طرابلس – تفاجأ الليبيون والعالم، يوم الخميس الماضي، بمقتل العقيد معمر القذافي الذي حكم ليبيا لمدة 42 عاما بيد من حديد، في مسقط رأسه، مدينة سرت، على ايدي مقاتلي المجلس الوطني الليبي الذين سيطروا على المدينة بعد اسابيع من المعارك الضارية التي حولت المدينة الى أنقاض.
وأعلن رئيس المجلس التنفيذي في المجلس الوطني الانتقالي محمود جبريل، الخميس الماضي، ان اعلان تحرير ليبيا سيتم في موعد اقصاه الجمعة.
وقال جبريل ان “(مصطفى) عبد الجليل (رئيس المجلس الوطني الانتقالي) سيعلن في موعد اقصاه الجمعة تحرير البلاد وسيدلي بتفاصيل عن مقتل (معمر) القذافي” الذي قضى متأثراً بجروحه في مدينة سرت بشرق طرابلس.
وجاء مقتل القذافي، الذي اعلنه المجلس الوطني الانتقالي رسميا، بعد ثمانية اشهر من انطلاق الانتفاضة ضد نظامه في شباط (فبراير) الماضي وبعد شهرين من سقوط العاصمة طرابلس بأيدي الثوار وتواريه عن الانظار منذ ذلك الوقت.
وقال الناطق باسم المجلس الوطني الانتقالي عبد الحفيظ غوقة في مؤتمر صحافي في بنغازي “نعلن للعالم ان القذافي قتل على ايدي الثوار”، معتبرا انها “لحظة تاريخية ونهاية الديكتاتورية والطغيان”، مضيفا ان ذلك “سيضع حدا لحمام الدم واستشهاد شبابنا”.
وتم اعتقال او قتل عدد من اقارب القذافي من بينهم ابنه في منطقة سرت التي سقطت اليوم بالكامل بين يدي قوات المجلس الوطني الانتقالي بعد معارك دامية لاكثر من شهر، بحسب قادتهم.
واثر الاعلان عن مقتله عبر سكان في سرت ومصراتة وبنغازي وطرابلس عن ابتهاجهم حيث اطلقت السيارات ابواقها واطلق الرصاص في الهواء وعانق الناس بعضهم البعض.
وأعلن مدير خطوط الطيران الليبية عن وقف الرحلات “نتيجة احتفالات الناس بمقتل القذافي” خوفا على سلامة الطيران المدني.
من ناحيته، اعلن رئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو “نهاية عهد من الطغيان والقمع” في ليبيا بعد الاعلان عن مقتل الزعيم الليبي.
وقالت وزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين اشتون في بيان انه “اذا تأكد مقتل (القذافي) فان ذلك ليختم فترة مأساوية في حياة الليبيين”. وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان مقتله “خطوة مهمة” على طريق تحرير ليبيا.
واعرب وزير الخارجية الالماني غيدو فيسترفيله ان بلاده تامل في حقبة جديدة من السلام والديموقراطية في ليبيا.
اما رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني فاعتبر بعد اعلان وسائل الاعلام عن مقتل القذافي ان “الحرب انتهت” في ليبيا، المستعمرة الايطالية السابقة.
وقال عضو مجلس الشيوخ الاميركي البارز جون ماكين ان موت معمر القذافي يؤذن بنهاية “المرحلة الاولى” من الثورة الليبية، داعيا لعلاقات اوثق بين واشنطن وطرابلس.
نهاية نظام
عرضت عدة قنوات تلفزيونية المشاهد الأولى التي تظهر فيها جثة القذافي بوضوح. وقال قائد القوات البرية للثوار خليفة حفتر “تم تحرير سرت وبمقتل القذافي سقط نظام معمر القذافي وتم تحرير ليبيا بالكامل، ومن كان يقاتل معه قتل أو تم القبض عليه”. مضيفا “الآن نستطيع أن نقول إن القذافي مات وليبيا تحررت”.
