انتهت المناظرة الأخيرة بين مرشحَي بلدية ديترويت، الشريف الحالي لمقاطعة وين، بيني نابوليون، والمدير التنفيذي السابق لـ«مركز ديترويت الطبي» مايك داغن بمواجهة حادة تخللتها حوارات ساخنة وجدل حول اهمية كل مرشح لتحقيق مستقبل واعد للمدينة التي تقف على شفير الإفلاس المالي.
وتم بث المناظرة التي حاول نابليون فيها قلب الطاولة على داغن، من ستديو محطة «أي بي سي» المحلية (القناة ٧) التلفزيونية، يوم الثلاثاء الماضي، في 29 تشرين الأول (أكتوبر)، وقد تولى إدارة النقاش الإعلامي تشاك ستوكس، فيما أُتيح لسكان ديترويت المشاركة في طرح الاسئلة من متحف «تشارلز رايت» حيث تجمع المئات هناك لمشاهدة المناظرة عبر شاشة عملاقة.
ومنذ البداية طرحت معضلة وصف ديترويت بالمدينة «الاخطر في البلاد»، ووجه ستوكس السؤال للمرشحَين عن مبادرتيهما لاحداث التغيير، فقال داغن إن تأخر استجابة الشرطة للطوارئ في المدينة هو المشكلة الرئيسية وراء الارتفاع المريع لنسبة الجريمة، وطرح مسألة وضع قوات الشرطة في شوارع المدينة بدلاً من المكاتب.
أما نابوليون، ذو الخبرة الأمنية الواسعة، فقد انتقد أسلوب داغن في التفكير معتبراً مقاربته غير صائبة، وقال «بدل التركيز على تحسين إستجابة الشرطة للجرائم من الأنجع أن نبدأ بمكافحة الجريمة»، لافتاً الى المبادرة الأمنية التي أطلقها بهذا الخصوص باسم «مبادرة الميل المربع الواحد» التي تستوجب وجود دورية شرطة في كل ميل مربع بالمدينة. وأشار نابليون الى أنه عندما خدم كقائد للشرطة في ديترويت تمّكن من خفض الجريمة وقتها بنسبة 30 بالمئة.
النقاش تواصل بين المرشحين حول سؤال يتعلق بتحسين نوعية الحياة في ديترويت، فأشار داغن الى ضرورة التخلص من البيوت المهجورة وتوفير انارة عامة في الشوارع، معتبراً أن غياب هذين العاملين يسبب قلقاً له رغم ان المقاطعة اعلنت مؤخرا عن طرح خطة لإعادة إنارة بعض الشوارع في غضون خمس سنوات. لكن داغن قال «إن هذا غير كاف»، وأضاف «علينا أن نضيء الشوارع من جديد لاننا لا نستطيع أن نحيا وسط الظلام وعلينا محاسبة فرق الصيانة». أما البيوت المهجورة فأعلن داغن أنه سيسعى لدفع البلدية الى شراء هذه البيوت وإسكان العائلات المحتاجة فيها، وأشار الى فترة خدمته في مقاطعة وين منذ 1987 وحتى 2001 حيث قام بإسكان 30 الف عائلة في بيوت مهجورة بأنحاء المقاطعة.
نابوليون انتقد مجدداً كلام داغن مشيراً الى أن لا صلاحية لدى رئيس البلدية على معالجة قضية إنارة الشوارع أو الاستيلاء على البيوت غير المأهولة، لأن صلاحية وتفويض هذا الأمر موكل الى حكومة المقاطعة.
لكن داغن أعرب عن «ذهوله» لجواب نابوليون لافتاً الى أن رئيس البلدية من ضمن صلاحياته تعيين ثلاثة الى خمسة افراد في «مصلحة الانارة العامة»، واعداً الناخبين في حال انتخابه أن يقوم بذلك. الا ان المرشحين لم يختلفا على كل شيء، فكلاهما وافق على أن أولوياتهما الاساسية ستكون اعفاء مدير الطوارئ المالي كفين أور من واجباته بحدود نهاية العام 2014، كذلك اتفقا على كيفية مساعدة الأطفال في الأحياء عن طريق بناء ملاعب لهم وخلق نشاطات بعد المدرسة لمنعهم من التسيّب في الشوارع.
وحاول نابوليون تذكير الحضور مرات عديدة أن لديه سجل حافل مع البلدية وان ابنته تخرجت من مدارس ديترويت العامة وكذلك كل ابناء وبنات اخوته واخواته حضروا مدارس ديترويت وانه يتفاعل ويتعامل يوميا مع مواطني المدينة ويعرف معاناتهم.
