دعا الشركاء فـي الوطن إلى «بناء الدولة سويّاً»
الحريري يرد على المعلّم ويتهمه بـ«عزل بري عن التفاوض»جنبلاط: لن نعطي الثلث المعطل لإيران وسوريا
بيروت – أظهرت مواقف بداية العام الجديد أن المساعي الخارجية، وتحديدا على خط باريس دمشق، قد أقفلت بصورة شبه نهائية، وبدا الانشداد أكثر الى ما سينتجه الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب يوم الأحد المقبل في القاهرة، خاصة بعد أن أعلن الجانب المصري رسميا أن الرياض والقاهرة ستطلقان مبادرة جديدة باتجاه لبنان، لم تتضح معالمها حتى الآن. ووسط رهان لبناني عام بأن يتحمل العرب مسؤوليتهم التاريخية تجاه لبنان، فإن محطة القاهرة، ستكون مفصلية، سواء بقدرتها على «تنقية» العلاقات العربية العربية، أو بمقاربة الوضع اللبناني وحساسياته، خاصة أن البدائل، اذا أقفل آخر الأبواب، تنذر بالعودة الى الشـارع مجددا. وبين البيان التقليدي الهادئ الصادر عن المطارنة الموارنة من بكركي و«الوقائع الدامغة» التي ساقها وزير الخارجية السوري وليد المعلم، وردود الفعل المرتبكة عليه من الجانب الفرنسي وذهاب فريق الأكثرية بلسان رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري الى مناشدة المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته مجددا تجاه لبنان، فإن المقابلة التلفزيونية للسيد حسن نصر الله، حملت في طياتها الكثير من الإشارات السياسية اللافتة للانتباه.
فقد خاض الأمين العام لـ«حزب الله» فعليا «حوارا تلفزيونيا» غير مباشر، مع رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، ولو أن نصرالله كان حديثه مسجلا قبل 24 ساعة، فيما كان جنبلاط يطل على الهواء مباشرة حيث بادر الى التعليق أحيانا على مضامين محددة في مقابلة نصر الله. ولوحظ أن جنبلاط لم يتجاوز سقف مقابلة يوم الاثنين الماضي مع احدى الفضائيات الايرانية، مكتفيا بالاشارة مجددا الى أنه اتهم سابقا ويتهم «حزب الله» مجددا بتحمله «مسؤولية معنوية» عن الاغتيالات السياسية «لأنه لم يتعاون وعنده جزر أمنية»، وهو أمر ردّ عليه نصر الله بالقول إن قيادة «حزب الله» اتخذت قرارا بمقاضاة كل من يوجه اليها اتهامات كهذه وصفها بأنها «خطيرة جدا جدا»، معتبرا أن كل من يتهم داخليا المقاومة بالاغتيال انما يقدم خدمة مجانية لإسرائيل ويحقق أهدافها بجر المقاومة الى قتال داخلي. وفيما كان جنبلاط يوجه منذ بداية الحلقة المتلفزة طانيوس دعيبس عبر محطة «آيه ان بي» عشرات الأسئلة الى نصر الله، متفاديا ما أسماها «الحواشي الجاهلية»، كان الأمين العام لـ«حزب الله» يرد منذ بدء الحوار مع سعيد غريب عبر الـ«ان بي ان» أن مشكلة المعارضة ليست مع فريق الأكثرية بل مع المشروع الأميركي الذي يريد فرض هيمنته على لبنان والإمساك به ليصبح جزءا من المشروع الأميركي في المنطقة، وقال ان نفس وجود المقاومة وفشل التوطين وعدم السماح بتغيير موقع لبنان الاقليمي هو فشل للمشروع الأميركي في المنطقة. ونفى نصر الله ما ردده جنبلاط بالأمس أكثر من مرة حول وجود مشروع دولة لـ«حزب الله» خارج الدولة، وقال مخاطبا فريق الأكثرية وجمهورها «تريدون دولة ونحن نريد دولة، والدولة لا تبنى إلا بالشراكة وعندنا اليوم فرصة تاريخية طالما أننا توافقنا على العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية». أضاف نصر الله «لنتفاهم على حكومة وحدة وطنية تتحول الى هيئة حوار وباقي النقاط كلها قابلة للنقاش»، وخاطب الأكثرية «اذا كنتم مستندين الى الدعم الخارجي ومجلس الأمن والأميركيين، فإنه لن يبني لكم دولة ولكم في العراق وفلسطين والباكستان وأفغانستان اسوة وعبرة». وقال «اذا اجتمع العالم كله ليفرض على المعارضة شيئا لا ترى فيه مصلحة لبنان فلن يستطيع ذلك، بما في ذلك ايران وسوريا». وأعلن نصر الله ان الامور عادت الى نقطة الصفر نتيجة التدخل الاميركي، وكشف ان المعارضة ستجري مشاورات خلال الاسبوعين المقبلين لتحسم خيارها وتتخذ الاجراءات المناسبة للتحرك، مشيرا الى ان هذا التحرك سيكون بوسائل مدنية، ورد على سؤال حول احتمال انفلات الامور على الارض بالقول اننا لا نستطيع تقديم ضمانات «لأننا لسنا العامل الوحيد على الارض في هذا المجال». وشدد على «ان الضمانة الدستورية