هيرسكوفيتس: فلسطين أرض عربية
والصهاينة في أميركا هدفهم الأول خدمة إسرائيل
ديربورن – خاص «صدى الوطن»
هنري هيرسكوفيتس يهودي أميركي ناشط في مجال الحقوق الإنسانية، كرّس جلّ نشاطاته في السنوات الخمسة الأخيرة لمناصرة وتأييد القضية الفلسطينية والدفاع عن مبدأ حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي سلبت منهم، وهو لديه الوقت ليبذله في سبيل الترويج لأفكاره ومناهضة «الصهاينة» بحسب التعبير الذي استخدمه هنري نفسه لأولئك اليهود الأميركيين المقيمين في آن آربر، فهو مهندس ميكانيكي متقاعد، يقيم في هذه المدينة، ويشهد بأم عينه الدعم اللامحدود المالي والإعلامي الذي يقدمه بني قومه لإسرائيل غير آبهين بحسب قوله بمصلحة أميركا، وإنما مصلحتهم الأولى هي تحقيق أهداف الدولة العبرية.
هيرسكوفيتس حضر الإثنين الماضي إلى مكاتب «صدى الوطن» في ديربورن ليروي قصته حيث قال «ذهبت مع صديق هو الآخر يهودي أميركي إلى فلسطين عام 2002، وأقمنا في فندق في مدينة القدس، وكنا نذهب يوميا في جولة بالباص مع آخرين، لنرقب المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، ونحن في طريقنا إلى وجهات داخل الخط الأخضر، وخلال زيارتنا تلك التي دامت عشرة أيام عرجنا على مستشفيات ومدارس وجمعيات في الضفة الغربية، إضافة إلى جامعة بيرزيت، وتحدثنا إلى مسوؤلين بجمعية الحقوق المدنية ومقرها رام الله، كما التقينا داخل إسرائيل بنشطاء في حركة «ميرتيس اليسارية»، ومن بين الشخصيات المؤثرة التي التقينا بها في شمال فلسطين المحتلة داخل الخط الأخضر الياس شكور الذي يشرف على مدرسة مشتركة فيها يهود وعرب هو مؤسسها».
تلك هي الرحلة الأولى التي شكلّت منعطفا في حياة وأفكار هيرسكوفيتس، ويبدو أنه قبل ذلك كان يرى الحقيقة من جانب واحد هو جانب الإعلام الصهيوني الذي صوّر له ولليهود الأميركيين عن بكرة أبيهم،ن إن فلسطين هي أرض الميعاد وأن العرب المقيمين فيها أو المهجرّين منها، ما هم سوى دخلاء أو طارئين على أرض يهودية، لذا ترى هيرسكوفيتس أطلق عبارة في معرض حديثه قال «فلسطين عربية»، وهي عبارة لو كان أطلقها زعيم تحرري أو ثائر عربي لقال الناس إنها مجرد شعار أجوف، ولكن الذي يطلقها الآن هو يهودي قومه يسفكون دماء الفلسطينيين ودولته – أميركا – وقفت حائلا على مدى ستين عاما دون تحقيق الفلسطينيين لأمانيهم، بإقامة وطن مستقل عاصمته القدس وعودة اللاجئين، وهو ما يطالب به هيرسكوفيتش، قال «أرى من خلال مشاهداتي على الأرض وتعاملي مع العرب أنه يمكن لليهود والفلسطينيين في الأرض المقدسة أن يعيشوا جنبا إلى جنب بسلام، شريطة أن لا تكون العلاقة بينهم علاقة العبيد بالأسياد، ولا بالدولة المحتلة على رقاب شعب مقهور».
ويقيم فـي مخيم بلاطة
ثم إن هنري بعد سنة من زيارته الأولى لفلسطين توجه هناك مرى ثانية في العام 3002، وقرر أن يقاسم الفلسطينيين لقمة العيش ويشاركهم همومهم ويطلّع على سبل حياتهم ويكون واحدا منهم ولو إلى حين، ذهب إلى مخيم بلاطة للاجئين القريب من مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية وأقام فيه ثلاثة أسابيع، تعرّف في بداية إقامته على محمد علي صاحب مطعم حمص وفلافل في المخيم، فأكرمه وأحسن مقامه، ولطالما كان هنري يجلس في زاوية من المطعم بصحبة علي وأصدقاء هذا الأخير يحتسون الشاي ويتسامرون ويتحدثون في السياسة وغلاء المعيشة وكل شيء عن أي شيء، كل ذلك وأصدقاء هنري الفلسطينيون يحسبون أن صاحبهم الأميركي مسيحيا، وفي لحظة قرر أن يعترف لهم بهويته الدينية، يقول هنري «شعرت للحظة بالتردد وشيء من الخوف قبل أن أقول لهم أني يهودي، وذلك ناشيء من أفكار عبأها في رؤوسنا رجال الدين اليهود ووسائل الإعلام الصهيونية، من أن العرب يكنّون لليهود البغض والكراهية».
