بعد الكوارث والزلازل التي ضربت اليابان العام الفائت، راجت اغنية يابانية لاقت نجاحا لافتا، ترجمها لي أحد الأصدقاء. تتحدث الأغنية عن فتاة صغيرة أصيبت اصابات بالغة جعلتها طريحة الفراش. تلك الفتاة الصغيرة كانت مولعة بفن “أوريغامي” الياباني، وهو عمل يدوي يطور ملكة الخيال والدقة والابداع والصبر من خلال صنع اشكال مختلفة من الورق.
كانت الفتاة الصغيرة تعتقد بأنها اذا تمكنت من صنع ألف طائر من الورق، ستتعافى وتشفى. وظلت حتى اللحظة الأخيرة تشكل باصابعها الرشيقة عشرات الطيور الورقية البديعة الألوان والأشكال. ماتت سعيدة. وبسمة أمل غامضة تضيء وجهها وتشع من عينيها.
كلمات الأغنية حزينة لكنها ذات لمسة سحرية تثير في المشاعر نسائم دافئة من الأمل.
والأمل، شعور مميز يقلب كيان الإنسان، ويحرر طاقاته ويضيء ليل تعاسته ويخفف دموع حزنه.
والأمل أيضا، فرصة أولى وثانية وعاشرة أمام قلوب تتطلع بقلق وبلهفة نحو غد مجهول. قد يتحقق الأمل، وقد لا يتحقق. والكثير من البشر يتراجعون بعد أول كبوة وانكسار فيدمرون طاقاتهم ويخنقون إمكانياتهم، فالأمل قوة مساعدة فقط. بإمكانه أن يجعل الممكن، وليس المستحيل، حقيقة وواقعا.
من المعروف أنه عندما يسعى الانسان بقلب مملوء بالأمل الى تحقيق غرض أو غاية، يبذل من الجهود قدرا أكبر بكثير من ذاك الذي يبذله وهو يائس ومحبط. الأمل يضخ جرعة زائدة من الثقة بالنفس تجعل المرء يعمل بهمة وحماسة وتركيز وبذهن صاف ومعنويات عالية وروح مندفعة نحو الهدف المنشود.
أحيانا.. الحالة النفسية تؤثر بشكل مباشر على القرارات التي يقوم بها الشخص، وقد يطيح العامل النفسي بمشروع حسب له الإنسان ألف حساب. والمثال على ذلك الحوادث البشرية والكوارث الطبيعية، وهنا في أميركا يهتمون بعرض ضحايا الحوادث على مختصين نفسيين يتابعون حالاتهم، حتى بعد الشفاء لتعزيز الثقة في نفوسهم وإحياء الأمل لديهم.
كم من الناس يحاربون كل يوم في جبهات مختلفة. هذا يحارب المرض، وذاك يحارب الفقر، وآخر يواجه الظلم. تتباين أزمنة وأمكنة الصراع، في مشهد واحد: نفق طويل مظلم يتلألأ في نهايته نور خافت يشتد ضياؤه كلما ازدادت ثقة المرء في نفسه وكبرت مساحة الأمل في غده.
Leave a Reply