اذا كان حقا، الشيخ سعد الحريري، يحب لبنان ويحب الحرية ويؤمن بأنها مصدر السعادة ومصدر العلاقات السليمة بين البشر، واذا كان شديد الايمان بالمبادئ التي تنادي بالحرية لكل الناس، وأيضا اذا كان فخامته صادقا في إنسانيته ووطنيته واحترامه لنفسه أولا كشاب من شباب لبنان، كان عليه أن يكره التظاهر والادعاء والتهريج والافتعال والمزايدة، ولا يكرر العبارات الوطنية المتداولة على ألسنة أصحاب الدكاكين الكلامية، ومنتهزي الفرص في سبيل المغانم الخاصة واستجلابا للمنافع التي يستعينون في سبيلها بالتظاهرات وسرعة الحركة والضجيج والعجيج وبالتنقل المستمر من موقع الى موقع، والقاء الخطب الحماسية المتشنجة “وطنيا” وبكل أشكال الغوغائية التي ابتدعها “الوطنيون المناضلون” المتعصبون دجلا ونفاقا وغباء، بدون أن تعبر عن موقف كريم، وبعيدة كل البعد عن حب الوطن والمواطنين لأن ينابيعها عكرة ومجاريها موبوءة.
حبيب عمتو، الشاب سعد الحريري، لو سأل نفسه، ماذا ستزيده رئاسة وزراء لبنان؟ ما شاء الله والحسود بعيونو عود، شباب وجمال ومال، هناك بوابات عديدة ليدخل منها التاريخ. التاريخ الذي انكشفت أحداثه عن ألف خيانة وخيانة للبنان واللبنانيين كان أبطالها رؤوس المهرجين والمنافقين والمزايدين وتجار الشعارات المكتوبة والمخطوبة ومرتزقة الوطنية ومن هو الأقدر والأشطر في أن يأكل الوطن ويقطع “الأرزة الخضراء” ويرميها في آخر المطاف قشرة يابسة في مهب الريح.
لماذا تحشر نفسك بينهم أيها الرئيس الشاب؟ ولماذا تهدر أموالك الطائلة في معارك الانتخابات الكاذبة وتظاهرات الصياح والنباح التي تذروها الرياح؟
هذا زمان المهازل أيها الرئيس الشاب، وفي زمن المهازل تكثر المزايدات التي تخترعها وتحرفها رغبات المستنفعين الصغار وتجار الشعارات والعبارات الفارغة من كل محتوى. وعلى قدر ما تتعاظم كمية النفاق في نفوس المستنفعين وفي مسالكهم تتكاثر ويتسع انتشارها ويزداد أصحابها عنادا في “الحق”..
من قتل والدك الشهيد؟ اسرائيل. واسرائيل وحدها. ومهزلة المهازل أن تنصت وتسمع لجوقة النفاق وعصابة المستنفعين والمبعبعين من أصحاب الشعائر المرفوعة فوق دكاكين الوطنية وثورة الأرز، وان ترضى لنفسك أن تكون غطاء لجشعهم وتكالبهم على السلطة والذي بدا علانية لشركائهم بالمواطنة ومن يقف في الجانب الآخر من الوطن، الذين حقاً يحملون في صدروهم الحب الدافئ والصامت العميق لوطنهم، لبنانهم الجميل. دمائهم الطاهرة وأفعالهم المشرفة تشهد لهم بذلك.
في زمن المهازل هذا، لا شيء أرخص من الخطابات والعبرة بالفعل والعمل. والإنسان الحق والمواطن المخلص هو من يخدم وطنه بحق، ويصرف أمواله في المجاري الصحيحة لخدمة مواطنيه، فيكسب محبتهم مجانا، فيكتبه التاريخ بأسطرٍ من نور.
Leave a Reply