بعد قرار محكمة الاستئناف غير المسبوق
حسن عباس – «صدى الوطن»
ألزمت محكمة الاستئناف في ولاية ميشيغن، في حكم قضائي غير مسبوق –الشهر الماضي– مسلماً أميركياً من سكان منطقة ديترويت بدفع مهر بقيمة 50 ألف دولار لزوجته السابقة بموجب عقد زواجهما الإسلامي.
وكان الزوج قد استأنف الحكم الذي أصدرته القاضية في محكمة مقاطعة وين، ميليسا كوكس، بداعي تجاوز سلطتها بالتدخل في مسألة دينية خلال النظر في قضية الطلاق، غير أن محكمة الاستئناف في ميشيغن قالت إن القاضية طبقت القانون العام بشأن العقود واعتمدت على «مبادئ محايدة» في إصدار حكمها.
وتبين للمحكمة أن الرجل لم يدفع «المهر» الذي أقره في عقد الزواج، والذي عرّفته محكمة الاستئناف بأنه هدية نقدية أو ممتلكات يقدمها الرجل للمرأة بموجب عقد الزواج.
القرار يمثل سابقة قضائية في محاكم ميشيغن، ومن المرجح أن تكون له تداعيات جوهرية على عقود الزواج الدينية، بحسب المحامية رقية درايبر التي تولت القضية.
درايبر التي تعمل في «مكتب وارنر نوركروس آند جود للمحاماة» بمدينة ساوثفيلد، أفادت في حديث لـ«صدى الوطن»، بأنها طالبت المحكمة بأن تتعامل مع المهور كعقود، بموجب قوانين ولاية ميشيغن، في حالات فسخ الزواج التي تقتضي التوزيع العادل للممتلكات بين الزوجين.
وأشارت إلى أن موكلتها كانت قد تزوجت بموجب عقد قران إسلامي في «المركز الإسلامي في أميركا» بديربورن، عام 2013، وأنها حصلت على رخصة زواج إسلامي. وبعد ثلاث سنوات، سجلت زواجها قانونياً، وفقاً لقوانين ميشيغن.
وأمام محكمة مقاطعة وين، جادل الزوج بأنه لا يتوجب عليه دفع المهر لطليقته، لأن زواجه منها لم يكن مسجلاً قانونياً إنما كان عقد قران بحسب الشريعة الإسلامية. وقد رفضت المحكمة ذريعته وطالبته بدفع المهر المتفق عليه، بعد الطلاق، «لكون المهر جزءاً من عقد تم الاتفاق عليه».
وبعدها، استأنف الزوج دعواه أمام محكمة الاستئناف بميشيغن التي ثبّتت حكم محكمة مقاطعة وين، معتبرة المهر «عقداً قابلاً للتنفيذ» بموجب قوانين الولاية.
وبموجب القرار الذي أصدرته محكمة الاستئناف بميشيغن، فقد باتت المهور عقوداً ملزمة من الناحية القانونية توجب على المتعاقدين الإيفاء بها. ولا تقتصر المهور على الزيجات بحسب الشريعة السمحاء، وإنما تعد من أركان الزواج في بعض الديانات الأخرى، مثل الديانة اليهودية.
وفي هذا السياق، أشارت درايبر إلى أن القانون «واضح بشأن ما يشكل عقداً ملزماً من الناحية القانونية»، مؤكدة أن «المهور تحوز شروط العقود القانونية ولا مجال للتعامل معها بعكس ذلك، لمجرد أنها أُبرمت وفق مراسم دينية».
وأكدت على أن اتفاقات الصداق المستقبلية في الزيجات الإسلامية واليهودية باتت عقوداً ملزمة في ولاية ميشيغن.
وكانت «قضية جونز ضد وولف» أمام المحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة، قد أظهرت بأن الوثائق الدينية يمكن استخدامها في المحاكم المدنية، وفق مبدأ حيادية القانون، الذي استندت إليه محكمة الاستئناف بميشيغن لاعتبار المهور عقوداً يتعين على أطرافها الالتزام بها، وفقاً للمحامية درايبر التي وجدت قضايا مماثلة في محاكم ولايات فلوريدا ونيوجرزي ونيويورك وتكساس.
وأشارت درايبر إلى أنها اعتمدت على تلك القضايا لدعم حججها خلال المحاكمة، لافتة إلى أن القرار الجديد ستكون له انعكاسات هامة على زواج المسلمين في ميشيغن.
وقالت: «في محكمة الاستئناف، تذرع الزوج بنفس الحجة، وكان موقفنا أن مراسم الزواج الإسلامية لا تؤثر على سريان مفعول الاتفاق على المهر». وأضافت: «لقد اتفق الزوجان على المهر خلال عقد القران، وبغض النظر عما إذا تم لاحقاً استصدار شهادة زواج من حكومة الولاية، فهذا لا علاقة له بـ«عقد» المهر نفسه».
وتابعت: «في البداية، رفع الزوج دعوى طلاق، وقمنا برفع دعوى مضادة نيابة عن الزوجة.. كانت الخطوة مشابهة لأي ادعاء مضاد في دعاوى الطلاق، وقد سعينا من أجل التسوية الروتينية التي تشمل تقسيم الممتلكات وحقوق الأطفال، إذ أن المتخاصمين هما أبوان لطفل وحيد». واستطردت: «طالبنا الزوج بدفع المهر وقيمته 50 ألف دولار، على قاعدة أنه عقد قانوني، وطلبنا من المحكمة تطبيقه كجزء من دعوى الطلاق».
قرار محكمة الاستئناف بميشيغن، بات يضمن للمحاكم المدنية الجزئية إمكانية إصدار الأحكام حول الاتفاقات التي تبرم في عقود النكاح الدينية، كالمهر في الإسلام، واليهودية.
وفي هذا السياق، قالت: «أنا جزء من المجتمع المسلم.. وقد تلقيت حتى الآن ردود فعل متباينة، إيجابية وسلبية، حول القرار». وأضافت: «البعض يرى بأن عقود النكاح إسلامية، وأنه ينبغي على الشيوخ التقرير ما إذا كان يجب دفع المهور بعد فسخ الزواج، أم لا»، لافتة إلى أن «أئمة المساجد ليست لديهم سلطة حقيقية لفرض الصداق المتفق عليه بين الزوجين».
وكان فريق درايبر القانوني قد استعان بالشيخ إبراهيم كرازوني الذي أجرى عقد النكاح، مشيرة إلى أنه أفاد بأن «الأطراف غالباً ما يبرمون اتفاقات حول المهور، وهم يتوقعون أنها ستبقى مؤجلة وغير قابلة للتطبيق، إذا لم تسجل الزيجات في المحاكم».
وأفادت بأن هذه القضية يمكن أن تشكل درساً جيداً للشباب المسلمين الذين بات عليهم توخي الحذر في الاتفاق على المهور، «التي باتت بموجب قوانين ميشيغن عقوداً موجبة وقابلة للتنفيذ».
Leave a Reply