر عرسال أو الشمال.. كل ذلك يرمي فـي نهاية المطاف الى ضرب روح المقاومة التي تشكل القاسم المشترك بين الدول المستهدفة، وبالتالي تضييق الحصار على إيران وتأديب الروس.
ويتهم نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني واشنطن بإنشاء «داعش»، بتواطوء مع مساعديها العرب، فـي محاولة لتفتيت المنطقة وإغراقها فـي صراعات جانبية، لا تستفـيد منها سوى اسرائيل والولايات المتحدة.
وبرغم كل محاولات الفرز المذهبي، يؤكد قبعة أن «حزب الله» بالنسبة اليه ليس لبنانيا أو شيعيا فقط بل هو حزب الامة العربية كلها، لافتا الانتباه الى ان تحريك النعرات المذهبية فـي العالمين العربي والاسلامي لم يؤثر على قناعة الفلسطينيين فـي أن «حزب الله» هو نموذج للمقاومة ضد العدو الاسرائيلي، ومن لديه أي التباس على هذا الصعيد ما عليه سوى ان يجول فـي أنفاق غزة.
أكثر من ذلك، يرى قبعة ان مشاركة «حزب الله» فـي القتال على الارض السورية هي مشروعة، بل أن الحزب تأخر فـي الذهاب الى هناك، ملاحظا ان مسلحين من كل الجنسيات أتوا إلى سوريا برعاية من بعض الدول لمحاربة النظام المتمسك بخيار المقاومة، فلماذا لا ترسل كل الجهات العربية الملتزمة بالنهج العروبي والمقاوم مقاتلين أيضا للدفاع عن هذا النهج الذي يراد إسقاطه هو، لا النظام بحد ذاته، ولماذا يبادر اصحاب المشروع الآخر الذي يهدد هويتنا ودورنا الى تجنيد مقاتلين من كل أصقاع العالم لخوض هذه الحرب، بينما لا يبادر العرب المعادون لاسرائيل الى حماية مشروعهم عبر ارسال المقاتلين، تماما كما فعل الحزب.
وينبه إلى أن من بين أهداف الحرب على سوريا تهميش القضية الفلسطينية ووضعها على الرف، من خلال استنزاف الاطراف الداعمة لهذه القضية العادلة، أي النظام السوري و«حزب الله» وإيران والعراق.
والواقع الفلسطيني، كان موضع نقاش خلال زيارة قام بها مؤخرا رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمدالله، على رأس وفد، إلى بيروت حيث التقى عددا من المسؤولين وبحث معهم فـي المستجدات الاقليمية ووضع المخيمات ومسار الامور فـي الاراضي المحتلة ومستقبل العلاقة بين السلطة وحركة حماس.
وأشارت المعلومات ان الوفد سمع من مستقبليه كلاما واضحا يدعو الى تمتين الوحدة الداخلية وتغليبها على كل الخلافات التي لطالما مزقت الصف الفلسطيني.
وتوجه مرجع رسمي كبير فـي الدولة اللبنانية الى رئيس الحكومة الزائر بالقول «كان يكفـي ان يحصل لقاء بين السلطة وحماس فـي غزة حتى تبدي اسرائيل انزعاجها الشديد، لان العدو يعلم ان الوحدة الفلسطينية هي السلاح الأمضى فـي مواجهته». ودعا المرجع اللبناني حركة فتح بإعتبارها التنظيم الام, الى الدفع فـي اتجاه تجاوز الخلافات الفلسطينية وحشد كل الطاقات والجهود فـي مواجهة الخطر الاسرائيلي، لاسيما ان الاستيطان الصهيوني مستمر فـي الضفة الغربية المحتلة، مؤكدا ضرورة إعادة الاعتبار الى القضية الفلسطينية، وتصويب البوصلة، لانه عندما أضعناها تفرقنا وانزلقنا الى الانقسام المذهبي وصراع عراقي – عراقي، وسوري – سوري، وفلسطيني – فلسطيني، ويمني – يمني، وليبي – ليبي، وبالتالي فإن فلسطين وحدها قادرة على ان تجمعنا من جديد.
Leave a Reply