كثيراً ما تحيط الفضائح بالسياسيين، غير أن الطريقة التي يتعاملون بها مع مطبات كهذه غالباً ما تحدد مستقبلهم السياسي، فإما يظهرون حساً بالمسؤولية أو يمعنون في الكذب والتضليل حتى يفقدوا مصداقيتهم وثقة الناس بهم.
وما الطريقة التي لجأت إليها رئيسة مجلس بلدية ديربورن سوزان دباجة في الرد على وثائق فدرالية تدين زوجها، إلا مناورة انتخابية متهورة تهدف الى التعمية على حقائق لا يمكن نكرانها عبر اختلاق معارك جانبية للظهور بمظهر الضحية من أجل استجداء تعاطف الناخبين وكسب أصواتهم في سباق محكمة ديربورن.
السياسية الطموحة التي قررت فجأة التخلي عن مسؤولياتها على رأس بلدية ديربورن -قبل عام ونصف من انتهاء ولايتها- لم تعترف حتى الآن بصحة الوثائق التي نشرها حساب «ديربورن أندرغراوند» على «فيسبوك» والتي تشير إلى تورط زوجها مجيد حمود في التربح من تهريب السجائر، وقد زجّ به في السجن الفدرالي لمدة 12 شهراً الى جانب تغريمه بمبلغ 75 ألف دولار. بل وصفت دباجة تلك الوثائق الرسمية بالأكاذيب دون أي شعور بالمسؤولية تجاه الناخبين ولا أية محاولة لإيضاح الاتهامات.
«صدى الوطن» التي نشرت تفاصيل الدعوى قبل حوالي أسبوعين قالت حينها إن الوثائق لم تشر إلى دباجة بوصفها متهمة، أو مدانة، مع أن اسمها ورد في تلك الوثائق بوصفها شريكاً بملكية منزل تم شراؤه بمبلغ نقدي (كاش) تم تحصيله على الأرجح من خلال أعمال غير قانونية، بحسب الدعوى الفدرالية.
ومع مرور الأيام كان لدى دباجة الوقت الكافي لدحض تلك الاتهامات ونفيها، لاسيما وأنها في خضم معركة انتخابية حامية الوطيس على منصب قضائي، تلعب فيه النزاهة واحترام القوانين أدواراً في غاية الأهمية والجدية.
ولكن دباجة عمدت إلى رد من نوع آخر، فقد لجأت إلى التعمية من خلال التغطية على تلك الوثائق واختارت إطلاق النار على «صدى الوطن» متهمة الصحيفة زوراً بمهاجمتها والإساءة إلى سمعتها، حيث جاء في الرسالة التي أرسلت الأسبوع الماضي إلى ناخبين أميركيين: «إن المحاولة المثيرة للشفقة لتشويه سمعتي تم تسعيرها من قبل «صدى الوطن» وهي نفس الصحيفة التي هاجمت سابقا رئيس البلدية (جاك أورايلي) وقائد الشرطة (رون حداد) وعددا من أعضاء المجلس البلدي، بسبب عدم انسجامهم مع أجندة الصحيفة».
وتجدر الإشارة إلى أن الصحيفة وناشرها الزميل أسامة السبلاني، إضافة إلى بعض من محرريها، كانوا عرضة لتهجمات موتورة من داعمي دباجة ومناصريها، خلال الأسابيع الماضية. وعلى الرغم من تلك التهجمات السافرة، إلا أننا قمنا بالرد عليها بطريقة متحضرة وعبرنا عن استعدادنا لنشر آرائهم على صفحات جريدتنا، بشرط أن تكون مطابقة لشروط النشر المهنية، وأن تكون بعيدة عن الشتائم والردح المبتذل.
أما.. وبعد أن شبهت دباجة صحيفتنا ذات التجربة العريقة التي تمتد على مدى 32 عاماً بصفحة «ديربورن أندرغراوند» الفضائحية اللقيطة، فقد أصبح من واجبنا توضيح بعض النقاط الأساسية، مع التزامنا بالآداب المهنية والأخلاقية، لاسيما وأن هذا الكلام صادر عن امرأة يفترض أنها تتمتع بالحد الأدنى من اللباقة والوفاء والقيادة.
بادئ ذي بدء، نؤكد أن هذه الصحيفة ليست لها علاقة من قريب أو بعيد بصفحة «ديربورن أندرغراوند» وليست لدينا أية صلة بما أسمتهم دباجة في رسالتها بـ«مافيا الكيبورد». لطالما نددنا دائما بأولئك الذين يهاجمون خصومهم من خلال أسماء وهمية، أو غير معروفة، ووصفناهم بالجنباء، وهذا الوصف ينطبق بلا شك على أصحاب تلك الصفحة، وإننا ندعو أي شخص لديه دليل يثبت هويتهم أن يمدنا به ونحن على استعداد لنشره، كائنا من كان.