أضاف «لكنني تجرأت وقلت أني يهودي! وتفاجأت من ردّ فعل أصدقائي الفلسطينيين الذين استمروا بالترحيب بي وشرحوا لي مطوّلا كيف أن العرب لا يكرهون اليهود لأنهم يهود، بل يكرهون ظلم إسرائيل لهم وإحتلالها لأرضهم وتشريدهم، وكيف أنهم عاشوا مئات السنين جنبا إلى جنب في فلسطين وغيرها من الدول العربية مواطنين متحابين».
يهود شهود للصداقة والسلام
هنري هيرسكوفيتش ذو الستين عاماً أنشأ ومنذ خمس سنوات جمعية أطلق عليها «يهود شهود للصداقة والسلام» مقرها مدينة آن آربر – ميشيغن، وتضم 20 عضوا جميعهم يهود من أبناء المدينة المناهضين للصهيونية ومؤيدين للحقوق الفلسطينية، هؤلاء يتجمعون كل يوم سبت أمام المعابد اليهودية الثلاثة الكائنة في آن آربر ويقفون ساعات صامتين للإحتجاج على حاخامات هذه المعابد، بسبب رفضهم الإستماع إلى صوتهم ومناقشتهم والتحاور معهم، السبت الماضي احتفل الأعضاء بمرور خمس سنوات على إنشاء جمعيتهم. في كل تلك السنوات حاول هيرسكوفيتس مرارا التحدث إلى الحاخامات، وفي مرة استمع إليه واحد منهم، وحين سئل الحاخام عن رأيه فيما سمع قال: لا تعليق، قال له هنري: ماذا لو كنت مكاني؟ قال الحاخام: لا أعرف كيف كنت سأتصرف، ولكني على أي حال لن أسمح لك بتوصيل رأيك إلى اليهود المترددين على المعبد.
هنري يرتدي أينما حلّ وأينما رحل سترة مطبوع عليها من الأمام والخلف علم فلسطين وشعارات تنادي بحق العودة وتحرير فلسطين وصورة مفتاح هي رمز للعودة، وهو يتنقّل بين التظاهرات والإعتصامات والمؤتمرات المؤيدة للحقوق الفلسطينية وهو يرتدي السترة وقبعة طبع عليها «فلسطين حرة» أما دراجته النارية التي يستخدمها للتنقل فهي مزركشة بشعارات معادية للصهيونية ومناصرة للفلسطينيين.
قال هيرسكوفيتس «أعلم أن صوتنا خافت وسط القوة الهائلة التي يتمتع بها المجتمع اليهودي في أميركا، فهم أقوياء في المال ووسائل الإعلام ويسخرون قوتهم لدعم إسرائيل، عبر اللوبي الإسرائيلي في الكونغرس، لكنني أنا ومن معي نتحداهم من داخل المجتمع، ولنا تأثير ولو كان بسيطا، والدليل على ذلك أضاف هيرسكوفيتس ردود الأفعال التي أتلقاها عند نشر مقالات في صحيفة آن آربر نيوز، علماً أن هذه المدينة 12 بالمئة من سكانها يهوداً، في حين أن نسبتهم في عموم أميركا فقط 2 بالمئة».
بسؤال هيرسكوفيتس عن الدافع وراء نشاطات يمارسها من هذا النوع قال «أعلم أني غير مسؤول عن شراء بندقية لجندي إسرائيلي يقتل بها الفلسطينيين، لكني مسؤول مسؤولية أخلاقية وأدبية عما يقترفه الإسرائيليون والصهاينة بحق الشعب الفلسطيني».
لمن يود الإطلاع على المزيد عن مقالات نشرها هنري هيرسكوفيتس حول هذا الشأن يرجى الإطلاع على الصفحة الإلكترونية
www.a2vigil.org
هاتف 3649-663-734.
عنوان جمعية «شهود يهود للسلام والصداقة»:
404 مارك هنا،
آن آربر – ميشيغن 48103.
Leave a Reply