مريم شهاب
«خِربِت الدنيا عندما صارت المرأة تدخن سيجارة وتركب سيارة».. هذا ما كانت تقوله أذكى وأظرف سيدة في بلدتي برعشيت. اليوم.. لو عادت الحاجة حليمة إلى الحياة، ماذا عساها تقول حين تعلم أن بلاداً عديدة باتت تتزعمها وتحكمها نساء، وأن سيدة عتيدة في اليونايتد ستايتس أوف أميركا، الولايات الواسعة الشاسعة، مرشحة للرئاسة الأميركية، وقد تصبح رئيسة على «أتخن شنب» في العالم.
هل فعلاً «خربت الدنيا» عندما خرجت المرأة منذ مئة سنة راكضة كالريح الهبوب من الغرب إلى الشرق ومن الشمال إلى الجنوب لعقد الإجتماعات، وحضور المؤتمرات سعياً للحصول على حقوقها ونيل «استقلالها»؟
لتوضيح الصورة أكثر، هل المرأة الحديثة التكنولوجية أكثر سعادة وأقل تعباً من جدتها التقليدية؟ وأيهما أنفع: المرأة التي تنشئ عائلة ناجحة أم المرأة التي تقود السيارة والطيارة وتقاتل وتصارع في الحروب وتمارس الرياضات العنيفة وتقوم بالأعمال التي كانت وقفاً على الرجال؟
كانت الجدة تنهض باكراً، تؤدي صلاتها وتحلب بقراتها وتطعم دجاجاتها وتقوم بكل واجباتها بدون تذمر ولا سخط ولا نعط، بينما كان الرجل يخرج مبكراً إلى العمل سواء في الحقل أو في السياسة وغيرها من الأنشطة الإنسانية. الأولاد عديدون، لكن الأم تبقى العين الساهرة والأذن السامعة والحضن الدافِئ لهم عندما يعودون جميعاً ليجدوا الطعام البيتي البسيط، تقدمه لهم وهي تتمتم بكلماتها الشاكرة الحامدة ودعواتها الحانية وترسم بسمتها الدافئة التي تغمر الجميع. ثم تنام بلا مهدئات ولا منومات!
أما المرأة الحديثة المتطورة، التي داخت وحارت ودارت وتعبت كثيراً و«استرجلت» كثيراً سعياً للمساواة بينها وبين الرجل والإستقلال عنه. وبعدما قصت شعرها وقصّرت فستانها ولبست الجينز والقميص وتخلت عن أنوثتها وأجّلت أمومتها وصارت وزيرة ومديرة وصاحبة وظيفة عالية، وملأت جزدانها بالدولار بعدما سعت إليه بالليل والنهار، هذه المرأة.. هل هي أكثر سعادة وأقل تعباً من جدتها؟ أم زاد غضبها وتعبها واكتئابها وهي تركض صبحاً ومساءً بين البيت والوظيفة والأولاد ومتاعب الحياة اليومية العصرية؟
منذ بدء الخليقة، الرجل والمرأة يكملان بعضهما بعضاً، ففي المرأة جوانب ضعف ليست في الرجل وفي الرجل جوانب ضعف ليست في المرأة، والقرآن الكريم يشهد أن الله خلق المرأة ليأوي إليها الرجل ويسكن. وهذا بالضبط أهم أدوارها الطبيعية والإنسانية، لأن الله حباها بمزايا تجعلها وحدها القادرة على إسعاد الرجل، إضافة إلى دورها الأساسي في استمرار الحياة. وليست هناك وظيفة أو شهادة مهما كانت أهميتها، أهم من وجودها بجانب الرجل تحيا معه وترعاه وتنجب الأبناء والبنات وتسعد لرؤيتهم وهم يكبرون في ظلِّ أبيهم.
في الحياة كما في الطبيعة، إذا ما قامت المرأة بدور الرجل وقام الرجل بدور المرأة، اختلَّ التوازن الطبيعي واختلّت الحياة كلها. والدليل على ذلك.. انظر حواليك، ترَ هذه الدنيا تهوي بسرعة نحو الخراب والضياع والإنحلال وليس هناك من رابط ولا عاصم، و«من قلّة الزلم منقول للديك يا أبو قاسم»، كما جاء في إحدى حكايات سلام الراسي الشعبية!
لو كنت مكان هيلاري كلينتون لاستمتعت بالحياة الناعمة المرفهة وتركت الرئاسة والسياسة ووجع الرأس لأصحابها. المرحومة الحاجة حليمة كان معها الحق ألف مرة، خربت الدنيا لأنو ما في رجال، هذا زمن النساء، فيا مهازل ارقصي!
Leave a Reply