علي حرب – «صدى الوطن»
جريمة حرق الطفل الشهيد علي الدوابشة البالغ من العمر ١٨ شهراً على يد مستوطنين يهود فـي الضفة الغربية، تردَّدت أصداؤها فـي كل أنحاء العالم، حتى أن إسرائيل نفسها سارعت إلى استنكار الجريمة الشنيعة التي اقترفها المستوطنون بحرق منزل عائلة الدوابشة فـي قرية دوما القريبة من مدينة نابلس يوم ٣١ تموز (يوليو) الماضي، والتي أدت إلى استشهاد الطفل الرضيع حرقاً وإصابة باقي أفراد عائلته بحروق بالغة.
نشطاء الجالية الفلسطينية الأميركية حملوا الحكومة الإسرائيلية مسؤولية أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون اليهود يومياً تحت سمع وبصر جيش الإحتلال، والتي ارتفعت وتيرتها خلال العام الماضي. حيث قام المستوطنون المتطرفون بتخريب وتدنيس المساجد والكنائس، ودهس المشاة الفلسطينيين وإتلاف المزارع الفلسطينية. وفـي العام الماضي، قام مستوطنون صهاينة حاقدون بحرق فتى فلسطيني يبلغ من العمر ١٦ عاماً وهو على قيد الحياة.
وقال حاتم أبو دية، المؤسس المشارك لمركز «الجالية الفلسطينية الأميركية»، إن اضطهاد المستوطنين للفلسطينيين «هو امتداد لثقافة الإحتلال الإسرائيلي الغاشم» تماماً كما هو الحال بالنسبة لوحشية الشرطة الأميركية ضد السود والتي تأتي امتداداً للحروب التي خاضتها الولايات المتحدة فـي الشرق الأوسط على مدى الـ١٥ سنة الماضية.
وأردف أبو دية «وحشية الشرطة ضد السود وحرق الكنائس فـي الجنوب والاعتداءات على المساجد، قد تبدو أنها مجرد أعمال فردية لكنها فـي واقع الأمر تأتي فـي سياقها كجزء من هذه الثقافة العدائية».
وأدان مسؤولون اسرائيليون الهجوم ووصفه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه «عمل إرهابي».
غير أنَّ أبو دية وصف كلمات التعاطف الإسرائيلية بأنها جوفاء لا معنى لها، وأضاف «اننا لا نقبل تعازي نتنياهو أو الكنيست، فالحكومة الإسرائيلية نفسها تضم وزراء عنصريين مسعورين. فلماذا نقبل التعازي من جهة تقوم بحماية ثقافة الاحتلال والحرب والعنصرية؟!».
وأشار إلى «أن العدالة لن تتحقق فـي قضية الطفل علي بمجرد اعتقال منفذي الاعتداء». وأردف «لا يهمني إذا تم القبض على المستوطن الإسرائيلي أو إدانته أو الحكم عليه بالسجن مدى الحياة، فهو لن يعيد الحياة الجميلة التي خسرناها أو ينهي العنصرية والفصل العنصري النظامي الذي يسمح بمثل هذه الجرائم، الجريمة ليس لها أية علاقة بهذا المستوطن الفرد، ولكن مع كامل الدولة العنصرية الاستعمارية لإسرائيل».
وأكد الناشط الفلسطيني «أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام والعدالة هو بتفكيك الدولة الإسرائيلية»، واستطرد «لكن هذا لا يعني منع اليهود الذين يعيشون فـي تلك الدولة، لكن المعني هنا هو بنية الدولة العنصرية التي يجب أن تُزال. وعندئذ فقط، يمكن أن يسود ويعم السلام والعدالة والمساواة».
وأوضح الناشط الذي تتخذ منظمته من شيكاغو مقراً لها «أنَّ الفلسطينيين فـي الداخل وفـي الشتات متحدون فـي الوقوف وراء المطالب الأساسية غير القابلة للتفاوض، والتي تشمل حق العودة للاجئين وإنهاء الاحتلال وتقرير المصير للشعب الفلسطيني وإطلاق سراح السجناء السياسيين».
