هامترامك – صوت مجلس مدينة هامترامك، مساء الثلاثاء الماضي، لصالح مرسوم بلدي يجيز ذبح الأضاحي الدينية في منازل السكان وفق شروط صارمة لضمان الصحة والنظافة العامة.
ويأتي إقرار المرسوم الجديد، نزولاً عند رغبة بعض السكان المسلمين المطالبين بحقهم الدستوري في ممارسة شعائرهم الدينية، ومنها ذبح الأضاحي في عيد الأضحى المبارك، وهي من الشعائر التي يتقرّب بها المسلمون إلى الله بتقديم ذبائح من الأنعام وذلك من أول أيام عيد الأضحى حتى آخر أيام التشريق، وهي من الشعائر المجمع عليها لدى طوائف المسلمين.
وكانت بلدية هامترامك قد أقرت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي –بعد شهور من النقاش حول المسألة– حظراً تاماً على إيواء وذبح الحيوانات في العقارات السكنية، وهو ما دفع بعض السكان –بالتعاون مع مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)– إلى التلويح بمقاضاة المدينة لانتهاكها حرية المواطنين بممارسة الشعائر الدينية المكفولة بالتعديل الأول في الدستور الأميركي، وكذلك في دستور ولاية ميشيغن.
وبعد جلسة استماع استمرت لساعات وطغت عليها الأصوات المعارِضة لذبح الحيوانات في المنازل، صوت المجلس البلدي –في نهاية المطاف– لصالح إقرار المرسوم الجديد، تفادياً لتعرض المدينة لدعاوى قضائية بشأن انتهاك حقوق السكان المسلمين الذين يشكلون غالبية المقيمين في هامترامك، ومعظمهم من أصول يمنية وبنغالية.
تفاصيل المرسوم
بعد التصويت لصالح المرسوم الجديد بنتيجة 3–2، وبدعم رئيس البلدية أمير غالب، علا التصفيق داخل قاعة المجلس، التي غصت بالسكان الذين حضروا للإدلاء بآرائهم حول القضية المثيرة للجدل.
وينص المرسوم الذي تبناه المجلس، على إلغاء الحظر على إيواء ونحر الحيوانات في المنازل، بمنح استثناء للذبائح الدينية.
وبموجب المرسوم الجديد، يجب على الراغبين في ذبح حيوان إبلاغ البلدية –قبل أسبوع على الأقل– بتوقيت ومكان الأضحية. وبعد عملية الذبح، ستقوم البلدية بتفتيش الموقع للتأكد من تنظيفه وتعقيمه بشكل صحيح. كما سيُفرض رسم مالي لم تحدد قيمته بعد، مقابل عملية فحص الموقع والصرف الصحي.
كما ينص المرسوم على أن عملية ذبح الحيوانات يجب أن تتم بعيداً عن أنظار العامة، تحت طائلة دفع غرامة مالية تصل إلى 400 دولار.
وتصل غرامة عدم إبلاغ البلدية بعملية الذبح ضمن المهلة المحددة إلى 400 دولار، في حين تصل غرامة عدم التخلص من بقايا الحيوانات بشكل آمن أو عدم تنظيف موقع الذبح، إلى 800 دولار.
ويشير المرسوم إلى أنه في حال استمرار المخالفة، سيتم التعامل معها كجريمة منفصلة في كل يوم. ويعاقب المرسوم على المخالفات المتكرة بغرامات تصل إلى ألف دولار أو السجن لمدة لا تزيد عن 90 يوماً أو كلا العقوبتين.
معارضون
خلال جلسة الاستماع التي تم بثها عبر الإنترنت، أعرب عشرات السكان والمدافعين عن حقوق الحيوان عن معارضتهم للمقترح، بذرائع متعددة شملت رفض التعامل الوحشي مع الحيوانات وحماية الصحة والنظافة العامة وشبكة الصرف الصحي في المدينة التي تعتبر الأكثر كثافة في ولاية ميشيغن.
وقد شملت جلسة الاستماع قراءة رسائل من السكان كانت بأغلبيتها الساحقة رافضة للمقترح بسبب المخاوف الصحية والأمنية من إيواء الحيوانات وذبحها وتنظيفها داخل المنازل. وهو سلوك وصفه البعض بـ«الهمجي وغير الإنساني».
كما أبدى آخرون قلقهم من إصابة سكان الجوار، لاسيما الأطفال المصابين بمرض التوحد، بصدمات نفسية من رؤية تناثر الدم وتساقط الأحشاء أثناء عمليات ذبح الماعز والخرفان والأبقار في الأفنية الخلفية.
وحذر مطور عقاري محلي من أن إقرار المرسوم سينعكس سلباً على جودة الحياة وأسعار المنازل في المدينة، مشيراً إلى أن الناس سيأتون بكثافة من نيويورك وغيرها من المدن، لذبح الأضاحي في هامترامك، مما سيجعل الأمر يخرج عن سيطرة البلدية، كما أن المدافعين عن حقوق الحيوانات سوف يتظاهرون ضد المدينة.
وأوضح شخص آخر أن مفتشي البلدية لن يكونوا قادرين على مواكبة عمليات الذبح والتأكد من إتمامها وفق الشروط الصحية المنصوص عليها في المرسوم، ما سيؤدي إلى انبعاث الروائح وانتشار البكتيريا في منازل الجوار.
وجادل متحدثون آخرون بأن تقديم الأضاحي ليس واجباً دينياً على المسلمين، لافتين إلى أن الدول الإسلامية تحظر ذبح الحيوانات في المنازل، وتخصص أماكن محددة لها بعيداً عن الأحياء السكنية حفظاً للصحة والنظافة العامة.
