اليمن بكل ما فيه من أخبار موجعة، صار يتصدر عناوين النشرات الرئيسية في المحطات الاخبارية، وأصبح وجبة كتابية دسمة للكثير من الأقلام العارفة والجاهلة بما يحدث في صعدة المحروقة والجنوب الثائر، حتى أن المتابع يعتقد من كثرة الأخبار والمقالات عن اليمن، أن قيامة تلك البلد قد قامت، ولم ينج منها سوى حسن اللوزي (وزير الإعلام الرئاسي) المشغول بملاحقة الصحفيين والكتاب ومحاسبتهم ومطاردتهم، ومنع طباعة الصحف وإغلاقها وقطع أرزاق كل العاملين فيها، لتتضرر بذلك مئات الأسر من “الجنان اللوزي” المدعوم دعما خاصا من حاكم دار الرئاسة الواقع في شارع الستين.
قدم اللوزي فنا عجيبا تفوق به على كل الفنانين في العالم، لينجح بجنانه الفني في إضافة أخبار حربه الشعواء على الصحف والصحفيين إلى جانب الأخبار الأخرى عن اليمن، مثيرا المنظمات المعنية بحماية الإعلام ومنتسبيه، وراسما صورة سوداء موحشة عن البلاد وحرية الكلمة فيها، وهو مع ما ألحق بالبلاد من أضرار تدميرية شوهت سمعة رئيسه ونظامه قبل أي أحد آخر، لا زال مرتديا “لباس الحرب” التي يخوضها ضد الواقع الصحفي، وكأنه يقول: لكل حربه وهذه حربي. ولهذا يناوش في مختلف الجبهات الصحفية، مراقبا في نفس الوقت ردود الأفعال الصادرة والمتحدثة عن مناوشاته، وبرغم استياء وغضب تلك الردود والأفعال يبدو اللوزي فرحا مسرورا بجنانه السيء، لأنه يعتقد والعلم عند الله أنه يواصل تحقيق إنتصاراته التي فضحت النظام في اليمن، وكشفت كذب وزيف ديمقراطيته المحشوة بالتسلط والديكتاتورية.
إعتكف حسن اللوزي في “كهف اللجنة الدائمة” إجباريا سنين عدة، حتى أنه عجز أثناء فترة الإعتكاف في كتابة نص أدبي واحد، وهو الأديب الألمعي (حسب إعلام وزارته) ربما حزنا على نفسه وحاله، يوم أن تجاوزه مجموعة من “الأطفال” الذين منحوا حقائب وزارية رغم أنهم لم يمتلكوا ساعتها أي مؤهل أو تاريخ، وأيقن أيامها أنه وضع في “خانة النسيان” الرئاسية، فوقف متحسرا على أطلاله يبكي نفوذه ووزارته ليؤثر بكائه الطويل على بصره فلم يشاهد قناة “الجزيرة” وهي تدك المنطقة رافعة درجات الحرية الإعلامية ومفجرة كل الخطوط الحكومية بمختلف ألوانها، ولم يتعرف على وسائل التواصل الإعلامي التي حولت العالم إلى قرية واحدة، وفجأة سمع خبرا أوقف دمع مقلتيه,وأعاد الحياة إلى روحه اليائسة والبسمة إلى فمه المرتجف، والتقطه ذلك الخبر من كهف اللجنة الدائمة ليضعه فوق كرسي وزارة الإعلام من جديد لكن بعقلية قديمة لا تفهم كيف تتحكم في جهاز الكمبيوتر.
كان ذلك التوزير إثباتا رئاسيا عالي الجودة للقاصي والداني,بأن البلاد تسير إلى الوراء بخطى ثابته وبعزم لا يلين، لأنها لو كانت تسير إلى الأمام لألغيت الوزارة من الأساس أو لتم اختيار وزير ساير ويساير التطور الإعلامي في العالم، لكن الحاكم على ما يبدو قلب في الارشيف فاستغرب من إن فترة اللوزي يوم أن كان وزيرا خلت من نقده وفضح فساد وممارسات عصابته، وامتلأت بعبارات المدح والثناء لشخصه، فقرر إعادة اللوزي على أمل إعادة تلك الأيام الاعلامية الجميلة ناسيا وغير مدركا أن الأوضاع اختلفت وتغيرت، ولأنها كذلك عجز وزيره “القديم الجديد” في تحقيق نتيجة ترضيه، لكنه نجح نجاحا عظيما في الإساءة إليه وتشويه سمعة الوطن بأكمله.
