آناربر - حلّ الطالبان العربيان الأميركيان أحمد حيدر ونادين جواد ضمن القائمة السنوية لأفضل 12 طالباً فـي «جامعة ميشيغن-آناربر» بحسب صحيفة «ذي ميشيغن دايلي» الطلابية الصادرة عن الجامعة المرموقة التي تضم أكثر من 43 ألف طالب. وتعتمد الصحيفة الجامعية على عدة معايير خاصة لاختيار الطلاب الفائزين، أبرزها: التفوق فـي المجالين الرياضي والأكاديمي، والالتزام بالخدمة المجتمعية، والقدرة على مواجهة المصاعب والصراعات الشخصية.
نادين جواد: مهمة مستحيلة
عندما عرفت نادين جواد أنه باختيارها ضمن قائمة أفضل 12 طالباً فـي «جامعة ميشيغن-آناربر» ظنت أن الأمر مجرد مزحة. قبل أن تقرأ الخبر على صفحات «ميشيغن دايلي» التي عرّفت عن نادين بأنها «عربية، ومسلمة، وتريد أن تصبح طبيبة جراحة، ولديها شغف بالكتب إنها طالبة العام فـي جامعة ميشيغن».
ولكن فوز طالبة السنة الثانية (سوفومور) باللقب لا يبدو مفاجئاً، خاصة إذا ما علمنا حجم النشاطات الطلابية التي قامت بها جواد، والتي كان فـي مقدمتها اشتراكها بتأسيس منظمة طلابية بإسم «كتب ذات فائدة» Books for a Benefit تهدف إلى ترويج القراءة فـي المجتمعات المهددة، وقد توسعت المنظمة سريعاً لتصبح لها خمسة فروع فـي جامعات وكليات ولاية ميشيغن. وانخرطت المنظمة التي ساهمت جواد فـي تأسيسها الجهود المبذولة لمساعدة اللاجئين السوريين ومساعدة طلاب مدارس ديترويت العامة.
وعن علاقتها بالكتب والقراءة، أوضحت جواد أنها كانت شغوفة بالمطالعة منذ حداثة سنها، وقالت: حتى عندما كنت فـي الصف الثالث، كنت أتوسل لأمي لكي تأخذني إلى مكتبة «بارنرز أند نوبل» وأن تشتري لي كتباً.. فقد كانت القراءة هي الوسيلة التي تدفعني إلى التفكير أبعد من المعتاد يومياً.. عندما تقرأ تتعلم الكثير من الأشياء».
جواد التي تركز دراستها على الصحة العامة والوقاية من الأمراض، تطمح بأن تصبح جراحة.. وأن تعمل فـي خدمة مجتمعات محدودة الدخل، وتقول «عندما أصبح جراحة سأحاول تحسين الرعاية الصحية لهؤلاء الناس الأقل حظاً».
ومن هذا المنطلق فإن نشاطها الطلابي فـي حرم جامعة آناربر المرموقة يتمحور حول قضايا العدالة الاجتماعية.
وتنصح -التي تفضل قضاء أوقات الفراغ النادرة مع عائلتها- الطلاب أن يكونوا أكثر صلابة وألا يسمحوا للآخرين بإضعاف ثقتهم بأنفسهم. وتقول: «لا تدع الآخرين يثبطون عزيمتك أبدا، فأنا، لا كعربية ومسلمة وحسب، ولكن كأنثى لطالما سمعت الكثيرين يعلقون على حلمي بأن أصبح جراحة بأنه أمر مستحيل». وأضافت: «إذا أردت تحقيق هدف ما، استمع لأولئك الذين يشجعونك ويدعمونك، واستثمر فـي كل ما هو حولك، من المصادر والشبكات، وفـي آخر الأمر يمكنك تحقيق أي شيء تقرره وتريده».
أحمد حيدر: «النيرد» المرِح
يفاخر الطالب الجامعي حيدر أحمد بأنه طالب مواظب -أو «نيرد»- فهو يقضي ما بين 30 إلى 40 ساعة أسبوعياً فـي المختبر، وهو أمر يمكن أن تشي به فوراً نظارته الطبية السميكة.
حيدر اختير ضمن قائمة أفضل ١٢ طالباً فـي «جامعة ميشيغن-آناربر» للعام الدراسي ٢٠١٥-٢٠١٦، وهو العام الذي تخرج فـيه بشهادة فـي بيولوجيا الجزيئيات (مولكيولر) وبيولوجيا الخليّة.. ورغم صعوبة اختصاصه كان لحيدر بصمته الخاصة فـي الجامعة بحبه للمرح والتمتع بالحياة.
فقد تميّز بروح الفكاهة خلال تدريسه طلاب صفوف الكيمياء، المبتدئين، الذين كان يناديهم بـ«الأطفال» (كيدز) رغم أنهم لا يصغرونه إلا بسنة أو سنتين. ويقول: «لقد اعتدت على تسميتهم بـ«أطفالي».. إنه مجرد سلوك ظريف»!
