شربل نحاس ينتصر للشعب
أعاد لقاء السيد حسن نصر الله بالجنرال ميشال عون، قبل ليلة من جلسة الحكومة الأخيرة، ترتيب العلاقات الثنائية بين الحليفين بعد ان طرحت “اخطاء سياسية” ارتكبها وزراء “حزب الله” في مقاربة الملف المعيشي علامات تعجب واستفهام، قبل ان يضع السيد ثقله؛ ومعه التوأم الشيعي حركة أمل، خلف وزراء “تيار التغيير والإصلاح” ليخرج وزير العمل شربل نحاس منتصرا للمواطن الفقير بإقرار مشروعه لتصحيح الحد الأدنى للأجور بحد أدنى يبلغ 868 ألف ليرة.
وسقى وزراء “حزب الله” والتيار و”أمل” رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من الكأس الذي أذاقهم إياها قبل اسبوعين حين نجح في تمرير اقتراحه في التصويت بعدما فاجأ الوزراء الشيعة بمشروع لم يكونوا على اطلاع كافٍ عليه، فأدى الإرباك آنذاك الى سقوط اقتراح الوزير نحاس وامتعاض عوني محق كون مشروع الأخير اكثر ملامسة لهموم العمال والموظفين.
وفي التفاصيل أن الرئيس ميقاتي كان قد اتفق مع الاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية على حد أدنى للأجور بمبلغ 675 الف ليرة عقب اجتماع معهم قبيل جلسة الحكومة في القصر الجمهوري. وللوهلة الاولى اوحت جميع التسريبات ان وجهة نظر ميقاتي “ستنتصر” مرة جديدة، غير ان المفاجأة كانت في نتيجة التصويت حيث نال مشروع الوزير نحاس، لا مشروع ميقاتي، ثقة الاكثرية لتعيد قوى “٨ آذار” الاعتبار الى قوتها السياسية في البلد، بعد ان تراجعت كثيرا خلال الفترة السابقة نتيجة سوء تنسيق وضعف في الأداء.
امتعاض ميقاتي ومعه اصحاب الشركات الكبرى والصناعيين من قرار الحكومة تُرجم عبر سلسلة مواقف حذرت من “التبعات الاقتصادية” لمشروع نحاس، غير ان اللافت أن رئيس الحكومة اعتبر ما جرى في جلسة مجلس الوزراء بمثابة “رسالة سياسية وصلت”.
في المقابل، تنفس “التيار الوطني الحر” الصعداء بعد ان نجح مجددا، بعد معركة الاتصالات، في دفع ملف حيوي معيشي قدما بما يخالف ما دأب عليه اللبنانيون طوال عقود من الحكومات عند التعاطي مع شؤونهم. وبهذا المعنى جاء تصريح الوزير نحاس الذي اعتبر أن “الحكومة أنجزت خطوة حاسمة طوت 16 عاما من الاعتداء على الاجور وحقوق العمّال والموظّفين، وأقرّت تصحيحا بنيويا سيترك آثارا إيجابية كبيرة على الاقتصاد الحقيقي والاوضاع الاجتماعية”.
وفي تفاصيل القرار، عينت الدولة الحد الادنى الرسمي للأجر الشهري بمبلغ 868 ألف ليرة لبنانية
اعتباراً من 1/12/2011، على أن يعين الحد الادنى الرسمي للأجر اليومي بمبلغ 33 الف ليرة، ويتضمن هذا الحد الادنى بدل النقل.
وإعتباراً من تاريخ صدور المرسوم يُعتبر بدل النقل اليومي البالغة قيمته شهرياً 236 الف ليرة لبنانية عنصراً فعلياً من الاجر إلى جانب الاجر الذي كان يتقاضاه الاجير بتاريخ 1/12/2011 وتدفع عن كامل هذا الاجر الاشتراكات المتوجبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ويدخل في احتساب تعويض نهاية الخدمة.
وتضاف الى الاجر زيادة غلاء معيشة قدرها: 18 بالمئة على الشطر منه حتى مبلغ مليون ونصف مليون ليرة لبنانية و10 بالمئة على الشطر الثاني منه الذي يزيد على مليون ونصف مليون ليرة لبنانية ولا يتجاوز مليونين ونصف مليون ليرة لبنانية.
وتحدد القيمة الشهرية للمنح المدرسية المنصوص عليها في قانون الضمان الاجتماعي بمبلغ 40 الف ليرة لبنانية عن كل ولد مسجل وحده، والاقصى 160 الف ليرة لبنانية وتلغى سائر المنح المدرسية الاخرى.
على مسار موازٍ، عاش الشارع السياسي اجواء ترقب لما قد يصدر عن النائب وليد جنبلاط الذي اعاد التموضع مرة جديدة في لحظة سياسية اقليمية بالغة الخطورة. ومن الواضح ان زيارة فيلتمان الأخيرة الى بيروت أعادت “تصويب” مواقف الزعيم الدرزي باتجاه البوصلة الأميركية التي تعاني تضعضا هذه الأيام مع اكتمال الانسحاب من العراق والأزمة الاقتصادية الدولية. ولئن كانت ملامح تبعات “الدوران” الجنبلاطي الجديد بدأت بالظهور من خلال “غمزاته” السياسية، فمن الواضح ان “حزب الله”؛ المعني أولا بارتدادات أي انقلاب سياسي قد ينفذه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، قد سارع الى تخفيض العلاقات معه الى حد القطيعة، في حين كان لافتا مسارعة السفير الإيراني في بيروت غضنفر ركن آبادي الى محاولة احتواء الالتفافة الجنبلاطية من خلال زيارة مفاجئة قام بها الى المختارة ليعلن ان أبواب طهران مفتوحة لوليد جنبلاط متى ما شاء “وفي القريب العاجل”.
Leave a Reply