وقد أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عبَّاس عن نواياه بطرح جريمة الحريق المتعمد على المحكمة الجنائية الدولية. لكن أبو دية قلل من أهمية هذه الخطوة، معتبراً «أن السلطة الفلسطينية هي عبء على النضال الفلسطيني».
وأضاف أن «السلطة الفلسطينية تتعاون بشكلٍ وثيق مع إسرائيل ولا تمثل المصالح الحقيقية للفلسطينيين».
من ناحيته، ذكر الناشط الفلسطيني المخضرم حسن نعواش «ان شهادة الطفل علي هي نتيجة عدم وجود اعتبار لحياة الإنسان الفلسطيني فـي الأراضي المحتلَّة والشرق الأوسط عموماً».
وأضاف «لقد فقدنا إحساسنا بالانتماء للإنسانية والولاءات لدينا هي ولاءات للقبائل والطوائف.. علينا الارتفاع فوق الخلافات القبلية والطائفـية المدمرة لأنفسنا والاتصال بإنسانيتنا من جديد… هذا ما هو مفقود».
وأفاد أن تفتيت العالم العربي يجعل توجيه أصابع الاتهام إلى إسرائيل عملاً عبثياً. «اننا دائماً نلقي اللوم على العدو لكنه من دون قيام نضال ذي مغزى فإن اللوم يقع علينا».
وأكد نعواش الذي كان يرتدي قميصاً مزداناً بالعلم الفلسطيني، تورط الحكومة الإسرائيلية وتأييدها للمستوطنين وأنشطتهم الإجرامية ضد الفلسطينيين. وأضاف «لكن تركيزنا لا يجب أن يكون على ما يقوله ويفعله نتنياهو وحكومته بل يجب أن يكون علينا نحن.. ونحن لم نفعل شيئاً لأنفسنا». وأشار إلى «أن الطفل الشهيد علي يسلط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني بطريقة رمزية، لكنه لا يختلف عن أطفال غزة الذين قتلوا من تساقط القنابل الإسرائيلية فـي العام الماضي».
ودعا الناشط الفلسطيني الذي غلب على حديثه الطابع التشاؤمي، الى «ثورة شعبية فـي جميع أنحاء فلسطين وأنْ يكون الرئيس عباس فـي مقدمة هذه
الانتفاضة، ولكن بدلاً من ذلك، نراه يعمل مع الإسرائيليين لمنع حدوث ذلك».
ورأى نعواش انه «يجب على الإسرائيليين التخلي عن الصهيونية من أجل بناء نظام مساواة بين اليهود والفلسطينيين. وعندما يتحول ولاؤنا نحو الإنسانية، لن يُحرق الصبية الصغار بعد ذلك. وسيكون كل فتى وكل فتاة متساوين فـي الحقوق والواجبات، وحياتهم ستكون ذات قيمة متساوية. الحياة هي بحد ذاتها قيمة، ولا ينبغي أن تُنتزع بهذا الشكل. وهذا لا ينطبق على الإسرائيليين فقط، ولكن على الجميع فـي الشرق الأوسط. الكل مذنب».
ووصفت الناشطة المدنية دعد قطاطو جريمة حرق الطفل علي الدوابشة بأنها «عمل بربري شنيع». وتابعت «الكلمات والإدانات وحدها لا تكفـي، يجب تقديم المجرمين إلى العدالة وإصدار العقوبات المناسبة بحقهم».
وخلصت قطاطو الى القول ان «العنف ضد الشعب الفلسطيني لن يثنيهم عن قضيتهم بل سيزيد من نضالهم من أجل التحرر الوطني». وختمت بالقول إن «كلمة الاستسلام غير موجودة فـي القاموس الفلسطيني».
Leave a Reply