علي حرب
«نضالنا هو نضالهم ونضالهم هو ناضالنا» شعار أطلقه حاتم أبو داية، المدير التنفـيذي لـ«شبكة العمل العربية الأميركية ومقرها شيكاغو» «آن»، للتأكيد على ضرورة التضامن بين العرب الأميركيين والأفارقة.
وكان أبو داية يتحدث فـي اجتماع حاشد فـي ديترويت للتضامن مع رسمية عوده الأسبوع الماضي، حيث يقف الى جانبه الناشط الأميركي الإفريقي فرانك تشابمان، الذي جاء أيضاً من شيكاغو لإظهار الدعم لعودة.
داوود وليد (يمين) و ويل كوبلاند في مظاهرة تضامنية مع غزة بمدينة ديترويت |
وهذا الأسبوع، إنضمَّ أعضاء من شبكة «آن» إلى وفدٍ توجَّه إلى مدينة «فـيرغسون»، فـي ولاية ميزوري للمطالبة بالعدالة لمايكل براون، المراهق الأسود الأعزل الذي قُتل غيلةً برصاص الشرطة هناك فـي الشهر الماضي مما أدى إلى اندلاع الإضرابات العرقية.
منظمون من الجاليتين العربية الاميركية والإفريقية يلعبون دوراً فـي تعزيز هذا النوع من التضامن، ولكن بعض المناقشات التي أثارتها الحرب على غزة وأحداث «فـيرغسون»، قد اندلعت مؤخراً على صفحات التواصل الإجتماعية ووسائل الإعلام متسائلةً عما إذا كان الظلم اللاحق بالأميركيين السود هو مشابه للمظالم التي يواجهها الفلسطينيون.
وكان داوود وليد، المدير التنفـيذي لفرع ميشيغن فـي مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية «كير»، أحد المجاهرين بقوة فـي دعوته لزيادة التعاون والنشاط بين الجاليات العربية والأفريقية الأميركية، قال إنَّ الوضع فـي الأحياء الأميركية السوداء ليست متماثلة تماماً مع وضع الاحتلال فـي فلسطين من حيث التفاصيل الخاصَّة.
إلا أنه استطرد «ولكن يمكن إجراء مقارنة بين مجموعتين من الناس تعانيان من التهميش على أيدي مؤسسات حكومية وسياسات ظالمة وضعت حيز التنفـيذ لإبقاء الشعب المظلوم عاجزاً عن تحقيق آماله وطموحاته».
وانتقد وليد عدم مشاركة العرب الأميركيين المحلية بالقضايا السياسية للاميركيين السود. وأضاف «ينبغي أن يكون العرب الأميركيون نشطاء فـي المطالبة بتحقيق العدالة للجميع وليس فقط لشعوبهم لأنه أمرٌ غير واقعي أن يشكو (العرب الأميركيون) بأنٌَ الجالية اللاتينية أو السوداء لا تظهران التضامن مع الجالية العربية الأميركية عندما لا تريا نفس التضامن من العرب».
وأردف وليد «إنَّ التثقيف السياسي والتنشئة الاجتماعية يمكن أن يزيدا من التعاطف تجاه القضايا الأميركية الأفريقية فـي الجالية العربية الأميركية».
وأشار إلى أن منطقة مترو ديترويت تعاني من إفراط فـي الفصل (العرقي). والجاليات منقسمة من خلال جدران غير مرئية. فحي ما يبعد ميلاً فقط عن حي آخر قد يبدو مختلفاً تماماً. هناك تمييز واضح بين «ديربورن هايتس» و«إنكستر» وبين جنوب ديربورن وجنوب غرب ديترويت. العرب لا يعيشون بين الأميركيين الأفارقة، وهناك تفاعل اجتماعي محدود.
وأوضح وليد أنَّ القادة الأميركيين الأفارقة وقفوا تاريخياً مع العرب سياسياً، مضيفاً «فـي أواخر أعوام الستينيات والسبعينيات كانت هناك حركة سوداء قوية انحازت مع حركات التحرر فـي شمال أفريقيا وكذلك النضال فـي فلسطين. لقد خفت الوضع مع مرور الوقت، ولكن الناس، مثل الدكتورة أنجيلا ديفـيس وكورنيل ويست، وقفوا دائماً متضامنين مع الفلسطينيين».
وقال أبايومي أزيكيوي، وهو منظم إجتماعي فـي ديترويت ورئيس تحرير المدونة الالكترونية «شريط أخبار عموم أفريقيا» على الأميركيين العرب والأفارقة أنْ يعملوا معاً من أجل مصالحهم المتبادلة. وأضاف ازيكيوي فـي حديثٍ لـ«صدى الوطن» بأن «العرب والأفارقة يتشابهون فـي التاريخ، فكلاهما مظلوم وكلاهما عانى من الإستعمار والإمبريالية».
وتزامنت الحرب الأخيرة على غزَّة مع أزمة المياه فـي ديترويت، عندما كان يجري وقف المياه عن بيوت السكان بسبب فواتير غير مدفوعة. وقال أزيكيوي «فـي كثير من الأحيان تطرَّقَت العديد من الاحتجاجات المحلية إلى القضيتين معاً فـي وقت واحد فـي علامة متزايدة على التضامن بين الجماعات العرقية المختلفة».
وأردف «أن الحق فـي السكن والموارد المائية والأمن هي حقوق مهددة للشعب الفلسطيني وكذلك المجتمعات المضطهدة فـي الولايات المتحدة وعلى الرغم من وجود تضامن بين الجاليتين إلاَّ أنه ليس كافـياً».
