مهنا: النظام السياسي في لبنان يجسد ديكتاتورية الطوائف.. ولبنان بحاجة الى ثورة
ديربورن – خاص “صدى الوطن”
أقام “نادي الجيل الجديد” احتفالا بمناسبة الذكرى الـ79 لتأسيس “الحزب السوري القومي الاجتماعي”، في صالة “بيبلوس” في مدينة ديربورن، بحضور فعاليات وشخصيات وممثلي أحزاب سياسية ومنظمات اجتماعية متعددة، إضافة إلى حشد كبير من أبناء الجالية اللبنانية.
وتركزت كلمات المشاركين في البرنامج الخطابي على عراقة السوري القومي الاجتماعي ونضالاته، بقيادة الزعيم أنطون سعادة، التي استهلمها السوريون القوميون جيلا بعد جيل. وحضر من لبنان نائب رئيس الحزب توفيق مهنا ليكون المتحدث الرئيسي في الحفل، وكانت “صدى الوطن” قد التقت مهنا، وأجرت معه الحديث التالي:
– لو تحدثنا بداية، عن أسباب زيارتك لولاية ميشيغن، وماذا ستقول لمتحزبي ومناصري الحزب السوري القومي الاجتماعي؟
– تلقيت دعوة من “نادي الجيل الجديد” وأقوم بزيارة منطقة ديترويت تلبية لهذه الدعوة الكريمة حيث سأشارك في سلسلة من المقابلات واللقاءات مع الجالية العربية في إطار الاحتفال بالذكرى الـ79 لتأسيس “الحزب السوري القومي الاجتماعي” وانبعاث النهضة التي أطلقها الزعيم الراحل أنطون سعادة.
وفي هذه المناسبة، أعبر عن اعتزازي بهذه الجالية العربية التي تؤكد على دورها وانتمائها وعلاقاها الوطيدة مع الوطن وقضاياه وتحرص على أن يكون دور المغترب دورا إيجابيا وفاعلا وبنّاء.
– كان ملاحظا خلال السنوات العشر الأخيرة انتشار أفكار الحزب بين أجيال الشباب، ليس في لبنان فقط، بل حتى في سوريا.. كيف يدعم اتساع القاعد الشعبية حزبكم ليكون قوة سياسية فاعلة وحاضرة في المؤسسات الحكومية، في مجلس النواب والحكومة اللبنانية على وجه الخصوص؟
– إن الحزب السوي القومي هو حزب عريق وله وجود وانتشار كبير في جميع البلدان الشامية وفي الهلال السوري الخصيب والمغتربات، ومن المعروف أن مؤسس الحزب كان مغتربا وعاد الى الوطن ليساهم في تحرير أمته وتوحيد بلاده وبناء الدولة المدنية الحديثة من خلال مفاهيم وعقيدة ومبادئ نعتقد بشكل راسخ أنها سبيل الخلاص لهذه الأمة من مشاكلها.
وكان لهذه العراقة تأثيرها الواضح في صياغة الحياة السياسية والفكرية والثقافية في لبنان وفي بلدان بلاد الشام عموما. ولكن مرت سنوات طويلة اضطهد فيها حزبنا وخاصة في فترة الخمسينات بعد اغتيال الزعيم سعادة، وقد عانى الحزب من الاضطهاد والنفي والملاحقات قرابة نصف قرن، ولكن منذ قيام الحركة التصحيحية بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد خفت الملاحقات، كما أنه خلال الأحداث اللبنانية ودور الحزب القومي في التصدي للاجتياح الإسرائيلي وقيامه بدور الرائد والمفجر للعمليات الاستشهادية.. ساعد على إرساء علاقات وطيدة بين حزبنا وحزب البعث العربي الاشتراكي، الأمر الذي ساعد الحزب في العودة إلى دوره ولعب دور مميز في الحياة السياسية والثقافية والنضالية سواء في سوريا أو في لبنان.
ففي سوريا أصبح الحزب عضوا في الجبهة الوطنية التقدمية الاشتراكية وله كتلة نيابية في مجلس الشعب السوري، وكذلك الأمر نفسه في لبنان حيث صار للحزب حضور سياسي من التسعينات وله تمثيل متواصل في الحكومة اللبنانية وكتلة نيابية في مجلس النواب.
– ولكن هل يتناسب تاريخ الحزب وعراقته وتضحياته مع حجم تمثيله السياسي في لبنان؟
– بالطبع لا. الحجم التمثيلي لحزبنا في مؤسسات النظام اللبناني الرسمي سواء الحكومية أو البرلمانية لا يعكس إطلاقا حجم الحزب الشعبي ودوره الجماهيري وموقعه وفعاليته على المستويات الثقافية والفكرية والاجتماعية والنضالية. والسبب بسيط وخطير في الوقت عينه، وهو يكمن في طبيعة النظام اللبناني.. فالطائفية ذات طبيعة نافية ونابذة للأحزاب العقائدية والقومية والوحدوية العلمانية الديمقراطية. فهذا النظام بمؤسساته يعتمد المحاصصات وقانون انتخاب على أساس طائفي ومذهبي، ولكننا على الرغم من ذلك استطعنا اختراق هذا القانون وأثبتنا حضورنا..