وردا على سؤال عما اذا كان اي من المرشحين سيسمح لكفين أور بالقيام باقتطاع رواتب المتقاعدين، قال داغن ان 2 مليار من عجز موازنة ديترويت البالغ 12 مليار دولار، سببه الرواتب التقاعدية. وأضاف أنه قادر على إزالة العجز في الموازنة من دون التعرض للرواتب التقاعدية كما فعل خلال ترؤسه لـ«مركز ديترويت الطبي» الذي كان ايضا على حافة الافلاس قبل تولي داغن إدارته.
إلا أن نابوليون بادر فورا الى الهجوم على سجل داغن قائلا إن انجازاته في «المركز الطبي» كانت «تخيلات» متهما اياه بالتورط في تزوير القروض وتسريح الآلاف من وظائفهم ودفع رواتب لموظفين «اشباح» وزيادة راتبه هو. ومرة ثانية، أبدى داغن صعقة لهجوم نابوليون قائلا: «أنا لا اصدق أنك قلت هذا عني فعلا… هناك اشياء سوف تندم عليها عندما تنتهي هذه الحملة الانتخابية».
الا ان نابوليون استمر في هجومه الكاسح حتى بيانه الختامي الذي قال فيه إن الاعلام لم يكن عادلا في تغطية حملته الانتخابية حيث يصور الامر وكأن داغن سيصبح الرئيس المنتخب لبلدية ديترويت، وأردف: «لقد نسي الاعلام كل ما كتبه عن مايك داغن من ناحية التزوير والرشوات والارتزاق غير المشروع والعقود من دون مناقصة والموظفين الاشباح، مايك غير مناسب لديترويت والشركات الكبرى والاموال الطائلة هي اليوم وراء هذا السباق وهم يحاولون اقناعكم ان هذا أفضل لكم الا ان الحقيقة انهم لن يقدروا على شراء أصواتكم وانا اعتقد ان اصواتكم ليست للبيع. هذه دعاية ضخمة ويريدونكم أن تبقوا في البيوت ولا تخرجون للتصويت». وردّ داغن على كلمة نابوليون الختامية بعد المناظرة بأن خصمه أصبح «يائسا» لأن حملته «ليست على ما يرام فيقول أشياءً لا يعنيها وأنا متأكد من أنه سيشعر بالذنب بعد اسبوع أو اثنين».
ومهما قال المرشحان عن بعضهما تبقى الكلمة الفصل لردود فعل الجمهور خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» و«فيسبوك» حيث أجمعت ردود الفعل على أن نابوليون لجأ الى «رشقات رخيصة» بينما ركز داغن اكثر على الإجابة عن الأسئلة التي طرحت عليه.
إلا ان إحدى الحاضرات في متحف «تشارلز رايت» الذي يجسد تاريخ معاناة الأفارقة الأميركيين مع العبودية، جاكلين روس (65 عاما)، لم توافق على ذلك وأبلغت «صدى الوطن» أنها جاءت الى المناظرة كمقترعة غير مقررة لكنها بعد المناظرة قررت دعم نابوليون لانه يبدو اكثر اخلاصا لسكان ديترويت أما داغن فهو «محدود بالبزنس فقط».
وأجرت «القناة ٧» استطلاعا للرأي يومي 24 و26 تشرين الأول الماضي حول نوايا الناخبين يوم الإقتراع، فحصل داغن على تأييد 52 بالمئة مقابل 26 بالمئة لنابوليون فقط.
وفيما يستعد سكان ديترويت لانتخاب رئيس بلدية جديد يوم الثلاثاء المقبل، أظهرت التقارير المالية المقدمة نيابة عن المرشحين المتنافسين على المنصب استمرار تفوق داغن على نابليون، لناحية حجم التبرعات التي جمعت في الفترة التي تلت الإنتخابات التمهيدية الصيف الماضي. وقد تمكن داغن من جمع ٨٢٥ ألف دولار منذ آب (أغسطس)، مقابل 175 ألفاً استطاع جمعها نابليون.
وجاء في التقارير أن داغن، المدعوم من قبل مستثمرين كبار في منطقة وسط المدينة، لا زال بيده 36 ألف دولار لانفاقها على حملته الانتخابية مقارنة بثلاثة آلاف دولار بحوزة نابليون الذي يسعى لتعديل الكفة لصالحة مستنداً على دعم رجال دين مسيحيين ومنظمات شعبية من الأفارقة الأميركيين الى جانب دعم نقابات العمال وسياسيين بارزين في مقدمتهم النائب الأميركي جون كونيورز.
Leave a Reply