ناتاشا دادو – «صدى الوطن»
فـي الوقت الذي يحتدم فـيه النقاش بين الأميركيين حول إزالة العلم الكونفدرالي من ساحة الكابيتول فـي ساوث كارولاينا التي شهدت مجزرة مروعة فـي كنيسة للأفارقة الأميركيين، طفى هنا فـي ديربورن على السطح جدل حول إزالة تمثال رئيس البلدية الأسبق أورفـيل هابرد من أمام المبنى البلدي القديم على ميشغن أفنيو فـي شرق ديربورن.
ويعتبر هابرد، وهو من أصول أيرلندية من أبرز رؤساء البلدية فـي تاريخ ديربورن وقد تقلد هذا المنصب لمدة 36 عاماً (من 1942 الى 1978) حققت خلالها المدينة ازدهاراً ونمواً كبيرين، غير أن آراءه وسياساته العنصرية جعلته من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل فـي المنطقة. وعرف عن هابرد الذي توفـي عام ١٩٨٢ أنه كان من أشد المدافعين عن إبقاء ديربورن مدينة «نظيفة» لا يسكنها الأميركيون السود، وإنما تظل حكراً على البيض. وكان يقول فـي هذا «أنا لا أكره السود ولكن سكان المدينة من البيض لا يرغبون بمجاورتهم»، ويؤكد بأنه إذا ما سمح للأميركيين الأفارقة بالإقامة فـي ديربورن فإن ذلك سوف يؤدي الى التقارب والتزاوج وإختلاط الأجناس وإنتاج أجيال هجينة، وهذا من شأنه وقف التقدم الحضاري!
ويرى رئيس بلدية ديربورن الحالي جاك أورايلي إنه من الناحية العملية لا بد من تغيير مكان التمثال باعتبار أن البلدية نقلت مقرها الى موقع آخر، مؤكداً أن هناك جدلا يدور بين الأميركيين حول هذا الموضوع ولا بد من وضعه فـي إطاره التاريخي الأوسع. وأضاف أن البلدية ترحب بطرح وجهات النظر المتباينة كجزء من الجدل الدائر فـي مختلف المدن الأميركية تجاه النظر الى الأعراق ومستقبل العلاقات بين مختلف الأجناس فـي بلادنا.
وقال أورايلي إن التمثال نصب فـي هذا المكان عام 1989 بتمويل من المتبرعين وذلك لتمجيد هابرد الذي عرف عنه تفانيه فـي تقديم خدمات جليلة للمدينة، فقد أنشىء فـي عهده منتزه «كامب ديربورن» فـي ميلفورد، كما تم شراء مجمع سكني للمسنين من سكان المدينة فـي فلوريدا. ولدى الاستفسار من أورايلي عن مدى موافقته على إزالة تمثال هابرد، ردّ بالقول «نحن موافقون، فالتمثال يمكن أن يصبح نقطة نقاش محورية على المستويين المحلي والوطني فـي ظل توجه الأميركيين نحو رفض ماض عنصري مرت به بلادنا، فالتمثال فـي موقعه الحالي قد يشتت حقيقة قصة ديربورن وفق ما هو معروف عنها الآن»، وأكد أورايلي بأن مناقشاتنا ينبغي أن تركّز على التقدم الذي أحرزناه على مدى العقود الماضية محلياً ووطنياً.
تجدر الإشارة الى أن العرب الأميركيين يشكلون 40 بالمئة من سكان ديربورن وفق التعداد السكاني لعام 2010.
وجاء النقاش حول تمثال هابرد الأسبوع الماضي فـي أعقاب نشر مؤسس مدونة «ديدلاين ديترويت» الألكترونية بيل ماغرو مقالة بعنوان «لدينا نسخة من علم الكونفدرالية إرتفاعه 10 قدم يرفرف فـي ديربورن»، وقد نشر المقال عقب مجزرة كنيسة تشارلستون فـي ساوث كارولاينا والتي راح ضحيتها تسعة قتلى من الأميركيين السود، وقد شوهد القاتل، وهو شاب أميركي أبيض، فـي لقطة فـيديو وهو يحمل علم الكونفدرالية. يشار الى أنه خلال الشهور الماضية إكتسبت الحركات المناهضة لوحشية الشرطة زخماً نتيجة وقوع عدد من الضحايا السود جراء العنف البوليسي.
وبالعودة الى ديربورن فإن البلدية تلقت مؤخراً العديد من الإنتقادات بسبب إطلاق إسم هابرد على أحد الشوارع ومركزين للمسنين فـي المدينة، الجدير بالذكر أن والد أورايلي كان قائدا لشرطة ديربورن فـي عهد هابرد وبعد ذلك أصبح رئيسا للبلدية، كما أن إبنة هابرد نانسي خدمت كعضو فـي مجلس ديربورن البلدي لمدة عشر سنوات، حيث انتخبت فـي هذا الموقع لأول مرة عام 1990، ولكنها تنحت عن الترشح عام 2013، وقبل ذلك عملت سكرتيرة فـي دائرتي المباني والسلامة، والأشغال العامة.
عدد من العرب الأميركيين فـي ديربورن كان لهم وجهات نظر متباينة تجاه إزالة النصب التذكاري لهابرد، حيث قالت ريما زلغوط «العديد من أبناء الجالية الذين يدعمون بقاء التمثال ربما لا يدركون مدى العنصرية التي كان عليها هابرد حقاً»، وأضافت «لقد كان من أشد المتطرفـين العنصريين فـي الشمال الأميركي، وقد شن حملة شعواء لإبقاء ديربورن حكراً على البيض». وقالت «لا مانع من معرفة التاريخ ولكن ليس بالضرورة تمجيده».
من جانبها، قالت دانيا حبحاب إنها مع بقاء التمثال كون صاحبه قدم خدمات جليلة لديربورن، وكانت حبحاب أمضت جل حياتها فـي ديربورن بإستثناء ثلاث سنوات قضتها فـي نورثفـيل، وقالت «لا مجال للمقارنة فـيما يتعلق بالخدمات والمنتزهات المتوفرة فـي ديربورن»، وأضافت «هابرد قدم لمواطني المدينة خدمات عظيمة وحدائق منتشرة فـي أرجائها، وأنا لا أتفق مع هذه المناورات التي يغلب عليها التعصب والعنصرية».
Leave a Reply