إن ما يثير العجب والتساؤل هو تجنب دباجة للمسألة الأساسية، موضوع الجدل، ومحاولتها تشويه صورة الصحيفة من خلال «تمسيح الجوخ» لبعض المسؤولين في البلدية. وإذا كنا فعلا قد تعرضنا لسمعتهم، فلماذا لم يقوموا بالدفاع عن أنفسهم؟ ومن الذي كلف دباجة بالدفاع عنهم؟
أوليس الأجدى بها كمرشحة لمنصب قضائي أن تكون على مسافة واحدة من الجميع -مبدئيا على الأقل- بدلاً من القيام ببعض الألعاب السياسية المكشوفة لاستقطاب الناخبين!
الحقيقة أن «صدى الوطن» لم تهاجم أحدا من هؤلاء، وما قمنا به في السابق كان انتقادا للمسؤولين وفق مبادئ واضحة، ومن منطلق مسؤوليتنا المهنية والإعلامية، خاصة حين يفضل بعض المسؤولين الآخرين الصمت على الممارسات الخاطئة، لأسباب تتعلق بالمحسوبيات وبناء العلاقات الشخصية.
لم يكن انتقادنا لهذين المسؤولين على طول الخط، لقد انتقدنا أداءهما حين فشلا في أداء بعض المهام، ولكننا أثنينا على نجاحهما حيث نجحا. وإننا نتحدى دباجة وماكينتها الانتخابية بالإتيان بأي مقال تهجمنا فيه على رئيس البلدية وقائد الشرطة بصفتهما الشخصية.
نعم.. لقد طالبنا قائد الشرطة بالإجابة على أسباب ترك الشرطة العرب لقسمه، خاصة هؤلاء الذين ادعوا أنهم كانوا عرضة للبلطجة والتحرش العرقي، وهذا ليس تهجماً إنما هو سؤال مشروع وكان على دباجة نفسها أن تسأله، بوصفها رئيسة للمجلس البلدي، غير أنه يبدو أنها لم تملك الإرادة ولا الشجاعة لتفعل ذلك، فقد أخذنا الأمر على عاتقنا.. وهذا هو دور الإعلام.
لقد أشدنا بحداد عندما دعا السلطات الفدرالية للإشراف على دائرة شرطة المدينة وتدريب أفرادها على التعامل المناسب مع المجموعات الإثنية وأبناء الأقليات وتوظيف عناصر جدد بما يعكس التنوع في ديربورن.
كما أشدنا بمواقف عديدة لرئيس البلدية أورايلي لاسيما تضامنه مع الجالية الإسلامية في المدينة بوجه القس المتعصب تيري جونز، غير أن ذلك لم يمنعنا من معارضته في عدد من المواقف والقرارات التي ارتأينا أنها لا تصب في مصلحة الجالية، ومجتمع المدينة عموماً.
«صدى الوطن» ساءلت مسؤولي ديربورن عن صحة السكان في الساوث أند، ذات الكثافة العربية، وقد قمنا بالاستفسار عن أسباب صمت المسؤولين المشبوه حيال هذه المسألة الملحة في المنطقة التي نشأت فيها دباجة.. التي كان عليها أن تكون في مقدمة المدافعين عنها بدل التفاخر بمنع التدخين في منتزهات الحي الذي يعيش أبناؤه في ظل مداخن المصانع الضخمة التي تضخ سمومها ليلاً ونهاراً.
لقد وقفنا -وسنظل نقف- بوجه القوانين المجحفة التي يشتم منها رائحة استهداف الجالية العربية في المدينة ومحاولات ترويضها بقواعد بلدية لم تخطر ببال أحد في البلديات المجاورة، مثل فرض قيود غير منطقية على مقاهي الأركيلة، ومنع تدخين حتى السجائر الالكترونية في المنتزهات العامة وغيرها من الأفكار الغريبة التي وجدت طريقها للتطبيق في عهد دباجة الميمون.
صحيفتنا تهتم بالقضايا لا بالأفراد وهذا ما تعلمه دباجة علم اليقين كونها كانت على تواصل شبه أسبوعي بمراسلينا الذين يغطون شؤون الجالية ومجتمع المدينة ككل.
كما دعمت «صدى الوطن» دباجة عندما ترشحت للمجلس البلدي ووصفنا وصولها لرئاسته بالإنجاز التاريخي، وكانت صفحاتنا مفتوحة أمامها عندما أرادت أن تتواصل مع السكان العرب.
ونذكر دباجة بـ«درع الشرف» التي قدمتها باسم بلدية المدينة لصحيفتنا في عيدها الثلاثين، عندها شكرت دباجة «صدى الوطن» على إنجازاتها ومساهماتها في بناء مجتمع الجالية العربية، ودورها في إيصال العرب الأميركيين إلى مراكز القرار.
لطالما كانت دباجة مقربة من هذه الصحيفة مما يجعل اتهاماتها محض ألعاب سياسية صبيانية، غير صادقة، وكان عليها كمرشحة لمنصب قضائي أن تكون أكثر نزاهة وصدقاً مع نفسها وتاريخها وناخبيها ومناصريها.
أما عن أجندتنا، فهي واضحة ويعرفها العرب الأميركيون على مدار أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، فقد كانت ولاتزال خدمة الجالية العربية ومصالحها وترسيخ حضورها في مجتمعنا الأميركي.
Leave a Reply