وقد شارك حيدر فـي وضع دراسة بحثية صادرة عن «جامعة ميشيغن» حول «آثار تعطل أنظمة التخلّص من النفايات داخل الخلية»، ولكن مواظبته على العلم والأبحاث، لم تمنعه من التمتع بملذات الحياة، فهو يعشق الهمبرغر والسفر وكرة السلة.
يثني حيدر على تجربته الغنية فـي «جامعة ميشيغن» التي أتاحت له فرصاً وفـيرة لكي يتعلم ويزيد خبرته، لكنه يؤكد أن الفضل الأول لما وصل اليه، يعود لوالديه.
وأضاف: «إذا سألتني عن عائلتي، فسأقول لك إنني لا أستطيع العيش بدونها، وإنني أشكر والديّ على ما قدماه لي من تضحيات لكي أكون ما أنا عليه الآن» مشيراً الى أن والده الذي هاجر من لبنان وعمل لسنوات طويلة فـي محطات البنزين قبل أن يمتهن الميكانيك ويفتح ورشته الخاصة، عانى كثيراً كي يهيئ لابنه الطريق لمستقبل أفضل. أما والدته التي يصفها أحمد بأنها عماد البيت فلم تكمل دراستها وفضلت التفرغ لتربية أبنائها. «بطريقة ما، أنا أفعل هذا من أجلهما» يقول أحمد.
كما لا يخفـي حيدر امتنانه وحبه للمجتمع الذي نشأ وترعرع فـيه، ديربورن.
«لو كنت قد ترعرعت فـي مجتمع آخر لما كنت الشخص الذي أنا عليه الآن»، ويضيف بأن الروابط الاجتماعية فـي ديربورن أقوى منها فـي مدينة آناربر»، مؤكداً أن «الناس فـي ديربورن يعيشون كعائلة واحدة».
يأمل حيدر بإطلاق برنامج تعليمي لمساعدة طلاب صفوف المرحلة الابتدائية فـي إحدى مدارس ديربورن كنوع من العرفان بالجميل ورده إلى المدينة التي ولد ونشأ فـيها.
الطالبة مريم جلول تلقي كلمة خريجي «هارفرد»: لبنانية مسلمة أميركية من ديربورن .. وفخورة
بوسطن - منذ أربع سنوات نشرت «صدى الوطن» قصة الطالبة العربية الأميركية مريم جلول وطلاب آخرين من ديربورن تم قبولهم فـي جامعة «هارفرد» المرموقة.
اليوم، وبعد أربع سنوات من التفوق الأكاديمي، اختيرت الطالبة جلول لإلقاء كلمة خريجي «هارفرد» فـي حفلها السنوي الـ٣٦٥ الذي سيقام يوم ٢٦ أيار (مايو) المقبل فـي حرم الجامعة بمدينة بوسطن، حيث ستتشارك المنبر مع المخرج الأميركي الأشهر ستيفن سبيلبيرغ إذ سيكون المتحدث الرئيسي فـي الحفل الذي يتمتع بمزيج من الهيبة الأكاديمية والاهتمام الإعلامي.
وكانت الطالبة المتفوقة قد شاركت فـي حفل التخرج الذي أقامته مدرسة «فوردسون» (ديربورن) قبل أربع سنوات حيث تخرجت من المرحلة الثانوية بمعدل «جي بي أي» 4.3، مما أهلّها لاستكمال دراستها الجامعية فـي واحدة من أعرق الجامعات العالمية، جامعة «هارفرد»، التي ستتخرج جلول منها هذا الربيع بشهادة بكالوريوس فـي علم الاجتماع والصحة العالمية والسياسات الصحية. خلال سنوات الدراسة فـي بوسطن (ماساتشوستس) بقيت جلول وفـية لأصولها العربية وتراثها العربي الإسلامي، حيث شاركت بكتابة عدة مقالات فـي الجريدة الطلابية بالجامعة، المعروفة بإسم «ذي كريمسونز»، حول مواضيع تتعلق بالعدالة الاجتماعية والإثنية.
وكتبت فـي العام 2014 مقالاً بعنوان «لبنانية، مسلمة، أميركية» تحدثت خلاله عن تعرضها لتحرشات لفظية بسبب مظهرها وانتمائها الديني، ووقوعها ضحية لتنامي ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، وجاء فـي المقال آنذاك: «أنا لا أشارككم هذه القصص من أجل إثارة الشفقة» وأضافت «هذه الحوادث تمثل عينة من التجارب التي أتعرض لها كلما ابتعدت عن مجتمع جاليتي فـي ديربورن، المدينة التي تضم ثاني أكبر تجمع للعرب خارج الشرق الأوسط، وهم فـي غالبيتهم من المسلمين».
