عماد مرمل – «صدى الوطن»
تشتد الضغوط الاقتصادية والمالية على إيران و«حزب الله»، في هذه المرحلة، تحت وطأة العقوبات الأميركية القاسية والمتفاقمة التي تلت قرار الرئيس دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي كان يحمل توقيع سلفه باراك أوباما، علماً أن الهزات الارتدادية لهذه العقوبات تصل إلى مساحة واسعة من المؤسسات والجهات الدولية، بفعل التغلغل الأميركي في الاقتصاد العالمي وآلياته المالية.
ولئن كانت طهران قد حاولت التخفيف من تداعيات الحصار الأميركي ومفاعيله عبر نسج تفاهمات موضعية مع الأوروبيين، تتضمن آليات «التفافية» ومرنة للتبادل التجاري، إلا أن القيادة الإيرانية تركز بشكل أساسي في هذه الجولة الجديدة من المواجهة مع واشنطن، على أولوية تحصين الجبهة الداخلية من خلال رفع مستوى «المناعة الذاتية» اقتصادياً، استناداً إلى الدروس المستقاة من تجربة الاتفاق النووي التي كانت قد رافقتها طموحات بالازدهار، تبين لاحقاً أنها انطوت على مبالغات مفرطة أو توقعات غير واقعية.
لا تنتظروا أحداً
وقد خاض مرشد إيران السيد علي خامنئي في ظروف هذا التحدي ومتطلبات التصدي له، خلال لقاء جمعه أخيراً مع أعضاء الحكومة الإيرانية، راسماً استراتيجية التعامل الرسمي مع استحقاقات المرحلة الحالية.
ووفق المعلومات، توجه خامنئي إلى الوزراء بالقول: واصلوا العمل في منتهى الجدية في إطار قدرات البلد وإمكانياته، ولا تنتظروا هذا وذاك. لقد ربطنا في يوم من الأيام حل مشكلات البلد الاقتصادية بالاتفاق النووي، لكن هذا الاتفاق عجز عن حل مشكلات بلدنا الاقتصادية وتقديم مساعدة ملحوظ إلينا، وكانت النتيجة أن الناس باتوا معلًّقين، وكذلك معلِّقين أمورهم كلها على الاتفاق النووي، بحيث أنه عندما ينوي فلان الانسحاب من الاتفاق النووي كان علينا أن نشهد فوضى وارتباكاً في السوق، ما دام هو يقول بأنني سأنسحب. لقد علِقنا وعلَّقنا الناس.
وأضاف خامنئي متوجهاً إلى أعضاء حكومته: لدينا الآن الحزمة الأوروبية. فلنعمل على ألا نُعلِق الناس بها. طبعاً، في ما خص الحزمة، الأوروبيون مجبرون ولا سبيل لهم وهم مرغمون، وعليهم أن يبينوا كيف سيتمكنون من الدفاع عن مصالحنا التي تدعى بالحزمة، لكن لا تدرجوا هذا الأمر ضمن المواضيع الأساسية في البلد. سواء نُفذت الحزمة الأوروبية أم لم تُنفذ، لدينا داخل البلد أعمال وأمور مقدور عليها، ينبغي تحقيقها. فلنسع إلى تحقيق هذه الأمور المقدور عليها ولا نعلِّق تحسن الوضع الاقتصادي على شيء خارج عن نطاق سيطرتنا.
خبث أوروبي
وتابع خامنئي متوقفا عند دور الأوروبيين: حسناً.. هم يُظهرون خبثاً في هذا المجال، ولا أريد الآن التطرق إلى موضوع أوروبا فالكلام يطول حول هذا الأمر، وقد قلت لرئيس الجمهورية أيضاً إن هؤلاء، وبعد أن يُثبّت كل شيء وتُفرض العقوبات، قد يعطوننا شيئاً وقد لا يعطون، وهذا إنما ينم عن خبثهم.
وأضاف خامنئي: قرأت في احدى الصحف أن (دونالد) ترامب قال بأنني كنت أود تقديم بعض التوصيات إلى (رئيسة وزراء بريطانيا) تيريزا مي، إلا أنها هي من قدمت لي التوصيات. هؤلاء على هذه الشاكلة، ومن ثم يجرون اتصالاً هاتفياً بالشيخ الدكتور حسن روحاني ويعربون لجنابه عن خالص ودهم واحترامهم. ينبغي النظر إلى هؤلاء بهذه النظرة. إنهم سيئون، سيئون للغاية، ولدي الكثير لأقوله حول الأوروبيين، لا في ما يخص سياساتهم الحالية، بل حول الخبث الذي أظهرته الحكومات الأوروبية على امتداد هذه القرون، وهناك الكثير من الكلام ليقال هنا، لا أريد الآن التطرق إليه.
وخاطب خامنئي وزراء الحكومة قائلاً: على أي حال، لا تربطوا اقتصاد البلد بحزمة الأوروبيين. لدينا أعمال نقوم بها داخل البلاد وينبغي علينا حتما أن نقوم بها، وعليهم هم أيضاً القيام بعملهم، لكن لا يجب أن نربط حل مشكلاتنا بهم.
وتابع خامنئي مستدركا: بالطبع، أنا أقول بوجوب حفظ العلاقات، والأصدقاء الذين كانوا على تواصل معنا خلال هذه الأعوام المتمادية يعلمون أنني في ما يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية أؤمن بوجوب تعزيزها وتطويرها وتفعيلها وتوسيعها وترجمتها على أرض الواقع، يوماً بعد يوم. هذا ما أؤمن به وليس بالانزواء وقطع العلاقات وما شاكل. هذه هي عقيدتي في ما خلا بعض الموارد، كالعلاقة مع أميركا. ينبغي توطيد العلاقات بالشرق، وتوطيدها بالغرب قدر المستطاع، وينبغي للنشاط الدبلوماسي الفعال والهادف أن يتنامى، بمعنى ازدياد الحركة الدبلوماسية الهادفة للبلاد.
Leave a Reply