– ولكنكم حاضرون بسبب التحالف السياسي؟
– لا. نحن حاضرون بسبب قوة الحزب في أكثر من منطقة ودائرة، كما أن التحالف هو تعبير عن مصالح مشتركة، وهو يتم بين قوى لها حجم وتمثيل ووزون..
– ليس بالضرورة.. هنالك شخصيات سياسية ونيابية وقوى وأحزاب ليس لها شعبية أو دور سياسي حقيقي ومع ذلك هي جزء من المشهد السياسي في لبنان. حزب التوحيد مثالا ورئيسه وئام وهاب؟
– الحكومة لا تعكس الحضور والتمثيل السياسي بل مجلس النواب، وتمثلينا في مجلس النواب لا يعكس حجمنا الحقيقي بسبب قانون الانتخاب المبني على أساس طائفي لأجل إعادة إنتاج الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان، والذي يحجب الأحزاب العلمانية ويحدها من قدرتها على التعبير والمشاركة. هنالك أحزاب عريقة في لبنان ولكنها بسبب هذا القانون الانتخابي خارج المجلس.. الحزب الشيوعي مثلا، لماذا لم ينجح خلال عدة سنوات سابقة من إيصال مرشحيه إلى البرلمان.. والسبب هو القانون، ولهذا نحن قدمنا مشروع انتخاب منذ العام 1998 يقوم على أساس اعتماد الدائرة الوطنية على أساس النسبية من أجل تجاوز هذه الحالة الطائفية.
– كحزب ثوري، كيف تنظرون إلى ما بات يسمى “الربيع العربي” وكم هو لبنان بحاجة إلى ثورة على غرار الثورات العربية ضد الديكتاتوريات، من منطلق أن النظام اللبناني ديمقراطي شكلا، لكن تحكمه في العمق ديكتاتوريات الطوائف وممثلوها؟
– نحن في العمق والجوهر نعتبر أن النظام الطائفي هو نظام يمارس ويجسد ديكتاتورية وأحادية المرجعيات الطائفية، وفي لبنان لدينا مجموعة أنظمة استبدادية عبر مرجعيات الطوائف وزعاماتها تمارس ديكتاتوريتها على طوائفها وعلى المجتمع عموما. نعم نحن بحاجة إلى ثورة وقيم جديدة تنهي قيام التشريعات على أساس طائفي وعشائري ومذهبي وقبلي لتحل محلها رابطة المواطنة والولاء للوطن. وتاريخيا نحن في الحزب لم ندخر أي جهد في هذا الشأن، ففي عامي 1949 و1961 حاولنا القيام بثورتين وفشلتا ولكننا لم نستسلم أمام هذا النظام المختلف ونريد أن نحدث نهضة في البلاد وتغيير جذري ولا يمكن الوصول إلى هذه النتيجة إلا عبر الأحزاب العلمانية وغير الطائفية..
– ولكن الثورات في العالم العربي كشفت الأحزاب الحاكمة والمعارضة بكل إيديولوجياتها وفضحت فشلها في البناء والإنماء وحتى في بلورة المفهوم الوطني للدولة، فإذا اندلعت ثورة في لبنان –افتراضا- فهي سوف تهدد جميع الأحزاب اللبنانية، ومن بينها حزبكم؟
– لا.. عملية التغيير ومسارها وأدواتها يجب أن ينظر إليها نظرة نقدية وفاحصة، واذا كانت هذه الأدوات تحتاج إلى تطوير فعلينا أن نطورها ونحدث برامجها..
– في سياق التطوير والتحديث، هل قمتم في الحزب بأية مراجعات نقدية ونظرية كي تنتاسب مع روح العصر؟
– الفكرة القومية الاجتماعية من حيث المفهوم مداها وحدة بلاد الشام والأمة السورية، ونحن نجد أن هذه الفكرة كانت في الماضي حاجة، واليوم هي حاجة ملحة وأكثر ضرورة، وصحيح أن عالم اليوم تجاوز فكرة القوميات خلال عبور القوميات إلى ما بعدها كما في حالة الأوروبي.
أما الثورات الشعبية التي لا قيادة لها واضحة ولا أهداف ولا برنامج، كما في حالتي مصر وتونس، فهناك كلام كثير حول هذه الثورات، وحتى لا نكون أسرى الدعاية علينا أن نفكر بهدوء ويجب أن يعرف الناس حقيقة الأمور وليس ظواهرها. لقد أسقطت الثورة المصرية الرئيس حسني مبارك ولكن نظامه مازال حاكما، وحتى الآن لا نعرف من الذي سيرث الثورة وما هي برامجها.. وإلا أصبحت أمور عبثية وفوضوية. وعلينا ألا ننبهر بهذه الثورات التي لا شعارات لها ولا أب وأم.
Leave a Reply