الجنان اللوزي طال العديد من الصحف والصحفيين بتهم المساس بالوحدة والخروج عن الثوابت والتحريض على حمل السلاح وإثارة الأحقاد والكراهية وإهانة حاكم دار الرئاسة، وتلك بالفعل تهم مجنونة وزعت جنونها في مفاصل أجهزة النظام المتهاوي، لكنها فشلت في اختراق الوعيين الداخلي والخارجي وتغيير القناعات المطبوعة في الأذهان عن الصحف والأسماء التي أصابها “جنان اللوزي”، إذ لا يمكن لعاقل أن يصدق أن الأستاذ سمير جبران مس الوحدة والقدير سامي غالب يحرض على حمل السلاح، أو أن محمد العلائي وشفيع العبد وعوض كشميم وعبدالرزاق الجمل… الخ يثيرون الأحقاد والكراهية بكتاباتهم المعبرة عن وطنيتهم وحرصهم الكبير على وطنهم اليمني الواحد.
الثوابت التي نعرفها جيدا ونقدسها دوما هي ديننا وعقيدتنا وأنبياء المولى عز وجل، ثم وطننا الغالي وشعبنا العظيم، وما عدا ذلك ففيه أقوال وآراء، ولذلك فثوابت اللوزي ليست قرآنا ورئيسه ليس نبيا، وعليه أن يستيقظ من غفلة “ثوابته” التي تحتاج لمحاكمة خاصة، لأنه أول من تطاول على الثوابت الوطنية الحقيقية بمخالفته لدستور البلاد عبر إنشاء محكمة الصحافة، وتشويه نخبة اعلامية بامتياز، كما أنه كوزير اعلام أول من يجب أن يحاكم بتهم لا حصر لها أهمها الكذب والتضليل وتزوير الحقائق والإسائة المتعمدة لقيم وأخلاق المجتمع اليمني، وقذف أبناء اليمن بتهم باطلة، وعليه أن يتذكر أن الحراك الجنوبي بدأ مطالبا بالحقوق والعدالة والمساواة ولم يناد أو يرفع شعار الإنفصال، لكن الاعلام الحكومي الواقع تحت مسؤوليته أراد إثارة الرأي العام اليمني ضد أبناء الجنوب فكان أول من وصفهم بالإنفصاليين وأول من قال أنهم يسعون للإنفصال، ليدفعهم بكذبه المتواصل لتبني خيارات لم تكن لهم في الحسبان، كما أن اللوزي بحاجة للتذكيربان اعلام وزارته نشر وينشر تهما باطلة تجاوزت كل الأخلاق والقيم والقوانين البشرية ونهشت أيضا في كرامة وأعراض من اختلف النظام معهم، واللوزي أول من سيحاسب على تلك التهم وغيرها الكثير.
نحن من يحاكم وسيحاكم اللوزي وأعضاء النظام الفاسد واحدا واحدا، وبكتاباتنا نقدمهم وسنقدمهم واحدا تلو الآخر إلى محكمة التاريخ ليقول فيهم كلمة الحق الفاصلة، أما تهمه المعلبة والمنتوجة من مصنع السلطة الفاسد فتاريخ صلاحيتها منتهي منذ اللحظة الأولى، ولأن الغش والتضليل والكذب مواد صناعتها فلا قبول أو مكان لها، ولهذا يجب على وزير التسويق الاعلامي سحب معلباته الفاسدة من الأسواق بأسرع وقت ممكن.
