خليل إسماعيل رمَّال
القرار الاستراتيجي لمحور المقاومة إتُّخذ فـي جنوب سوريا بمنع بناء «الجدار اللاطيِّب» فـي منطقة القنيطرة والجولان وبهدم مخطَّط الحزام الأمني الإسرائيلي-الأردني المبارك أميركياً، ووقف ما يشبه الذي حصل سابقاً فـي لبنان عندما مهّد الحزام لدويلة مسخ كدويلة العميلين سعد حدَّاد وأنطوان لحد. هذا القرار لم يمكن التوصل إليه لولا عملية شبعا التي نفَّذتها المقاومة والتي مازالت تداعياتها البعيدة المدى مستمرة فـي زعزعة الكيان الغاصب. ولم يساعد تل أبيب إعلان السيِّد حسن نصرالله بالانتهاء من قواعد الاشتباك وجهوزية المقاومة لأي اعتداء وحتى أي حرب مقبلة، مما كبَّل يدي إسرائيل تماماً وأوقعها فـي دوامة لا تساعدها على إتخاذ قرار متسرّع فـي القنيطرة قد يسبّب حرباً يهدِّد وجودها هذه المرَّة.
١- العدو كان يتمتع بحرية حركة وبهامش كبير من خلال مساعدته للجماعات الإرهابية التي تُحارب الحكومة، مما كان يسمح له بالتدخل السافر فـي شؤون سوريا والتجسس عليها وعلى المقاومة وبناء شريط أمني حدودي عازل يكفل استمرار احتلاله لهضبة الجولان السورية وحماية «حدوده». لكنه ارتكب حماقة العدوان على المقاومة مما أدى إلى حدوث تغيير استراتيجي فـي طريقة عمل محور المقاومة. وبسبب الغضب الإسرائيلي من رد الفعل الأميركي الفاتر على عملية شبعا أوعزت إسرائيل للإعلام بكشف الدور الأميركي فـي اغتيال قائد المقاومة عماد مغنية لكن هذا الإعلان لم ينفع فـي تقليص التوافق الغربي الإيراني النووي، فأعقبته بإعلان مثير اخر هو أن مغنية أعطى الأمر لمصطفى بدر الدين بقتل الرئيس رفـيق الحريري وذلك فـي توقيت مشبوه «يصادف» الذكرى السنوية العاشرة لاغتياله ولضرب الحوار الجاري بشكل جيد بين «حزب الله» و «المستقبل»، رغم أنف فؤاد السنيورة.
٢-البعد الذي كانت تسعى إليه تل ابيب وعمان من خلال غرفة عمليات متواجدة فـي العاصمة الأردنية تديرها المخابرات الفرنسية والبريطانية والسعودية بالإضافة إلى الموساد، هو السيطرة على الجنوب السوري وتشكيل تهديد للعاصمة دمشق والوصول إلى سفح جبل الشيخ غرباً للضغط على حزب الله فـي الجنوب اللبناني.
٣- إنَّ كشف أسلحة أميركية وإسرائيلية بيد جبهة «النصرة» فـي معركة درعا القنيطرة يعبّر عن عمق الحلف الإسرائيلي التكفـيري بالتوافق مع الغرب المنافق المدَّعي محاربة الإرهاب فـي العراق والأردن ولكن ليس فـي سوريا. وقد كشَفَتْ فضائية عراقية أنَّ طائرتين غامضتين أميركيتين ألقتا مساعدات لداعش بالبراشوت. ولو أردنا التشكيك فـي هذه الرواية أن الطائرتين أميركيتان فلا يمنع هذا السؤال كيف تمكنت هاتان الطائرتان من التحليق عالياً من دون معرفة الحلف الجهنَّمي الذي يراقب كل ما يتحرَّك فـي المنطقة؟
٤- الحمية الأردنية الجديدة ليست بريئة ولا من أجل المرحوم معاذ الكساسبة خصوصاً بعد تصريح قائد الجيش الأردني المشبوه بأن قواته ستضرب داعش وترسل قواتها البرية إلى كل مكان حتى إلى سوريا، لكن تقدم الجيش السوري والمقاومة السريع فـي منطقة القنيطرة وريف درعا لن يسمح بالفرصة لغرفة العمليات الاردنية الإسرائيلية السعودية الأميركية فـي عمان من تنفـيذ خطة عزل النظام السوري والتعويض عن تدخُّل بري أميركي بتدخل القوات الأردنية.
٥- المقاومة بكل مكوّناتها تحيط اليوم بالعدو من كل جانب، من جنوب لبنان إلى جنوب سوريا وحتى حدود الأردن وداخل العراق وفـي اليمن، حيث تتجلى هناك الهرطقة الغربية الخليجية الاردنية فالحوثيون يحاربون القاعدة فـي اليمن ولو كان الحلف ضد الإرهاب فعلاً كإسمه لوقف إلى جانب الحوثيين ضد العدو المشترك الذي طوَّبه الغرب قمة الإرهاب!
Leave a Reply