هي في الثلث الضامن وان الحل هو في الشراكة»، وقال «لن تكون هناك انتخابات رئاسية ما دام القرار الاميركي يقضي بعدم إعطاء المعارضة الثلث الضامن». واعتبر أن المشكلة الحقيقية ليست في اتفاق «الطائف» حتى نذهب إلى تعديله، داعيا الى إعادة صلاحية تفسير الدستور الى المجلس الدستوري، وكشف أن الفرنسيين فاتحوا الايرانيين بتعديل «الطائف» قبل فترة وقال «نحن نحتاج لتطبيق صحيح لـ«الطائف»، وفي حال اتفقت جميع القوى السياسية على إعادة النظر في بعض بنود اتفاق الطائف فنحن لا نمانع لكن لا نطالب بالتعديل». وقال نصر الله اننا «حاضرون للبحث في قضية سلاح المقاومة في اطار حكومة وحدة وطنية لوضع استراتيجية دفاع وطني ونحن سنلتزم». وأشار الى ان الجرة انكسرت مع جنبلاط وهو مسؤول عن ذلك، وألمح ردا على سؤال حول علاقته بسعد الحريري أن لا عداوة شخصية نهائية مع أحد، حزبا أو شخصا «ولا أحد يقطع مع أحد وهناك دائما أصدقاء مشتركون». وأوضح نصر الله ان المفاوضات حول تبادل الاسرى ما تزال قائمة وتوقع ان تتبلور الامور سلبا أو ايجابا خلال أسبوعين، ملمحا بشكل غير مباشر الى دور سلبي لقوى داخلية وخارجية أدى الى الإبطاء في آلية وجدية التفاوض مع الاسرائيليين، متحدثا عن وجود أشلاء وأجزاء لدى المقاومة «معتد بها» لم يهتم بها الاسرائيليون! ورأى نصر الله ان تصريحات اسامة بن لادن الاخيرة خدمت حزب الله ولن نفتح سجالا معه، وأعرب عن قلقه في شأن موضوع المخيمات في لبنان وعن خشيته من توريط المخيمات في الداخل، ولم يستبعد حربا اسرائيلية جديدة على لبنان، لكنه لاحظ ان ذلك ليس واضحا في المدى المنظور.
الحريري: رسالة المعلم خطيرة وردت الأكثرية بلسان النائب سعد الحريري على المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي اعلن فيه تعليق الحوار مع باريس وقال: «إنه كان يفاوض الادارة الفرنسية باسم قوى 8 آذار، وان ورقة الحل والربط كانت في جيبه لا في جيب أي طرف لبناني آخر». واتهم الحريري المعلم بأنه لا يعمل على قلب الحقائق وحسب «بل يحاول رمي كرة النار في اتجاه اللبنانيين، ويعلن بشكل أو بآخر عزل الرئيس نبيه بري عن حلبة التفاوض وحصر أي نقاش في المسألة اللبنانية بالحوار مع العماد ميشال عون». ونبّه الحريري الى أن الرسالة التي وجهها المعلم «هي رسالة خطيرة بحق لبنان، ونخشى أن تتحول الى رسالة تهديد ووعيد، ومشروعا للتخريب على الاستقرار الداخلي وهو ما يحمل فرنسا تحديدا والمجتمع الدولي عموما مسؤولية مضاعفة تجاه هذا البلد». وختم الحريري أن مسؤولية المجتمع الدولي يجب ألا تقل عن مسؤولية الدول العربية التي نعتبر كلام المعلم رسالة استباقية لاجتماع وزراء خارجيتها في القاهرة ومحاولة لتعطيل أي جهد عربي ايجابي تجاه لبنان.
جنبلاط: لن نعطي الثلث المعطل لإيران وسوريا من جهته، شن النائب جنبلاط حملة عنيفة على سوريا، ووجه إهانات شخصية الى القيادة السورية، وقال انه لا يخجل أبدا بمطالبته الأميركيين بضرب دمشق، واستخدم مجددا بعض مفردات «قاموس التوتير السياسي»، مركزا حملته على ايران وسوريا و«حزب الله» والعماد عون من دون أن يستثني بعض حلفائه سواء في إشاراته الى كلام سمير جعجع عن العودة الى النصف زائدا واحدا وكذلك «لطشاته» غير المباشرة للنائب بهيج طبارة في معرض حديثه عن «جهابذة الدستور» وللنائب روبير غانم في موضوع تسويق نصاب الثلثين مع بكركي وللوزير محمد الصفدي (وجهاء طرابلس)، وحتى للنائب الحريري عندما تحدث عن زعل أحد أقطاب الأكثرية منه عندما تحدث بعد اغتيال الشهيد فرنسوا الحاج عن دور الجيش في حماية المقاومة ومواجهة الارهاب! واتهم جنبلاط «حزب الله» بشن حرب إلغاء ضد الأكثرية، وسخر من كلام نصر الله حول ارتباط الأكثرية بالمشروع الأميركي واعتبرها «اسطوانة» وقال ردا على مطالبة أمين الجميل بتعديل الطائف ان الأمر يبحث مع بكركي وربط بين الثلث المعطل وبين المثالثة، معتبرا أن الثلث المعطل انقلاب على الطائف ويعني أن ايران وسوريا أحكمتا قرارهما على لبنان! وأعاد ربط موضوع الحكومة بالمحكمة الدولية بعدما كان قد قال سابقا ان الموضوع أصبح في الخارج سائلا عما سيقوم به وزير العدل اذا كان من المعارضة في قضايا إجرائية على صلة بتشكيل المحكمة.
Leave a Reply