مؤيدون
في المقابل، ردّ رئيس بلدية هامترامك –وغيره من مؤيدي المرسوم الجديد– بأن قانون ميشيغن والقانون الفدرالي يحميان الحقوق الدينية للمواطنين، مشيراً إلى حكم صدر عن المحكمة الأميركية العليا قبل 30 عاماً يمنع المدن من حظر الذبائح الدينية.
كما أشاروا إلى أن البعض في المجتمع اليهودي يقدم أضاحي حيوانية خلال أعيادهم، بما في ذلك مجموعة من اليهود الأرثوذكس الذين يسافرون إلى هامترامك كل عام لذبح الدجاج بمناسبة عيد الغفران (يوم كيبور).
وقال غالب إن حظر ذبح الحيوانات قد يؤدي إلى رفع دعاوى قضائية ضد المدينة بزعم انتهاك الحقوق الدستورية.
ومن جانبه، أكد محامي المدينة أن المرسوم الجديد «قانوني» وإن حظر الأضاحي قد يعرض هامترامك لدعاوى قضائية.
وفي فقرة المداخلات العامة، أكد رجل دين محلي على حق المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية، متعهداً أن يقوم بنفسه بجمع التواقيع لإلغاء المرسوم في حال لم يلتزم السكان بشروط الصحة والنظافة.
وأضاف أميد فخر الإسلام أن المسلمين يعتقدون بأن «النظافة من الإيمان»، منتقداً معارضي المرسوم الذين يتذرعون بانبعاث الروائح وانتشار القذارة، بينما تفوح روائح الماريوانا في شوارع المدينة وتنتشر فيها أعلام المثليين والمتحولين جنسياً!
وردّ متحدثون آخرون داعمون للمرسوم الجديد، على ما أسموها بحملة «التهويل» و«المبالغة» بشأن انعكاسات القرار على الصحة العامة وشبكة الصرف الصحي وغيرها من المخاوف التي أثارها المعارضون.
وغمز أحد المتحدثين من قناة أصحاب مسالخ الحيوانات في هامترامك، زاعماً أنهم يقفون وراء حملة المعارضة لمنع إقرار المرسوم الذي سيؤثر سلباً على أعمالهم التجارية.
كذلك، استنكر متحدث آخر يعمل في مجال التدفئة والتبريد، ما أثير حول مخاوف الصحة العامة بسبب ذبح الأضاحي في عيد الأضحى، بينما تعاني المدينة من أزمة يومية مع القمامة التي تملأ الشوارع، لافتاً إلى أنه –بحكم عمله– يزور الكثير من المنازل المليئة بالنفايات والروائح النتنة، دون أن تقوم البلدية بمحاسبة أصحابها.
وأشار أكثر من متحدث إلى أن مرسوم البلدية يعالج بالفعل مسألة الصحة والنظافة من خلال العقوبات التي يفرضها على المخالفين، موضحاً أنه في حال عدم الالتزام بالشروط التنظيمية، فسوف يضطر أصحاب المنازل إلى دفع غرامات مالية باهظة، مما سيعود بالنفع على خزينة «مدينتنا الفقيرة».
من جانبها، حذرت المتحدثة باسم «كير–ميشيغن»، نور علي، من مقاضاة بلدية هامترامك في حال إصرارها على حظر إيواء وذبح الحيوانات لأغراض دينية، داعية إلى عدم فرض رسوم باهظة على المواطنين الراغبين بذبح الأضاحي في منازلهم.
وفي ردها على القائلين بعدم وجوب ذبح الأضاحي على المسلمين، أوضحت علي أن نحر الأنعام يعتبر من الشعائر الدينية المكفولة بالدستور الأميركي ودستور ميشيغن، حتى إن كانت من أجل زواج أو مولود جديد.
التصويت
إلى جانب رئيس البلدية أمير غالب، نال المرسوم الجديد أصوات ثلاثة أعضاء في المجلس البلدي، هم محمد حسن ونعيم تشاودري وأماندا جاكاوسكي.
في حين صوت ضد المرسوم، العضوان محمد السميري ومحيث محمود، بينما تغيب عن الجلسة العضو خليل رفاعي الذي أعرب في السابق عن معارضته للمقترح.
وكانت جاكاوسكي نفسها قد صوتت لصالح حظر ذبح الحيوانات في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، إلا أنها عادت لتؤيد المقترح لتفادي مقاضاة المدينة، حسب قولها.
وكان مجلس مدينة هامترامك المكون من سبعة أعضاء بينهم رئيس البلدية، قد تبنى مقترحاً أواخر العام المنصرم بحظر ذبح الحيوانات في المنازل، وهو ما شكل خطوة مفصلية جعلت البلدية عرضة للمقاضاة في حال عدم رفع الحظر.
وقال محامي المدينة للمجلس إن مثل هذه القيود غير دستورية، مشدداً على أن الذبائح الدينية –على عكس ما يظنه الكثيرون– مسموحة في جميع مدن ميشيغن، بموجب حكم أصدرته المحكمة الأميركية العليا عام 1993.
من جانبه، اعتبر غالب أن المرسوم الجديد يمثل «حلاً وسطاً» لأنه «يأخذ في الاعتبار السلامة والاحتياطات الصحية»، مؤكداً أنه تم اعتماد لوائح مشددة للتخلص السليم من بقايا الحيوانات. وقال «لا نريد تقييد الحريات الدينية، كما لا نريد أن نجعلها عشوائية بدون أنظمة».
Leave a Reply