صرح وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان فرص توصل العراق والولايات المتحدة الى اتفاق امني بنهاية شهر تموز (يوليو) المقبل اصبحت جيدة بعد ابداء الجانب الاميركي المرونة في شروط الاتفاق. جاءت تصريحات زيباري خلال مؤتمر صحفي بعد الاجتماع بوزيرة الخارجية الاميركية كوندليزا رايس في واشنطن. وقد كشفت مصادر مقربة من المباحثات العراقية-الأميركية بشأن الاتفاقية الأمنية أن الجانب العراقي قدم مسودة ثانية مقابلة للمسودة الأميركية الثانية للاتفاقية، التي تظهر انخفاضا في سقف المطالب الأميركية، في وقت شكك سياسيون عراقيون في إمكانية انجاز الاتفاقية في وقتها.
وقالت مصادر سياسية مقربة من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للوكالة الوطنية العراقية للأنباء (نينا) «ان سقف المطالب الأميركية بدا يقل وبدأوا يطرحون مطالب اقل بكثير من التي طرحوها في مسودتهم الأولى». وأوضحت «ان الحكومة بدأت بتشكيل دوائر مشتركة من اجل ان لا تمس هذه الاتفاقية بالسيادة العراقية».
ورفض المجلس السياسي للأمن الوطني العراقي بالإجماع المسودة الأولى للاتفاقية الأمنية التي قدمت من قبل الجانب الأميركي. وقدم الجانب الأميركي مسودة ثانية للاتفاقية بعد رفض المسودة الأولى خفض فيها من سقف مطالبه.
وبدأت المفاوضات العراقية-الأميركية في 11 أذار (مارس) الماضي بشأن عقد معاهدة طويلة الأمد حول الروابط المستقبلية بين الجانبين، وتتضمن اتفاقيتين الأولى تتعلق بوضع القوات الأميركية في العراق، والثانية تحدد إطار العلاقات الدبلوماسية مع بغداد.
وقال زيباري للصحفيين «لقد قلنا دائما ان الاتفاقية يجب ان تكون علنية وغير سرية» واضاف ان واشنطن غيرت موقفها واصبحت اكثر مرونة وحريصة على التوصل الى اتفاقية مقبولة للطرفين. وكان زيباري الذي زار واشنطن لهذا الغرض قد التقى ايضا نائب الرئيس ديك تشيني.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن زيباري قوله ان الجانبين قد اعادا صياغة الفقرة الخاصة بالتزام الولايات المتحدة بالدفاع عن العراق في حال تعرضه لعدوان خارجي بحيث لا تتطلب الاتفاقية في صيغتها النهائية مصادقة مجلس الشيوخ الاميركي. والصيغة البديلة التي يجري مناقشتها تنص على التزام الولايات المتحدة بمساعدة القوات المسلحة العراقية في الدفاع عن العراق.
وفيما يتعلق بطلب واشنطن منح قواتها والشركات الامنية الخاصة التي تتعاقد معها للعمل في العراق الحصانة الكاملة، قال زيباري ان واشنطن تراجعت عن هذا الطلب وتم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للاشراف على عمل القوات الاميركية في العراق واعتقال العراقيين. ومن القضايا الخلافية بين الطرفين ايضا عدد القواعد العسكرية الاميركية في العراق.
وفي بغداد اصدرت الحكومة العراقية بيانا قالت فيه ان العراق ملتزم بالتوصل الى اتفاقية امنية طويلة الامد مع الولايات المتحدة وان الطرفين يجريان مباحثات لوضع الاطار القانوني لاستمرار وجود القوات الاميركية في العراق بعد انتهاء التفويض الممنوح لهذه القوات من قبل الامم المتحدة في شهر ايلول (سبتمبر) المقبل.
كما اشار البيان ان الجانبين يبحثان عقد اتفاقية اخرى للتعاون بينهما في المجال الافتصادي والسياسي والامني.
وتضمنت مسودة المعاهدة الأميركية الاولى مطالب تضمنت الموافقة على بناء سجون ومعتقلات باشراف وادارة اميركية، والسماح للإدارة الاميركية بمكافحة الارهاب وملاحقة الارهابيين بالطريقة التي تراها مناسبة. كما طالب بوش في المسودة بحصانة قضائية للقوات الاميركية والشركات، خلال وخارج أوقات الدوام الرسمي، فضلا عن عدم تفتيش البريد الخاص بالقوات الاميركية، ولا حتى الاطلاع على مضمونه، مهما كان حجمه، وإن كان البريد على شكل سيارة أو طائرة أو غيرها. كما طالب الأميركيون بإقامة 348 موقعاً عسكرياً (وليس قواعد عسكرية)، على أن يكون بعض هذه المواقع سرية. كما طلب الأميركيون أن يكون لقواتهم حق إشراك جيوش اجنبية، من دول اخرى، في عملياتهم داخل العراق، وحق استخدام الفضاء العراقي من الأرض وحتى ارتفاع 29 الف قدم، ما يعني حق السيطرة على الملاحة الجوية، اضافة الى حق استخدام كل الموانئ البحرية والجوية للقوات الاميركية وحتى الجيوش الحليفة المشاركة.
وتحدثت مصادر أخرى عن بنود سرية إضافية، لم تكن ضمن المسودتين الأميركية والعراقية، من أهم ما تتضمته إعطاء حق تدريب وتجهيز القوات العراقية، وايضا حق اصدار الاوامر لمدة 10 سنوات وايضا الحصول على نفس الامتيازات والحقوق بالتدريب والتجهيز واصدار الاوامر فيما يتعلق باجهزة الاستخبارات وذلك لمدة 10 سنوات ايضاً. إلا ان هذه المصادر لم تحدد أياً من اجهزة الاستخبارات الحالية (الامن الوطني او القومي، أو ما اذا كان المقصود بها دائرة الاستخبارات التي يترأسها عبد الله الشهواني التي ترفض الحكومة العراقية دمجها في مؤسسات الدولة كونها غير تابعة لهرميتها الادارية والمالية حاليا).
ورغم أن هذه النصوص لم يتم الاتفاق عليها، إلا أن المعلومات تشير إلى إدراجها ضمن ما بات يعرف بالخطة «ألف»، أو المسودة الاولى التي سحبت فيما بعد، واعلن المالكي من عمان اواخر الاسبوع قبل الفائت ان المفاوضات بشأنها وصلت الى الطريق المسدود بسبب مطالب أميركية تنتهك سيادة العراق، قبل أن يتراجع مشيراً إلى أن المفاوضات مستمرة، معبراً عن أمله بالتوصل إلى اتفاق.
Leave a Reply