خلال السنوات الأخيرة، تغيرت مدينة ديربورن هايتس سكانياً واقتصادياً بشكل ملحوظ بعد تدفق العرب الأميركيين إليها ناقلين حصيلة تجاربهم الناجحة التي صقلوها على مر العقود في منطقة ديترويت وتحديداً في ديربورن التي ساهموا في استقرارها وازدهارها بشكل حماها من أعتى أزمة اقتصادية ضربت الولايات المتحدة، بدءاً من العام 2007 وما تزال تداعياتها مستمرة حتى الآن.
فلقد غيّر العرب صورة ديربورن الحضارية والثقافية، كما غيّروا وجهها الاقتصادي كمدينة تحتضن واحدة من أكبر شركات صناعة السيارات في العالم، وهي شركة فورد، إلى مدينة للأعمال التجارية الصغيرة. وبفضل العرب تحول شارع وورن وغيره في شرق المدينة من شوارع مهجورة ومقفرة إلى مناطق مزدهرة تجارياً وسكانياً. وعلى نفس الشاكلة حول عرب ديربورن هايتس مدينتهم من «مجتمع للنوم» بحسب التوصيف المعتمد، إلى مدينة للعيش والعمل والترفيه، حتى أن المدينة بدأت مؤخراً بتشكيل وسط تجاري (داونتاون) على امتداد شارع فورد، بين شارعي بيتش دالي وإنكستر.
ورغم أن التغير الديموغرافي في ديربورن هايتس قد تجلى من خلال ازدياد كثافة العرب الأميركيين واتساع أعمالهم التجارية والاقتصادية التي باتت تشكل جزءاً حيوياً من الموارد الضريبية للمدينة، إلا أن بعض السكان يرون أن الدوائر الحكومية (وبينها البلدية ودائرتا الشرطة والإطفاء) لم تواكب التغيرات السكانية ولم تسعَ بالشكل الكافي والمطلوب لتمثيل الشرائح السكانية في أجهزة الحكومة المحلية.
صحيح أن إدارة ديربورن هايتس أبدت ترحيبها بالعرب الأميركيين وفتحت أبوابها لهم للعيش والعمل والاستثمار، لكن البلدية –مع الاعتراف بتجاوبها للمتغيرات المستجدة– كانت بطيئة في اللحاق بالتطورات الأخيرة، فأعداد العرب الأميركيين العاملين في البلدية ودائرتي الشرطة والإطفاء ماتزال ضيئلة جداً مقارنة بنسبتهم المتنامية بوتيرة سريعة خلال العقد الماضي.
ويحسب لدائرة الشرطة في ديربورن هايتس تفهمها للخصوصية الثقافية للعرب الأميركيين. ففي كانون الثاني (يناير) 2015، قامت شرطة المدينة بتحديث سياساتها المتبعة بشأن حجز وتصوير النساء المحجبات، وذلك في أعقاب رفع مواطنة عربية أميركية اسمها ملاك قازان دعوى قضائية أمام المحكمة الفدرالية في ديترويت ضد مدينة ديربورن هايتس، بسبب إجبارها على نزع حجابها وسط حضور رجال الشرطة الذكور، إثر توقيفها وحجزها بسبب قيادتها للسيارة برخصة منتهية الصلاحية.
ومع ذلك، ما تزال هناك الكثير من الاستحقاقات أمام حكومة المدينة، خاصة فيما يتعلق بتمثيل العرب الأميركيين في دوائر البلدية المتعددة، وهو ما أجمع عليه معظم المرشحين لمنصب رئاسة البلدية ولمقاعد المجلس البلدي الأربعة، وتعهدوا في حال نجاحهم في الانتخابات بالاستجابة لهواجس السكان والعمل على معالجتها.
ومع اقتراب موعد الانتخابات التمهيدية للمناصب البلدية في المدينة، بادرت «صدى الوطن» إلى تعريف القراء بالمرشحين للمناصب والمقاعد المُتنافس عليها، وإتاحة الفرصة لهم للاطلاع على مواقفهم وبرامجهم الانتخابية، أملاً وسعياً من الصحيفة لمساعدة الناخبين على اختيار المرشح الأنسب لتولي زمام المسؤولية في مدينتهم.
وإننا –في «صدى الوطن»– نأمل أن يدلي العرب الأميركيون بأصواتهم بكثافة، لكي يتمكنوا من إيصال المرشحين المؤهلين والمناسبين والمستعدين للإصغاء إلى همومهم ومعالجتها، والقادرين على رسم السياسات البلدية بشكل يتفق مع مصالح مدينتهم.
«صدى الوطن»، وبعد الاطلاع على برامج المرشحين وسيرهم وتجاربهم السابقة في الشأن العام، قررت إعلان دعمها لعدد من المرشحين لمناصب بلدية في ديربورن هايتس، مع تأكيدها على أحقية أن يصوّت المواطنون للمرشح الذي يعتقدون بأنه الأفضل، أما دعمنا لهؤلاء المرشحين فقد جاء بعد دراسة ومناقشات مستفيضة بين أعضاء أسرة التحرير، ومبنياً بالدرجة الأولى على مصالح العرب الأميركيين والمجتمع المحلي عموماً في ديربورن هايتس.