وقالت “الجزيرة” إن مسؤولاً عسكرياً ليبياً أكد أن صورة جثة الرجل الذي يشبه معمر القذافي، والتي عرضتها القناة هي بالفعل صورة الزعيم المخلوع.
وفي وقت سابق اليوم قال عبد المجيد مليقطة المسؤول بالمجلس الوطني الانتقالي إن القذافي توفي الخميس متأثرا بجروح أصيب بها لدى اعتقاله قرب مدينة سرت مسقط رأسه.
وقال مليقطة إنه “أصيب أيضا في رأسه حيث كان هناك إطلاق نار كثيف على مجموعته وتوفي”.
وأوضح أن طائرات حلف شمال الأطلسي (الناتو) ضربت قافلة وأصابت أربع سيارات كانت متجهة غربا، وأضاف أن أبو بكر يونس جابر وزير الدفاع في نظام القذافي قتل في سرت أيضا، وذكر أن أحمد إبراهيم وهو قريب ومستشار للقذافي اعتقل، ومعه موسى إبراهيم المتحدث باسم الحكومة السابقة.
كيف قتل القذافي؟
أظهرت صور اللحظات الأخيرة للعقيد الليبي معمر القذافي قبل مقتله في مدينة سرت، عقب إلقاء القبض عليه من قبل الثوار وهو مصاب ولكنه كان على قيد الحياة، وهو ما يؤكد المعلومات التي تحدثت عن مقتل العقيد عقب إعتقاله من دون تفاصيل عن ظروف مقتله.
وأظهرت الصور القذافي وهو يتعرض للدفع والضرب بيد مجموعة من الثوار وبدا أنه يقاومهم في مرحلة ما، وكانت الدماء تغطي وجهه وجرى جذبه إلى سيارة بينما ضرب على رأسه بمسدس.
وروى كل من محمد العوا وإبراهيم محمد المحجوب، وهما من أفراد الكتيبة التي اعتقلت القذافي، ظروف العملية، وأكدوا لقناة “الجزيرة” أنهم توصلوا إلى مكانه عقب إطلاق نار من قبل مرافقين للعقيد، وبعد الاشتباك صعد القذافي الذي كان مختبئا في حفرة مجاورة حاملا مسدسا، وهو يتسائل “شنو فيه؟” (ماذا هناك؟).
وأوضح محجوب أن سيارة إسعاف نقلت العقيد إلى مصراتة، مشيرا إلى أنه شاهد العقيد وهو مغمى عليه قبل أن يفارق الحياة.
من جانبه أكد القائد الميداني للمنطقة الجنوبية في مدينة سرت محمد ليث أن القذافي كان مسلحا وقتل أثناء محاولته الفرار.
وقال ليث لوكالة الصحافة الفرنسية إن القذافي “كان داخل سيارة جيب كرايسلر أطلق عليها الثوار النار فخرج منها وحاول الفرار، وهو هارب دخل في حفرة محاولا الاختباء. أطلق عليه الثوار النار، فخرج وهو يحمل في يده كلاشينكوف وفي اليد الأخرى مسدسا، تلفت يمينا ويسارا وهو يتساءل عمّا يحصل، وأطلقوا عليه النار فأصيب في الكتف وفي الرجل وقتل على الأثر”.
وأضاف أن القذافي “كان جسمه هزيلا جدا، وواضح أنه كان مريضا فلم يتحمل الإصابة”. وأكد أنه كان يرتدي بذلة بنية اللون وعلى رأسه عمامة.
ونفى ليث أن يكون القذافي قتل في قصف لقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) على سرت، مؤكدا أن “ثوار مصراتة قتلوه”.
من جهته، أعلن حلف شمال الأطلسي في بيان له، الخميس الماضي، أن طائرات للحلف قصفت آليات لقوات موالية للقذافي في حوالي الساعة الثامنة والنصف صباح اليوم بالتوقيت المحلي في ضواحي سرت. ولم يوضح الحلف ما إن كان القذافي موجودا في هذه القافلة من السيارات “التي كانت تخوض عمليات عسكرية وتشكل تهديدا واضحا للمدنيين”، كما جاء في البيان.
Leave a Reply