حسن عباس – «صدى الوطن»
بعد مرور عامين من التكتم التام على ما سُميّ بـ«صفقة القرن»، كشف الرئيس الأميركي دونالد –يوم الثلاثاء 28 كانون الثاني (يناير)– عن خطة لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية الموعودة على مساحة أصغر بكثير من المساحة التي يطالب بها الفلسطينيون، على أن تكون عاصمتها في ضواحي القدس الشرقية.
الخطة التي جاءت في 80 صفحة، أثارت ردود فعل عربية وعالمية نددت برؤية الإدارة الأميركية لإحلال السلام في الشرق الأوسط، حيث رفض الاتحاد الأوروبي، المقترح الترامبي معرباً عن قلق الدول الأوربية من الأطماع الإسرائيلية في ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية.
كما أعرب الفلسطينيون في الوطن المحتل وفي الشتات عن رفضهم القاطع لـ«صفقة القرن»، وتشبثهم بحقوقهم الوطنية والسياسية في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم الوطنية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي منطقة ديترويت، لبى أكثر من 100 شخص دعوة منظمة «فريق العمل من أجل فلسطين بميشيغن»، الذي نظم فعالية في قاعة «غرينفيلد مانور» بديربورن، للاحتجاج على خطة ترامب التي «يرفضها كامل الشعب الفلسطيني، وجميع أنصار السلام، والناشطون الحقوقيون الذين يتطلعون إلى عالم تحكمه الشرعة الدولية، وليست أيديولوجيات المنافع السياسية»، وفقاً للمنظمين.
وأجمع المتحدثون خلال الحفل على أن اللحظة الراهنة، وفي أعقاب إعلان ترامب عما أسماها «صفقة القرن»، هي بمثابة فرصة للمجتمع العربي الأميركي، والمجتمع الإسلامي الأميركي، وكذلك لمناصري السلام والعدالة، للتعبير عن دعمهم لسلام عادل وشامل في فلسطين.
وأشار عريف الحفل، الناشط الأميركي من أصل فلسطيني، خالد ترعاني، إلى الحاجة الماسة للتضامن مع الفلسطينيين في أوقات المحنة والشدة. وقال: «إن حضورنا هنا هو أقل ما يمكن أن نفعله من أجل فلسطين»، لافتاً إلى حجم «التحديات الهائلة التي تواجهنا ليس فقط كفلسطينيين، أو كعرب، أو كمسلمين ومسيحيين في فلسطين، ولكن كبشر».
وأضاف إن خطط إسرائيل وسياساتها المدعومة من قبل الإدارة الأميركية ترقى إلى مستوى الفصل العنصري والتطهير العرقي والتهجير الجماعي، أمام مرأى العالم الذي لا يحرك ساكناً. ووصف من يروج لما أسماها بـ«سرقة القرن» بأنه شريك في المشروع العنصري الصهيوني.
وأكد على أن خطة ترامب «بانحيازها الواضح للجانب الإسرائيلي، توحدنا جميعاً حول فكرة أن فلسطين يجب أن تُحرر».
من جانبه، قال الناشط الحقوقي فرانك هامر: «أنا مفاوض، وأعرف أنك عندما تفاوض من أجل إبرام اتفاق، فأنت يجب أن تتفاوض مع طرف آخر.. الفلسطينيون لم يحصلوا على هذه الفرصة، فأي نوع من المفاوضات هذا الذي تطرحه الخطة؟».
مؤسس «المكتب الثقافي الفلسطيني»، الناشط حسن نعواش، أكد في كلمته أن الفلسطينيين قاوموا ويقاومون الاحتلال الإسرائيلي بجميع الوسائل المتاحة لديهم، وقال: «إن رقصاتنا وأغانينا وأشعارنا وفنوننا.. لازالت على قيد الحياة ولا زالت تزدهر رغم الاحتلال ورغم الآلام التي يتحملها شعبنا»، مضيفاً: «اليوم، سنواصل الكفاح.. حتى نجبر (رئيس السلطة الفلسطينية) محمود عباس على تبني خيار المقاومة الشعبية».
وبعد يوم واحد من إعلان ترامب عن خطته في مؤتمر صحفي حضره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، سارعت ثلة من الناشطين العرب الأميركيين إلى عقد اجتماع في «المتحف العربي الأميركي» بديربورن، للتعبير عن مؤزارتهم للحقوق الفلسطينية، وللتنديد بالسياسات الأميركية المحابية لإسرائيل.
وقال الناشط الأردني الأميركي كايد مصاروة إن هذه الصفقة تم طبخها بطريقة تخدم جانباً واحداً، في إشارة إلى الدولة العبرية، مضيفاً: «هذا موقف غير عادل بتاتاً».
ووصف المدير التنفيذي لـ«المجلس الأميركي لحقوق الإنسان»، عماد حمد، «صفقة القرن» بأنها «بذرة.. لمزيد من العمل من أجل فلسطين في المستقبل»، مؤكداً أن «الفلسطينيين لن يستسلموا، مهما كانت العواقب والصعوبات».
وفي حديث مع «صدى الوطن»، أكد الناشط الفلسطيني الأميركي محمد عبد السلام على أن الرؤساء الأميركيين دعموا «حل الدولتين» منذ عام 1967، تحت مظلة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، زاعمين أنهم وسطاء نزيهون. واستدرك بالقول: «ولكن معظمهم، إن لم يكن جميعهم، وقفوا إلى جانب إسرائيل».
وقال: «على الرغم من ذلك، فقد اختلف نهج ترامب في دعم حكومة نتنياهو اليمينية، عن نهج الرؤساء السابقين»، مضيفاً: «الرؤساء السابقون لم يكونوا صريحين، فمنذ البداية قال ترامب إنه سوف يتوسط لعقد الصفقة، معتقداً أن هذا الأمر يشبه شراء مبنى في دبي، وهو يفعل ذلك لأنه ليس رجل سياسة».
وأشار إلى أن التفاصيل الورادة في خطة السلام، تظهر أنه تم وضعها من قبل نتنياهو لخدمة الصهاينة، فالمعلومات حول الحدود والأحياء والمدن.. تثبت بأنه لا يمكن أن تكون لدى ترامب أو (جاريد) كوشنر، أية فكرة عنها. وقال: «إذا لم يتمكنوا من العثور على فلسطيني واحد يقبل التوقيع على هذه الصفقة، فإنها لن تفضي إلى شيء». وأكد بالقول: «لم يتجرأ أي فلسطيني حتى الآن على دعمها، بغض النظر عن وضعه في المجتمع الفلسطيني».
وأبدى عبد السلام ثقته وإيمانه الراسخ بأن الفلسطينيين وحدهم من يملك الحق في تقرير مستقبلهم السياسي، وليس أية كيانات أخرى في الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن محاولة كوشنر لحشد الدعم للصفقة عبر المساعدات الاقتصادية، تتجاهل حقيقة أن العقبة الحقيقية الوحيدة التي تواجه الفلسطينيين هي الاحتلال الإسرائيلي.
ودعا عبد السلام، الرئيس محمود عباس إلى إنهاء التعاون الأمني بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال، تحت ذريعة محاربة الإرهاب، وقال: «إن الإرهاب الوحيد الذي نواجهه يأتي من إسرائيل، ومن المستوطنين الإسرائيليين في أرضنا».
Leave a Reply