والمرشحون الذين تدعمهم الصحيفة، هم: رئيس البلدية الحالي دانيال باليتكو للاحتفاظ بمنصبه، والمرشحون روبرت كونستان وبيل بزي وجيف مقلد ومو بيضون للمقاعد الأربعة المفتوحة في المجلس البلدي، وذلك للأسباب التالية:
فيما يخص منصب رئاسة البلدية، يتنافس ثلاثة مرشحين هم رئيس البلدية الحالي دان باليتكو وعضو المجلس البلدي ليزا هيكس–كلايتون وعضو «مجلس كريستوود التربوي» أد غارسيا.
بداية، لا بد من الاعتراف بأن معظم التغييرات الإيجابية التي تمكن العرب من تحقيقها في ديربورن هايتس، قد حصلت في عهد باليتكو الذي تبنى سياسة «الباب المفتوح» في وجه الجالية متفهماً همومهم وتطلعاتهم. وبمساعدة مدير دائرة الهندسة والمباني العربي الأميركي محمد صبح فإن باليتكو كان بمثابة رأس الحربة في مشروع تطوير وسط ديربورن هايتس (دوانتاون).
كما أقر باليتكو عبر سياساته بدور العرب الأميركيين الرئيسي في إنهاض اقتصاد المدينة ودعم مواردها الضريبية، كذلك أبدى تفهمه لمخاوف السكان المتضررين من نشأة وسط تجاري على شارع فورد، فعمل جنباً إلى جنب مع الأهالي وصبح لاتخاذ الإجراءات التصحيحية المناسبة. وفي حين أن المرشحة هيكس–كلايتون وغارسيا مؤهلان لمنصب رئاسة البلدية، لكن باليتكو بلا شك يستحق دعم الناخبين العرب، بعد أن فتحت لمدينة في عهده أحضانها للعائلات والمستثمرين العرب.
وفي سباق المجلس البلدي، يعتبر كونستان مرشحاً مؤهلاً جداً، فقد شغل منصب نائب رئيس المجلس البلدي للمدينة في الفترة (2001–2006) كما انتخب نائباً في مجلس ميشيغن التشريعي لثلاث دورات متتالية عن الدائرة ١٦ التي تشمل ديربورن هايتس، وهو يشغل منذ العام 2013 رئاسة المجلس البلدي، وقد أثبت على الدوام أنه كان صديقاً وفياً للعرب الأميركيين ومواظباً على التواصل معهم في جميع المناسبات.
كما أنه مطلع على ما تحتاجه المدينة ذات القاعدة الضريبية الصغيرة لمواصلة النمو وجذب السكان والمستثمرين، بدءاً من ترحيبه بتدفق مشتري المنازل من العرب، الأمر الذي حسّن نوعية وقيمة الممتلكات العقارية في المدينة.
أما المرشحون الثلاثة الآخرون الذين استحقوا دعم «صدى الوطن» فهم، بيل بزي الذي يتمتع بخبرة تعليمية وحياتية واسعة النطاق، من خلال عمله في اثنتين من أكبر الشركات العالمية (فورد وبوينغ)، إضافة إلى خدمته في البحرية الأميركية لمدة 21 عاماً. ويتفهم بزي تحديات المدينة ويعد بوضع بروتوكولات فعالة لإيجاد قنوات تواصل تمكن البلدية من الاطلاع على قضايا وهموم السكان وأصحاب الأعمال على حد سواء، وإيجاد الحلول العملية المناسبة.
ومن جانبه، يعتبر جيف مقلد مؤهلاً تماماً لتولي عضوية المجلس البلدي وإحداث التغيير المطلوب في المدينة، مع الحفاظ على ضبط الميزانية والشفافية والصحة العامة والأمن، وكونه صاحب عمل تجاري، ويتمتع بخبرة قيادية في مجال الرعاية الصحية فهذا سيساعده على الوفاء بوعوده في تحسين خدمات المدينة وجعلها مكاناً أفضل للعيش والعمل والاستثمار.
وعلى نفس المنوال، يدرك بيضون رغم يفاعة سنه، التحديات التي تواجهها المدينة، وتعكس وعوده الانتخابية المتكاملة في عدة مجالات –بتجديد برامج خدمات المسنين وتحسين خدمات المدينة وتعزيز السلامة العامة– رؤيته الناضجة لإحداث التغيير المطلوب في المدينة، وهو يستحق تشجيع الجالية لما يملكه من مؤهلات، كما أن حملته الانتخابية القوية ومبادرته إلى طرق أبواب منازل السكان وتقديم نفسه إليهم تظهر مدى جديته في الترشح للمنصب.
في العدد القادم، سوف تعلن «صدى الوطن» عن مجموعة أخرى من المرشحين المدعومين في عدد من السباقات البلدية المنتظرة يوم ٨ آب (أغسطس) المقبل.
ويجدر التنويه بأن «صدى الوطن» تحتفظ بحقها في سحب دعم أي من المرشحين قبل موعد الانتخابات العامة المقررة في ٧ تشرين الثاني (نوفمبر) القادم بحال فقدت ثقتها بأحد المرشحين خلال حملته الانتخابية.
Leave a Reply