مواقف جلول ودفاعها عن العرب والمسلمين الأميركيين، يأتي انسجاما مع الوعود التي أطلقتها قبل مغادرة ديربورن وتوجهها الى بوسطن لمواصلة تحصيلها العلمي. حينها عبّرت فـي لقاء مع «صدى الوطن» أجري فـي العام 2012 عن حبها وتعلقها بالجالية العربية، وقالت: «أنا أحب مدرسة فوردسون وأحب مدينة ديربورن، وحتى.. لو تخرجت من جامعة هارفرد فإنني بكل تأكيد سأعمل على رد الجميل لمجتمع المدينة الذي كان لها الفضل الأكبر فـي تنشئتي.. إنها بيتي».
علي ناصر بثقة ومثابرة .. من قلب الجالية اليمنية الى «هارفرد»
ديربورن - لكي تُقبل للدراسة فـي جامعة «هارفرد»، عليك أولاً أن تتمتع بالثقة الكافـية للتقدم بطلب الانتساب الى هذه الجامعة الأميركية المرموقة نظراً لصعوبة المعايير الأكاديمية التي تضعها. وهذا بالضبط ما فعله الطالب اليمني الأميركي المتفوق الذي يتخرج هذا الربيع من ثانوية «أدسل فورد» فـي ديربورن.
فقد تقدم علي ناصر بطلب الانتساب الى «هارفرد» فـي محاولة منه لاختبار مستوى قدراته الأكاديمية. والردّ لم يكن مخيباً على الإطلاق، بل كانت المفاجأة.
«عندما قرأت الرسالة، صرخت من شدة الفرح وهرعت لأخبر أمي، وباقي أهلي… لم أستطع الجلوس لمدة ساعة أو ساعتين، ثم قمت وارتديت حذائي الرياضي ورحت أتمشى فـي الحي.. كان الأمر مثيراً جداً»، على حد قول علي لـ«صدى الوطن».
ويضيف بأن الفضل فـي نجاحه الدراسي يعود لوالديه اللذين يحرصان دائماً على توجيهه بإيلاء دارسته الأولوية القصوى، رغم أنهما لم ينالا تعليماً جامعياً قط، وقال: «لقد اعتادا على تذكيرنا (أنا وأخوتي) أن الدراسة هي رقم واحد فـي حياتنا».
وأضاف علي بأن العائلات الكادحة فـي الجالية اليمنية الأميركية عموماً تصر على أن يواصل أبناؤها تحصيلهم العملي فـي الكليات والجامعات لتحقيق مستقبل أفضل لهم. وأضاف بأن هذا الجو العام فـي الجالية اليمنية حفّزه كما حفّز الكثيرين على قبول التحدي.
للوهلة الأولى، يبدو ناصر من خلال طريقة كلامه شخصاً هادئاً، لكن مثابرته ومواظبته على الدراسة وإصراره على النجاح والتفوق يجعلان منه شخصاً مميز الحضور.
كالكثير من شباب الجالية اليمنية فـي منطقة ديترويت، عاش علي ناصر فترة من الزمن (عامين ونصف) فـي بلده الأم، اليمن، وعاين بنفسه الفقر الذي تعيشه فئات واسعة من الشعب هناك، وقد دفعه هذا الأمر إلى تقدير الفرص التي توفرها أميركا، له ولأمثاله.
يتطلع علي ناصر هذا الصيف للانتقال الى بوسطن بولاية ماساتشوستس، لبدء الدراسة فـي جامعة «هارفرد» ونهل العلم من أساتذتها ومدرسيها، مع التركيز على اختصاص علم الأعصاب البيولوجي (نيورو). ويقول فـي هذا الصدد «أتطلع إلى مقابلة أناس جدد وأن أجري الأبحاث هناك، وأتعلم من هؤلاء الأساتذة المرموقين». يقضي ناصر أوقات فراغه بممارسة رياضة الجري التي تحرّره من التوتر والضغوط، على حد تعبيره، كما يستمتع بمشاهدة برامج الكارتون «أنيمي».
ويحث الطلاب العرب من خريجي المرحلة الثانوية ألا يتهيبوا من التقدم بطلبات الانتساب إلى الجامعات الأميركية العريقة، والاحتذاء بتجربته، ويقول: «هويتي العربية الأميركية تعني لي الكثير، أردت أن أثبت للطلاب من أبناء الأسر العربية المهاجرة، بأنه بإمكانهم النجاح فـي المدارس والوصول الى مكان ما فـي حال ثابروا وعملوا بجد فسوف يكون النجاح حليفهم».
كما أنه يتطلع إلى أن يكون ممثلاً للعرب الأميركيين فـي جامعة «هارفرد»، ويشير إلى ذلك بالقول: «هناك (فـي الجامعة) أريد أن أثبت للجميع زيف الصور النمطية التي يسمعها الأميركيون من خلال وسائل الإعلام، وأريد أن أقول لهم إننا أناس عاديون، مثلنا مثل الآخرين، نحاول أن نعيش ونستمتع بالحياة».
Leave a Reply