خليل رمَّال
إذا كنت من أصول عربية أو شرق أوسطية أو من شمال افريقيا وقمت بتقديم طلب وظيفة أو ما شابه وواجهت سؤالاً اختيارياً عن تصنيفك العرقي: أسود أو أبيض أو لاتيني، فلا تعرف كيف تجيب لأنَّ خانة عربي أميركي أو شرق أوسطي غير موجودة فتضطر إلى تصنيف نفسك فـي قائمة العرق الأبيض أو الأسود من دون تحديد هويتك الحقيقية. الخبر المفرح هو ان هذه الحقيقية المرَّة ربما تكون فـي طريقها إلى التغيير بعد جهد جهيد ومطالبات مستمرة، لكن تحقيق التغيير يتطلب مشاركة عربية واقلوية واسعة.
تقوم الحكومة الفـيدرالية لأول مرة بدراسة إمكانية السماح لمن ينتسب لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتحديد عرقه على هذا الأساس فـي الإحصاء الوطني المقبل المزمع إجراؤه فـي٢٠٢٠ ويبقى مستمراً لعشر سنوات مقبلة، والذي يمكن أن يعطي العرب الأميركيين والجماعات المغبونة الأخرى نفوذاً سياسياً أكبر ناجماً عن تفوقها النوعي والعددي، كما يساعدها فـي الحصول على المال العام، من بين أمور أخرى.
ولهذا الغرض يقوم مكتب الإحصاء الأميركي باختبار التصنيف العرقي الجديد لفئة القادمين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المختصر باصطلاح «مينا» (MENA). التصنيف الجديد يمكن إدراجه فـي إحصاء عام ٢٠٢٠ اذا حصل على ردود فعل إيجابية كافـية من أجل التغيير المقترح، عند انتهاء فترة ابداء الجمهور لارائهم وتعليقاتهم.
العرب الأميركيون، الذين يشكلون الغالبية العظمى من أولئك الذين سوف يشملهم تصنيف «مينا»، هم أكثر المغبونين من ناحية تصنيفهم بشكل افتراضي على انهم يُحسبون من العرق الأبيض فـي الإحصاءات، وهذا يؤدي إلى هدر حقوقهم الكثيرة منها تحديد حدود دوائر الكونغرس إلى تخصيص مليارات الدولارات من التمويل الفـيدرالي إلى تصنيفهم على انهم أقلية إثنية عددية، من بين أمور أخرى.
أولئك الذين يدفعون نحو تصنيف «مينا» يؤكدون أنه سيكون أكثر دقة وتمثيلاً لهم وبالتالي زيادة وجودهم ونفوذهم بين صناع القرار السياسي الأميركي.
ويعتزم مكتب الإحصاء فـي وقت لاحق من هذا العام القيام بإجراء اختبار من خلال عقد حلقات نقاش مع الناس الذين سيتأثرون بالتغيير المقترح. كما ان الكونغرس لا يزال بحاجة إلى مزيد من تكثيف الآراء ليوقع على المشروع قبل أن يُدمْج فـي احصاء العام ٢٠٢٠.
«نحن نعلم حجم التحديات»، يقول حسن جابر، مدير المركز العربي «أكسس»، وعضو المجلس الاستشاري للإحصاء الذي تم تشكيله من أجل اجراء تقييم حول تغيير الهويات العرقية والإثنية الأميركية. وأضاف جابر«ان الأمر حقاً يتطلّب إعادة التفكير … من نحن كسكان وما هي احتياجاتنا، (لكن) هناك احتياجات محددة للعرب الأميركيين التي لم يتم الإعتراف بها ولم تتم تلبيتها».
«المركز العربي» وغيره من المنظمات الحقوقية المدنية والإسلامية والعربية الاميركية التي تخدم الجاليات فـي الولايات المتحدة المتحدرة من منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، كانت لا تترك مناسبة الاّ وتدعو فـيها إلى التصنيف السكاني الجديد «مينا»، الذي يتيح أيضاً للأقليّات الأخرى ان تحدد نفسها فـي فئات فرعية مثل الآشوريين والكلدان أو الأكراد.
«بصراحة، وضعنا تحت فئة «مينا» سيعطي أيضاً فرصة للمرة الأولى للأقليات داخل المجتمعات العربية، مثل الكلدان والبربر والأكراد، لتحديد هويتهم»، أردف جابر، الذي يخدم فـي «اللجنة الاستشارية الوطنية التابعة لمكتب الإحصاء الاميركي حول تعداد السكان العرقيين والاثنيين وغيرهم».