وقال أزيكيوي «بعض الناس يعتقدون أنَّ مشاكلهم لها أهمية قصوى، ولا يرون ضرورة للتضامن لكن التضامن السياسي قد يفتح باب الحوار لحل التوترات العرقية بين التجار العرب والزبائن الأميركيين من أصل أفريقي فـي ديترويت».
وختم قائلاً «أي شخص جاد فـي القيام بأعمال تجارية فـي مدينة ديترويت يجب عليه التعامل مع الزبائن باحترام ويهتم بسلامة المجتمع».
وقال ويل كوبلاند، وهو ناشط فـي ديترويت، على الجالية الافريقية والعربية الأميركية أن تتعاونا لأجل مصالحهما الخاصة. وأضاف «ليس إيثاراً أنْ نعمل معاً، فنحن نواجه نفس النوع من القمع، نفس التكتيكات من نفس الكيانات. عندما نتحدث عن وحشية الشرطة، نحن نرى كيف تستخدم إسرائيل تكنولوجيا المراقبة ضد الفلسطينيين وتسوقها لقوات الشرطة فـي جميع أنحاء العالم».
وتحدث كوبلاند فـي تظاهرة من أجل فلسطين فـي ديترويت خلال الحرب الإسرائيلية على غزَّة. وعندما سُئل عما إذا كان قد شهد بنفسه تضامناً من العرب الأميركيين لقضايا السود أجاب إنه لا يمكنه أن يقول لا.
وأضاف «فـي نهاية عام ٢٠١٣ إجابتي عن السؤال كانت مختلفة، لكن طاقة جديدة نشأت هذا الصيف. ولقد رأيت النشطاء العرب الأميركيين فـي الاحتجاجات من أجل ديترويت، ورأيتهم يحملون يافطات ويتحدثون عن القضايا التي تهمنا. لا يوجد عدد كافٍ من الناس كما أود أن أرى أو أطمح، ولكن لا أستطيع القول ليس هناك أي تضامن ».
وأشاد كوبلاند بتضامن جهود منظمة «ذي الجماعية»، وهي شبكة نسوية عربية وإسلامية تدافع عن المساواة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين.
أما عن التوترات العرقية فـي ديترويت، فطالب كوبلاندالعرب الأميركيين بانتقاد بعض أعضاء من جاليتهم عندما يسيئون معاملة أو يقللون من احترام أو يستغلون الزبائن السود.وقال «عندما نرى الناس ينتقدون أشخاصا من ملتهم لكونهم ارتكبوا اخطاء، فهذا يعزز الثقة ويمكّن من بناء التضامن بيننا»
من جهتها صرحت الناشطة المحلية زينة عزير بوجود علاقة بين حال ووضع الأميركيين السود ومعاناة الشعب الفلسطيني «ولكن المقارنة ليست بحجم الحاجة الحاجة للتضامن بين الفئتين .انها ليست منافسة بين من هو مظلوم أكثر، وبين الاقل ظلما ذلك أن لكل صراع خصوصياته. نحن الجماعات المختلفة نواجه القهر معاً، والأجدر بالنسبة لنا هو العمل معا».
وأضافت «أن القوى نفسها هي التي توقع الظلم على الجاليتين، وهذا يجب ان يوحدهما معاً. قنابل الغاز المسيل للدموع التي أطلقت على المحتجين فـي «فـيرغسون» هي نفسها التي أُستخدمت ضد المتظاهرين فـي مصر والضفة الغربية. أنظروا من أين يأتي المال لقصف غزَّة».
وانتقدت عزير قلَّة الدعم من بعض الأميركيين العرب لقضايا السود مشيرةً إلى أنَّ «لدينا وجهة نظر إشكالية للغاية حول السياسة العرقية فـي المنطقة وكعرب أميركيين، نحن أتيح لنا أنْ نصبح فـي وضعية مريحة فـي مواقعنا كأصحاب أعمال وسياسيين محليين، وهذا ترك وراءنا اناس آخرين من الذين لم يحالفهم الحظ للحصول على نفس الوضعية المريحة».
ومع ذلك، أضافت عزير، أن الوعي السياسي والتضامن مع المجموعات الأخرى آخذ فـي الازدياد فـي الجالية العربية الأميركية، وخاصةً بين طلاب الجامعات. وقالت «التضامن السياسي بين الجاليات العربية والأفريقية الأميركية يمكن أن يخفف بعض الضغوط الاجتماعية بينهما فـي ديترويت. هناك الكثير من العداء تجاه أصحاب الأعمال العرب فـي ديترويت. أنا لا ألوم الناس الذين يحملون تلك المشاعر، ونحن بحاجة للعمل معاً ورأب الصدع، ليس فقط فـي العلاقة بين التاجر والزبون، ولكن فـي جميع المحاولات. مع أخذ العلم بأنَّ علينا أنْ نهتم بقضايا بعضنا البعض من أجل نزع فتيل التوتر».
عزيرالتي ساعدت فـي تنظيم واحدة من أكبر الاحتجاجات للتضامن مع غزَّة فـي ديترويت فـي شهر يوليو (تموز) الماضي، أكدت أنه يجب معالجة عدة قضايا من خلال المهرجانات لأنها تعرِّف الناس على هذه القضايا التي قد لا تكون مألوفة لديهم. وخلصت إلى القول «اننا لا يمكن أن نعزل أنفسنا فـي العالم بقضية واحدة، ومن المهم القيام بنضال عابر للأعراق والجنسيات، أي ليس فقط من ناحية العرق ولكن أيضاً من ناحية الطبقة والجنس والهوية الجنسية وكافة الجماعات تطالب بتحقيق العدالة».
Leave a Reply