معروف عن نائب منطقة الشوف نعمة طعمة أنه مقرب إلى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط وصديق للرئيس نبيه بري الذي ساهمت أصوات مناصريه خلال الانتخابات النيابية الماضية في فوز طعمة بالمقعد النيابي لولاية جديدة.
لكن الأهم في سيرة طعمة أنه رجل أعمال من «الوزن الثقيل»، وهو يملك شركات عدة من أبرزها شركة «المباني» المتخصصة في تشييد البنى التحتية وتنفيذ مشاريع بناء، خصوصاً في خارج لبنان، وتحديداً في السعودية وقطر، حيث يبلغ مجموع العاملين فيها قرابة 27 ألف موظف.
أما في لبنان، فهناك قصة أخرى يرويها الرجل بمرارة بعدما اختبر شخصياً ما يجري في دهاليز الإدارة والصفقات، حيث يتم تلزيم المشاريع وفق استنسابية أصحاب القرار الذين يتقاطعون مع أصحاب المصالح.
وزراء شبعانين
انطلاقاً من خبرته، يقول طعمة لـ«صدى الوطن» إن المطلوب «وزراء شبعانين» في الحكومة الجديدة، «لاسيما أن هناك من يدخل إلى السلطة بوضع مادي عادي ويخرج ببحبوحة».
ويؤكد في هذا الصدد أنه قلق على الوضع الاقتصادي في البلد، مشدداً على أن هناك تقصيراً فادحاً في الإدارة اللبنانية، لكنه مع ذلك يرفض تشكيل وزارة للتخطيط، «لأن كل وزير يرمي خطط الوزير السابق ويبدأ بخطط جديدة تحمل بصمته، وحينها تبقى المشاريع كلها حبراً على ورق»، موضحاً أنه يؤيد استحداث هيئة وطنية للتصميم تتكون من القطاعين العام والخاص وتقترح جميع الحلول التي يحتاج إليها لبنان.
يرى طعمة أن لبنان بحاجة ماسة حالياً إلى انتظام الكهرباء التي تشكل شرطاً أساسياً من شروط الاستثمار، معلناً عن أن شركاته في السعودية تعمل على بناء 4 محطات كهرباء بقوة 2200 ميغاوات للواحدة، متوقعاً أن يستغرق بناء المحطة الواحدة سنة ونصف السنة.
ويؤكد أنه قادر على بناء معمل لانتاج الكهرباء على حسابه الخاص، من شأنه أن يؤمن الطاقة لكل لبنان، وبعدها نستحصل على الثمن من بيع الكهرباء إلى الدولة، لافتاً إلى أنه يعمل أصلاً في هذا المجال مع شركة «سيمنز».
ويعتبر أن لبنان لم يحسن استقبال شركة «سيمنز»، كما أنه لم يتم الاستماع إلى اقتراحاتها المقدمة شفهياً، بل تم في بادئ الأمر رفض اقتراحها بإعداد دراسة مجانية حول وضع الكهرباء في البلد، قبل أن يعود وزير الطاقة ويجتمع مع مديرها بعد الضجة التي حصلت.
تجارب شخصية مريرة
يكشف طعمة عن تجربة مريرة خاضها مع الدولة، حين دفع لها في العام 1994 مبلغ 10 ملايين دولار، في إطار الإجراءات التمهيدية لتلزيمه مشروع تحسين واجهة قضاء المتن المطلّة على البحر، «إلا أنهم ما لبثوا أن سحبوه مني فجأة، والأغرب من ذلك انني لم أسترد المال الذي دفعته، حتى الآن، على رغم أنني ربحت دعاوى قضائية عدة في هذا الشأن»، مشيراً إلى أنه استنتج أن من الصعب أن يضمن أحد حقه مع هذه الدولة، «والخطورة في ذلك تكمن في أن هذا السلوك يؤدي إلى نفور المستثمرين وترددهم بتوظيف أموالهم في لبنان».
ويشير إلى تجربة مريرة أخرى في ملف الاتصالات، حيث عمل على إنشاء شركة الاتصالات الخلوية في لبنان «ليبان سل»، وبعدها تم أخذها من قبل آل دلول.
ويروي طعمة تفاصيل عن عمله في السعودية، موضحاً أن شركته تتولى حالياً بناء «مترو» تحت الأرض في الرياض بالتعاون مع شركة «سيمنز» بقيمة 10 مليارات دولار، ضمن مهلة خمس سنوات، بقيت منها سنتان. كما يشير إلى أن شركته تتولى كذلك بناء سبعة مطارات عسكرية في السعودية.
ويوضح أنه سبق له أن قدم اقتراحات عدة لتنفيذ مشاريع حيوية في لبنان إلا أنه لم يؤخذ ببعضها وجرى تعطيل بعضها الآخر، وأحدها يتعلق بمد أقنية للصرف الصحي من بيروت إلى الضبية مع محطات لتكريرها في برج حمود، «لكن بعد الانتهاء من بناء الأقنية، لم يتم تركيب محطات التكرير، ولاحقاً جرت سرقة المعدات للأسف».
ويلفت طعمة إلى ما سمعه من مدير شركة «باكتل» العالمية للبناء، «إذ أبلغني صراحة إنه يربط موضوع الاستثمار في لبنان بصحة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وقال لي بوضوح إنه يخاف أن يخسر استثماراته إذا حصل شيء للحاكم».
ويشير طعمة إلى أنه قدم عرضاً لربط مدينة بيروت بالشمال والجنوب عبر توسعة الطرقات، «وكذلك اقترحنا تشييد نفق تحت الأرض من خلدة إلى مستديرة الصياد، على أن يتم وصله بالأوتوستراد السريع الذي يمتد من المرفأ إلى جونية، وهذا المشروع هو على نفقة المطور الذي يأخذ حصته من الأرض المردومة في البحر».
كما يشير إلى مشروع آخر كان يتمنى تنفيذه ويتمثل في إقامة خطوط سكك حديد، تربط بيروت بزحلة والجنوب والشمال، حيث يمكن للقطار أن ينقل الركاب والبضائع والشاحنات، «الأمر الذي يؤدي إلى تخفيف زحمة السير وكلفة النقل، وهذا المشروع هو أيضاً على حساب المطوّر، أي شركتنا، من دون أن تدفع الدولة قرشاً واحداً».
وبحسرة، يختم طعمة قائلاً: للأسف كل هذه المشاريع لم تطبق، بعدما ضاعت في أنفاق الدولة حيث تسود الحسابات الضيقة والمحسوبيات النافرة.
Leave a Reply