وقد توافد العرب إلى أميركا بأعداد كبيرة منذ أواخر القرن التاسع عشر ونمت أعدادهم فـي العقود الأخيرة بسبب الحروب وعدم الاستقرار السياسي فـي الشرق الأوسط، فاستقر العديد منهم فـي وبالقرب من ديترويت ونيويورك ولوس انجلوس. وخلال مسح للمجتمع الأميركي أجراه مكتب الإحصاء عام ٢٠١٤، والذي بلغ حجم عينته نحو ٣ ملايين عنوان، أشارت التقديرات إلى أن ١,٥ مليون شخص هم من أصول عربية فـي الفترة من ٢٠٠٦-٢٠١٠.
واوضح جابر انه على الرغم من اعتقاده بأن فترة التعليقات العامة وفترات الاختبار ستسير على ما يرام لكن قد يكون من الصعب الحصول على موافقة الكونغرس. فبعض المشرعين الجمهوريين عموماً هم من المنتقدين الأشداء لكلفة الإحصاء واقتحام خصوصيات الناس، لذلك يسعون للقضاء على المسوحات الاجتماعية، والتي، على عكس التعداد الرئيسي، غير منصوص عليها دستورياً.
وهناك تأييد شامل للتغيير الإحصائي المقترح بين أولئك الذين يمكن أن يصنفوا أنفسهم اخيراً بأنهم من الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا. لكن قسماً منهم أعرب عن بعض الخشية من تقاسم معلوماته الشخصية مع الحكومة فـي مرحلة ما بعد ١١ أيلول (سبتمبر). وأما البعض الآخر فقال إن الحفاظ على الوضع الراهن من شأنه السماح لهم بالشعور بأنهم أميركيون أقحاح.
«أنا لست معه (التصنيف الإحصائي الجديد) …أنا أشعر بأني ماي فلاور أميركي»، قال عيد علوان، البالغ من العمر ٧٤ عاماً وهو إبن مهاجر لبناني ومعظم جذوره عربية.
علوان، مسؤول إرتباط التنوع فـي «مركز ديترويت الطبي» ومنسق حوار الأديان فـي المركز الإسلامي فـي أميركا، علَّل رفضه للتغيير بأنه سيكون مدعاة للإنقسام رغم وجود فوائد على التصنيف المقترح، واستطرد «جرى تقسيمنا وتحديدنا إلى القرى والدول (التي أتينا منها) – أنا لا أرغب بذلك».
بعض المهاجرين من الشرق الأوسط الأكبر سناً أو أحفادهم مازالوا يعيشون وهم يحملون وزر قوانين الولايات المتحدة فـي أوائل القرن العشرين التي استبعدت الآسيويين من الدخول إلى أميركا، وقد شمل هذا المنع السوريين وغيرهم من سكان شرق البحر المتوسط. وتم تشكيل هيئات لمحاربة تلك القرارات وفـي نهاية المطاف سُمِح للمهاجرين من الشرق الأوسط، الذين صُنِّفوا من العرق الأبيض، ليصبحوا مواطنين.
وأكدت سالي هاول، وهي أستاذة مشاركة فـي جامعة ميشيغن-ديربورن ومؤلفة للعديد من الكتب حول العرب والمسلمين فـي ديترويت، أن هذا النوع من النقاش هو مشترك بين «الناس الذين تربوا فـي أميركا حيث كان الاستقطاب يتم على أسس عرقية سوداء وبيضاء». ولكنها أضافت «الشباب عموماً هم أقل توقاً لرؤية العالم ضمن حدود هذه المصطلحات الثنائية، وينبغي على الإحصاء أن يعكس ذلك».
وتابعت «وبغض النظر عما يحدث لاحقاً، فإن الهوية لا تزال خياراً، لكن تطور حركة السكان يتطلب طرح أسئلة جديدة». وختمت هاول بالقول «نحن بحاجة إلى نوع من إعادة التفكير حول من هم العرب الأميركيون فعلاً. لقد تغيرت الجالية العربية بشكل جذري خلال السنوات الثلاثين الأخيرة، والطريقة الوحيدة التي تمنحنا حساً جيداً بمقدار التغيير المجتمعي هي ما اذا كانت لدينا معطيات (داتا) جيدة نعمل من خلالها».
(نقلاً عن جيف خروب من وكالة «اسوشيتدبرس»)
Leave a Reply