يأتي التعليم المدرسي والأكاديمي فـي مقدمة «الاستثمارات» التي تعود بمردود معتبر على صورة الجالية العربية ودورها ومستقبلها فـي منطقة مترو ديترويت، ولذلك يجب أن يكون الارتقاء بالمستوى التعليمي فـي مدننا على رأس اهتمامات جاليتنا بالشكل الذي يضمن تأمين مصالح العرب الأميركيين ومستقبل أبنائهم القريب والبعيد.
ومن هذا المنطلق، وفـي ضوء ما تعانيه مدارس «منطقة كريستوود التعليمية» فـي مدينة ديربورن هايتس من أوضاع يرثى لها، سواء لناحية حالة المباني التي تعاني جدرانها وسقوفها من تشققات وتصدعات تكاد تودي بها إلى الانهيار، أو لناحية التخلف التكنولوجي الذي تعاني منه هذه المدارس وطلابها، الذين هم فـي معظمهم من العرب الأميركيين، فإننا بحاجة ملحة إلى قرع جرس الإنذار والمطالبة بإصلاح تلك المدارس وإعادة تأهليها وفق الشروط الفنية والصحية العصرية التي من شأنها تصويب العملية المدرسية فـي تلك المنطقة والتركيز على الارتقاء بالمستوى الأكاديمي، بدلا من استنزاف أموال المنطقة فـي أعمال الترقيع التي لا تحل المشاكل بقدر ما تؤجلها لتنذر بالأسوأ مع مرور الأيام.
منذ الستينات، وقبل عقود من تدفق الأسر العربية الى ديربورن هايتس، لم تشهد مدارس كريستوود أية تحسينات تذكر، ولكننا اليوم نرى أن المنطقة بحاجة ملحة الى التحديث والتطوير بما يتناسب مع تطلعات جاليتنا التي أثبتت حضوراً فاعلاً فـي مترو ديترويت ولاسيما فـي ديربورن هايتس، حيث لعب العرب الأميركيون الدور الأساس فـي صمود المدينة وازدهارها فـي الوقت الذي انهارت فـيه -أو كادت- العديد من المدن المجاورة والقريبة.
إننا ندرك تماما الكلفة المرتفعة اللازمة لإجراء خطة الإصلاح الشاملة وما تتضمنه من إعادة هيكلة وتطوير وورش بناء، وهي تكاليف قدرها مكتب «كريسا بلانت موران» للاستشارات بحوالي 50 مليون دولار بعد مسح أجراه فـي العام ٢٠١٤. كما إننا نعي تماما أن المقترح الذي سيطرح على التصويت يوم الثلاثاء ٣ أيار (مايو) الماضي، قد يبدو غير عادل بالنسبة لبعض سكان ديربورن هايتس الذين سيضطرون لدفع مزيد من ضرائب الملكية على منازلهم لمدة ثلاث سنوات لتمويل عملية الإصلاح الشاملة المقدرة بقيمة ٣٥ مليون دولار، وفق المقترح.
فبعض السكان ليس لديهم أبناء مسجلون فـي مدارس كريستوود، كما أن آخرين يعتقدون أنه ليس من العدل أن يدفعوا ضرائب أكثر لأن منازلهم أكبر وأعلى ثمناً, ولكن على هذه الفئة من السكان أن تدرك أن المدارس الجيدة ستزيد من رقي الأحياء السكنية وزيادة أسعار منازلها وترسيخ الأمن والإستقرار فيها.
إننا، فـي «صدى الوطن» ندرك هذه الاعتبارات والهواجس، ولكننا فـي الوقت نفسه نحث العرب الأميركيين فـي مدينة ديربورن هايتس على التصويت بـ«نعم» لصالح المقترح الحيوي بالنسبة لجاليتنا، وذلك إيمانا منا بأن عائدات هذا المشروع فـي حال إقراره ستعود بفائدة كبيرة على الجالية العربية التي باتت تسجل حضورا متزايدا فـي المدينة التي ساهمت فـي إنعاشها وازدهارها بشكل ملحوظ.
وانطلاقا من هذا الواقع، نهيب بجاليتنا العربية أن تتجنب الدخول فـي متاهات المصالح الضيقة وأن تتعامل مع المشكلة من منطلق المصلحة العامة، فإن لم تتحقق ورشة الإصلاحات الضرورية فـي القريب العاجل فإن مستقبل مئات الطلاب -الذين يقضون أوقاتا فـي المدارس أطول من الأوقات التي يمضونها فـي منازلهم- سيكون فـي خطر.
إن المقارنة بين الزيادة الضريبية التي ستزداد وسطياً بمعدل 240 دولارا للمنزل الواحد من جهة، ومستقبل آلاف الطلاب سيكون بلا شك لصالح مواصلة منح الأطفال فرصة أفضل للتعلم فـي بيئة آمنة وعصرية، بدلاً من تعريض سلامتهم ومستقبلهم للخطر، جراء ارتيادهم مدارس تفتقر إلى البنية التحتية الملائمة.
إننا -فـي الصحيفة- نعتبر أن من ضمن أولوياتنا تأمين مبدأ «تكافؤ الفرص» ليكون طلاب مدارس كريستوود على قدم المساواة مع طلاب المناطق التعليمية الأخرى، فذلك من حقهم علينا جميعا، وبالتالي فمن الواجب علينا تأمين هذا الحق والدفاع عنه، ناهيك عن أن هؤلاء الأطفال هم من سيحددون شكل مستقبلنا فـي هذه البلاد..
نهيب بكم: صوتوا بـ«نعم» لمقترح «كريستوود»! لتضمنوا مستقبل أجيالكم.
Leave a Reply