زيارة البابا تبث الأمل بين اللبنانيين.. مؤقتاً
لا بُدّ أنّ لبنان هو حقاً بلد التناقضات! فهو تارةً يضجّ بالاحتفالات والفرح وتارة أخرى يغصّ بالتوترات والدمع والشجب! ولكأنّ البلد يتحوّل مزاجه بين اللحظة والأخرى، بحسب المعطيات والتكهنات والإشاعات… والظروف.
وإذ تحفل الأسابيع اللبنانية المتتالية بالعديد من الأحداث التي تتناوب على التهدئة والإيجابية قبل أن ترمي فتيل القلق والسلبيّة من جديد. إلا أنه وفي الأسبوع الماضي، وبالإضافة الى مجمل تداعيات الأحداث، أطّلّت ذكرى صبرا وشاتيلا برأسها، لتبرهن أنّها لا ولن تُنسى، لاسيما وأنه لم يتم محاسبة أي من مرتكبيها أو المسؤولين عنها.
الأسبوع الماضي بدأ بزيارة البابا بنديكتوس السادس عشر التي كان لبنان في أمس الحاجة الى ما تحمله من أمل، والذي جاء وفيراً، بالرغم من التخوّف الذي تخلله توقيت الزيارة، إن كان لجهة الحساسيات الموجودة عامةً على الساحة اللبنانيّة أو لجهة الأخطار الأمنية المرافقة، إلّا أن كلمة «لا تخافوا» التي وجّهها الى المسيحيين، و«توازنوا» التي وجّهها الى المسلمين، كانت نوعاً ما كفيلة بنشر نسبة لا بأس بها من الطمأنينة والبياض وسط جو يسوده السواد المُتشعّب من الكثير من الظروف المُجتمعة.
كانت زيارة «رسول السلام»، المعروف بحبه الكبير للشرق وخاصة للبنان، والتي استمرّت ثلاثة أيام، تاريخية بكل ما للكلمة من معنى. فقبل أن تحط الطائرة البابوية في مطار رفيق الحريري الدولي حيث كان يتجمّع عدد كبير من المؤمنين والمُتحمسين، توقّع العديد أن يُساهم «المبارك» في إضفاء جو من الإيجابية، وهذا ما حصل. فبينما أكّد البابا على أنّه جاء «كصديق لله وللبشر ولكل شعوب المنطقة»، رحّب به اللبنانيون بكافة أطيافهم، فأحسنوا استقباله بالصور واللافتات واحتفوا به مهللين وسائلين بركاته.
وقد قوبلت زيارة البابا بإشادة من كافة الأطراف اللبنانية، ولاسيما من السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، الذي أشاد بالزيارة، «خاصة أنّ حزب الله حريص أشدّ الحرص على حماية التنوّع والعيش المُشترك، ونبذ منطق الأقليات».
وخلال زيارته التي وصفت بالتاريخية قام البابا بتوقيع «الإرشاد الرسولي حول لبنان والشرق الأوسط» في بازيليك القديس بولس في حريصا، فكان عنوان السينودس الذي انعقد في عام 2010 من أجل الشرق «شركة وشهادة». أما الرسائل التي حملها معه، وخاصة في القداس الذي شارك فيه مئات الآلاف وحيث ذابت هموم الشرق، وإن كان لوقت قصير، فكانت بمثابة قضاياه التي ما أراد سوى الدفاع عنها، فتنوّعت ولكن أهمها أبرز دور «لبنان الرسالة»، وناقش السلام والمُصالحة والغنى الروحي والإنفتاح، وشدّد على أهمية التهدئة و«التعايش بين مكونات المجتمع بطريقة مُتناغمة» رغم أجواء الفتنة والأصولية الدينية التي تجتاح المنطقة.
وفي إطار شبيه نوعاً ما، شدّد البابا على منع السلاح، وإدانة العنف في سوريا، فاتّخذ كلامه طابعاً سياسياً طغت عليه أحاديث عن القيم الإنسانية التي لا بد منها.
