حسن خليفة – «صدى الوطن»
حال دخولك إلى مقهى Dessert Oasis Coffee Roasters فـي وسط مدينة ديترويت، تنعشك رائحة القهوة المميزة التي يتم إعدادها بطريقة فائقة العناية، وبـ«المزاج العالي» الذي يستحقه هذا المشروب الأكثر شعبية، فـي الولايات المتحدة، وفـي العالم.
نايثن حمود يعد القهوة للزبائن في فرع «الداونتاون». |
وللوهلة الأولى يبدو المكان بتأثيثاته اللافتة والجاذبة للأنظار وكأنه مختبر كيميائي تصدح به أصوات الموسيقى حيث يقوم مغنون وعازفون محليون بأداء فقرات ترفـيهية للزبائن بانتظار الانتهاء من إعداد قهوتهم المفضلة أمام أعينهم.
هي لا شك فكرة مبتكرة تظهر مدى العناية والاهتمام اللذين يوليهما نايثن حمود (20 عاماً)، لعمله وطريقته الخاصة فـي صنع وإعداد قهوته التي يضيف إلى تحضيرها الكثير من «العلم والفن» بالتشارك مع شقيقته، وهي فنانة محلية.
قصة الشاب اللبناني الأصل بدأت فـي مقهى كان يملكه والده فـي مدينة روتشستر هيلز بمقاطعة أوكلاند، حيث كان وهو طفل يراقب عملية إعداد البن والقهوة بشغف كبير ولكن والده لم يسمح له البدء بتنفـيذ «تجاربه» إلا بعد أن بلغ سن ١٣ عاماً.
منذ ذلك الوقت تصرف حمود بعقلية «العالِم» وأخذ تجاربه على محمل الجد من أجل تطوير قهوته الخاصة وتقديمها الى السوق التي تسيطر عليه شركات عملاقة مثل «ستاربكس» و«تيم هورتنز» المنتشرة فـي كل مدينة وزاوية فـي مترو ديترويت.
وبعد فترة من عمله فـي محمصة العائلة وتطويرها، اتضحت الصورة لدى نايثن وتراكمت لديه الخبرة الكافـية لخوض تجربة جديدة بافتتاح فرع جديد قبل ثلاثة أشهر، ولكن هذه المرة فـي موقع مميز فـي قلب «الداونتاون» وتحديداً فـي ساحة «كابيتول بارك» وسط ديترويت.
ويعول حمود فـي خطوة افتتاح الفرع الجديد بالشراكة مع شقيقته على المهارات التي صقلها خلال تجربته، إضافة الى فرادة الفكرة المبتكرة، بحيث يستطيع الزبون مشاهدة عامل المقهى وهو يقوم بإعداد قهوته من الألف الى الياء بعناية فائقة ووفق أساليب ومذاقات متنوعة، ووسط ديكور حديث يشبه مختبراً كيميائياً، فـيما تصدح الموسيقى الحيّة فـي أنحاء المكان.
نهج علمي
وهنا يعلق حمود -الذي لا يكف عن التعبير عن دهشته حول بساطة القهوة وتعقيدها فـي الوقت نفسه- بالقول: حقيقة أن القهوة هي المشروب الأكثر شعبية عند الأميركيين تجعل منها إما مجرد مشروب صباحي اعتيادي أو مشروبا يرتقي إلى حد التذوق العالي، تماماً كما هو الأمر مع متذوقي النبيذ الفاخر.
ويضيف: إنه يعد قهوته بطريقة «علمية» مراعياً جميع التفاصيل من التحضير والتحميص والإعداد لبذور البن الكولومبية مروراً بدرجة حرارة الماء ووصولا إلى أوزان ومقادير المواد المستعملة، من دون أي إهمال للتفاصيل الأخرى، مؤكداً «أننا لا نترك شيئاً للصدفة، بل العكس نطبق الطرق العلمية التي تمكننا من تحضير أجود أنواع القهوة».
ولضمان سير العمل بطريقة صحيحة، وتلبية الطلبات بالمواصفات نفسها، يدرب حمود العاملين معه لما لا يقل عن ثلاثة شهور لكي ينقل إليهم رؤيته فـي تحضير القهوة، وهنالك بعض الطلبات التي تتطلب تدريباً لمدة ستة شهور حتى يسمح للعامل بتحضيرها وتقديمها للزبون، مثل «قهوة جو»، وهي واحدة من الخيارات الموجودة على «قائمة المشروبات» (المنيو).
ديكور المكان جميل وجذاب، تتوسطه منطقة لإعداد القهوة (مثل طاولة البار)، مما يسمح للزبائن بمشاهدة سير عمليات تحضير طلباتهم، وهذا الأمر بحد ذاته يزيد من متعة الزبون وثقته بما يطلب، يقول أحد الزبائن.
أسرار النجاح
ويشكل موقع المقهى فـي قلب ديترويت دافعاً قوياً لنجاح الفكرة بحسب حمود الذي قال «أحببنا المكان بسبب الثقافة والأجواء الجديدة فـي قلب المدينة» مشيداً بازدياد عدد السكان فـي المنطقة مما «يولد لديك حساً اجتماعياً» متوقعاً أن «الأمور فـي طريقها للعودة إلى سابق مجدها».
رغم صغر سنه يؤمن حمود بأن مفتاح النجاح يكمن فـي أن تعرف ما تحب فتفعله وتبذل قصارى جهدك ليصبح حلمك حقيقة.. «هذا مفتاح تأسيس وإنجاح البزنس».
ويضيف: «إذا لم تكن شغوفا بما تعمل، فلا أعتقد أنه من السهل عليك أن تكون ناجحا فـي عملك». وختم حمود بالقول «أنا أحب القهوة إلى درجة كبيرة، وأحب الأعمال التجارية، وأحب فكرة أن لدي رؤية حول شيء ما، وأن العاملين معي يمتلكون الثقافة التي تمكنهم من المساهمة فـي بناء وتطوير رؤيتي».
Leave a Reply