قال رئيس تحرير مجلة “نيوزويك” الأميركية فريد زكريا إن هجمات ١١ أيلول (سبتمبر) 2001 شكلت حدثا رهيبا ومخيفا بما فيه الكفاية للأميركيين، ولكن بالنسبة “للكثيرين منا” فإن الخوف الحقيقي يكمن في ما هو قادم. وأوضح زكريا في مقال له في المجلة أن تنظيم القاعدة أثبت قدرته ليس فقط على تنفيذ هجمات معقدة قاسية بلا رحمة، بل أيضا على السيطرة على قلوب وعقول المسلمين. ومضى الكاتب الأميركي بالقول إنه هناك أكثر من 1.5 مليار مسلم موزعين في أكثر من 150 بلدا على وجه الكرة الأرضية، وإنه إذا ما أصبح “الفكر الجهادي” جاذبا لعدد كبير من المسلمين، فإن الغرب سيواجه تصادما للحضارات يكون قاسيا ويغلب عليه الدم والدموع. ويرى أن هجمات “سبتمبر” كشفت النقاب عن عالم من “التطرف والعنف الإسلامي” كذاك الذي كان منتشرا في الأراضي العربية وأنه جرى تصديره على المستوى العالمي من لندن إلى جاكرتا. وبينما كشفت استطلاعات الرأي في العالم الإسلامي عن كره وغضب شديد ضد الولايات المتحدة والغرب عموما، أظهرت في المقابل تعاطفا شديدا مع زعيم تنظيم “القاعدة” أسامة بن لادن. وبينما لم تعر حكومات الدول الإسلامية انتباها كبيرا لظاهرة “الغضب الإسلامي” ظنا منها أنه موجه ضد الولايات المتحدة وأن الحكومات الإسلامية في منأى عن تداعياتها، اكتوت دول هامة مثل السعودية وإندونيسيا فجأة بنيران “التطرف الإسلامي”. وأشار زكريا إلى أنه بالرغم من مرور أكثر من ثماني سنوات على “هجمات سبتمبر” فإن الأجواء في الولايات المتحدة تبدو وكأنها تلك التي سادت عام 2001 في ظل المخاوف من استمرار ثورة “المسلمين الغاضبين” وبشأن الخطر المحدق بالبلاد في ظل هجمات قاسية متوقعة من جانب “القاعدة”. وقال الكاتب إنه ربما يمكن للأميركيين والغربيين تنفس الصعداء في ظل ظهور إسلاميين معتدلين في مواجهة ظاهرة “العنف الجهادي” حيث لم يعد يخشى من خضوع دول إسلامية هامة لسيطرة الفكر الجهادي الذي يتبناه تنظيم “القاعدة”. وأوضح أن معظم الدول الإسلامية عملت على استقرار أنظمتها وشعوبها عبر اتباعها سياسات من شأنها تحييد “المتطرفين” والعمل على عزلهم. ولا يدعي الكاتب أن دول العالم الإسلامي التي تناهض تنظيم “القاعدة” و”فكرها الجهادي” وصلت إلى درجة الليبرالية أو إلى مستوى “ديمقراطية جيفرسون” في إشارة إلى (الرئيس الثالث للولايات المتحدة توماس جيفرسون (1743- 1826) والذي حكم البلاد في الفترة من 1801 إلى 1809 وأيد الفصل بين الكنيسة والدولة). وأشار زكريا إلى أن استطلاعات الرأي والانتخابات والدراسات المعمقة كلها تؤكد على أن قوى علمانية تسيطر بشكل موسع على العالم الإسلامي بعيدا عن “الفكر الجهادي”. وفي المقابل، انتقد الكاتب استمرار الولايات المتحدة في إنفاق عشرات مليارات الدولارات في حروب على أفغانستان والعراق واليمن والصومال، متسائلا عن جدوى ذلك في ردع ما وصفها “بالفصائل المتطرفة الصغيرة” في تلك البلدان. واختتم بالقول إنه حتى لو حققت الولايات المتحدة وقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) النصر في أفغانستان أو غيرها من المناطق، فهل هناك ما يمنع نيجيريا آخر بتنفيذ تفجير هنا أو هجوم هناك؟
Leave a Reply