يجب على اللوزي أن يعلم علم اليقين أننا لن نسمح أبدا له ولأمثاله بالتطاول علينا,فنحن لم ولن نسيء لوطننا لأنه أعز وأغلى علينا من أنفسنا وأهلنا وأولادنا، ولم ولن نحرض على حمل السلاح وإثارة الأحقاد والكراهية لأننا نحب شعبنا ونسعى جاهدين لنشر أفكار المحبة والاخوة والسلام بين أبنائه، ولم ولن نسيء للوحدة لأنها مشروع نقدسه ونخاف عليه ونحذر من كسره على يد الإنفصاليين الموجودين في السلطة قبل غيرهم، والذين يستحقون أن يقدموا للمحاكمة اليوم قبل الغد لأنهم بممارساتهم أوصلوا اليمن إلى حافة الهاوية.
على اللوزي ورئيسه وأركان نظامه أن يدركوا الحقيقة ويعلموها، فهم بممارساتهم سبب الحراك وبخطة التوازن الشيطانية سبب حرب صعدة، كما أنهم سبب المصائب كلها في اليمن، أما نحن فلم نظلم أحدا أو نسيء لأحد، ونحن من أحرص الناس على الوطن وأهله، ولأننا كذلك فسنقدم إلى محكمة التاريخ من غدر بالوحدة وأثار الحروب ودمر قيم المجتمع ونشر الفقر بالجرع والفساد.
سنحاكم من أقصى أبناء الجنوب وبسط على الأرض وصادر الثروات وحبس واختطف واخفى الصحفيين ورحب بانتهاك سيادة الوطن وتاجر بدماء الأبرياء في صعدة وأطلق النار والرصاص على المتظاهرين في الجنوب.
بأقلامنا سنكتب للأجيال أن دماء الناس وفقرهم وآلامهم وأعراضهم كانت في نظر الحاكم بروفة لست سنوات كاملة,ولحظة غضبنا ورفضنا واعتراضنا على تلك البروفة رصدتنا أعين اللوزي فسعى مغالطا جنانه قبل كل شيء لمحاكمتنا.
إن الهروب نحو محاكمة الخبر والكلمة أمر شنيع,كشف عورة النظام العاجز عن محاكمة سارق أو فاسد واحد وما أكثرهم في النظام والسلطة، وأثبت لنا أيضا مدى الخوف والرعب المنتشران في مفاصل أركان النظام المفجوع من كلماتنا التي ستواصل انطلاقها من كل موقع متاح في الداخل والخارج، ولا يمكن للوزي مهما بلغ جنانه من مدى أن يحجبها في زمن أصبح أمر الحصول على المعلومة أقرب للإنسان من شربة ماء.
لن نلطخ أقلامنا الشريفة بمخاطبة نظام فاشل لا أمل ولا رجاء فيه، لكننا نأسف بشدة على حال المعارضة المكتفية بنضال البيانات والعاجزة حتى اللحظة في إيقاف “جنان اللوزي” وإغلاق محكمة الصحافة غير الشرعية أو دستورية وحماية الصحفيين من ظلم وبطش سلطة تجاوزت القانون وكفرت بالثوابت والدستور.
معكم حتى آخر قطرة من حبر
بأقلامنا المستقية شرف الكلمة من نضالكم المتواصل، وبأسلوبنا المدني المتحضر والمؤسس على نبض أحرف صحفكم العظيمة، نعبر لكم عن تضامننا الكبير معكم جميعا في “الأيام” و”المصدر” و”النداء” ومع الأسماء القابعة في السجن والمقدمة للمحكمة، كما نعلن تضامننا وخوفنا على الأستاذ محمد المقالح المختطف والمخفي في سجون السلطة مؤكدين أننا معه في محنته بمشاعرنا ودعواتنا، سائلين المولى عز وجل أن يحميه ويفرج كربته ويعيده لأهله وأحبائه.
شكر وتقدير
أتقدم بخالص الشكر والتقدير لكل الشرفاء والمخلصين الذين عبروا عن تضامنهم معي، خاصة الأساتذة الكرام في صحيفة “صدى الوطن” وعلى رأسهم الزميل العزيز طارق عبدالواحد، راجيا وسائلا المولى أن أكون دوما وأبدا عند حسن ظن الجميع.
Leave a Reply