وما لبثت طائرة البابا أن غادرت المطار، حتى توجّهت الأنظار الى قضية كان قد بدأ الكلام فيها قبل وصول البابا، وهي فيلم «براءة الإسلام» المسيئ للرسول. وكان بارزاً في هذا الإطار دعوة نصرالله الى مسيرة حاشدة في ضاحية بيروت الجنوبية والتي لباها جمهور غفير تحت عنوان الدفاع عن نبي الإسلام.
أما المفاجأة التي أضفت معنى جوهرياً على المسيرة فكان ظهور نصرالله شخصياً بين الحشود، رغم كل المخاطر الأمنية التي تُحدق به، ليؤكد أهمية الدفاع عن نبي المسلمين وأيضاً عن خيار المقاومة. وندد السيّد في خطابه بالفيلم الذي سيؤدي عرضه الى «تداعيات خطيرة جداً» والتشديد على أنّه لن يتم السكوت عليه لأنّه يجب منع تكرار هكذا إساءات في المُستقبل، متهماً الولايات المتحدة بالوقوف خلف الفيلم. كما قام كل من الرئيس ميشال سليمان، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي والرئيس سعد الحريري ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع بالتنديد أيضاً بالفيلم.
ضرائب جديدة.. ومسلسل الخطف يتفاقم
وفي الجانب الإقتصادي، وبالتحديد في قضية المُخصصات لتأمين الإيرادات الإضافية لتغطية النفقات، فيبدو أن بعض الرؤساء والوزراء والنواب يتجهون للحصول على المزيد من الأموال من ورائها، دون الإلتفات الى العبء الذي تضعه على أكتاف اللبنانيين، فإنّ بعض ما أقرّته الحكومة خلال جلسة مجلس الوزراء ارتبط بزيادة ضريبة الدخل على الرواتب والأجور، وفرض ضريبة على الشقق الفارغة ذات الهدف التجاري، وزيادة الضريبة على القيمة المضافة وإضافة ألف ليرة الى تكلفة المكالمات الهاتفية، ألخ… دون التنازل قيد أنملة عن زيادة مُخصصات الوزراء والنواب، علماً أنّه سيُعقد مؤتمر دعت اليه رابطة موظفي القطاع العام لبحث الترتبات الناتجة عن القرارات التي اتّخذتها الحكومة لتغطية نفقات غلاء المعيشة وتعديل سلسلة الرتب والرواتب.
أما في قضية مستشفى بيروت الحكومي فقد جرى التأكيد على ضرورة الإبقاء على هذا المرفق العام بالرغم من الصعوبات المالية التي تواجهها المُستشفى.
أمنياً، يبدو بأن مسلسل الخطف قد عاد الى الواجهة بعد إطلاق سراح المخطوق التركي الثاني 48 ساعة بعد إطلاق الأوّل وتوقيف ماهر المقداد، من خلال خطف فؤاد داوود، العامل في بيع قطع السيارات المستعملة في البقاع، والذي طالب الخاطفون زوجته بفدية مقدارها ٢٥٠ ألف دولار. وقد قامت فعاليات سياسية مختلفة الإتجاهات بالتدخل لإطلاق سراحه ربما من أجل مكاسب سياسية انتخابية مما أدى الى تحرير الجيش اللبناني للمخطوف بعد اشتباكات مع الخاطفين في منطقة التلة البيضاء في بعلبك. وقد صرّح وزير الداخلية مروان شربل بأنّه سيتم إتّخاذ إجراءات للتعامل مع هذا الموضوع الذي يبدو بأنه يتفاقم يوماً بعد يوم بطريقة لا تُحتمل.
وفي نطاق آخر، استمع المُدعي العام أبو غيدا الى شهادة اللواء جميل السيد في قضية نقل المتفجرات (قشية ميشال سماحة)، فشدّد السيد، الذي لم يأت بأي إضافة أو جديد الى تصريحاته السابقة في التحقيق، على ضرورة جلب المُخبر ميلاد كفوري.
Leave a Reply