واشنطن – رغم المخاوف التي أثارها العجز المالي لليونان، يبدو أن الولايات المتحدة لم تعر بعدُ اهتماما كبيرا لعجز موازنتها الذي يخشى محللون ألا ينخفض عن تريليون دولار سنويا لفترة طويلة.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي ورث عجزا كبيرا في الموازنة من سابقه جورج دبليو بوش قد تعهد بخفض عجز الموازنة، لكن محللين يعتقدون بأن إدارة أوباما لم تعر اهتماما كافيا لمسألة العجز.
وقد حث مؤخراً أوباما ووزير الخزانة الأميركي تيموثي غيثنر الزعماء الأوروبيين الذين تعاني بلدانهم من أزمة مديونية بتنظيم وضعهم الداخلي، إلا أن ذلك قبل أن تظهر أرقام رسمية أميركية أن الموازنة الأميركية شهدت عجزا للشهر التاسع عشر على التوالي في نيسان (أبريل) الماضي وكان الأعلى على الإطلاق في نفس الشهر، مما يجعله من الأجدى لأوباما وغيثنر تنظيم البيت الأميركي قبل توجيه النصح للآخرين.
فقد قفزت أرقام الشهر الماضي بعجز الموازنة في أول سبعة أشهر من السنة المالية المنتهية يوم 30 أيلول (سبتمبر) 2010 إلى 799,68 مليار دولار.
وتوقع البيت الأبيض أن يرتفع عجز الموازنة هذا العام إلى 1,555 تريليون دولار بسبب خطة الإنقاذ لانتشال الاقتصاد من الركود. ويقول محللون إنه لم يعد لدى الولايات المتحدة إلا وقت قصير لوضع خطة حقيقية لإنهاء مشكلاتها المالية.
ويقول رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية في مؤسسة “باركليز كابيتال” دين ماكي إن الولايات المتحدة تفتقر إلى الشعور بالحاجة إلى خطة للتقشف على المدى القصير، وهو ما شعرت به أوروبا.
ويوضح أن هذا الشعور في الولايات المتحدة مبعثه جزئيا أن المستثمرين اتجهوا إلى سندات الخزانة الأميركية بدلا من التحول عنها.
فالدولار الذي ارتفع بسرعة مقابل اليورو في ظل الأزمة الأوروبية لا يزال يعتبر عملة الاحتياط الأولى في أوقات الأزمة والملاذ الآمن. كما أن الهروب إلى السندات الأميركية سببه أن الاقتصاد الأميركي استطاع الإفلات من فترة الركود والبدء في الانتعاش.
ويقول ماكي إن استمرار النمو الاقتصادي الأميركي سيجعل نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي أقل وأيسر للمعالجة. لكنه يضيف أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تتمكن من معالجة العجز دون بذل جهود جادة لخفضها. ويشير الأستاذ بقسم الأعمال في “جامعة ميريلاند” بيتر موريسي إلى أنه مع ارتفاع كلفة إصلاح الرعاية الصحية سيستمر العجز بأكثر من تريليون دولار لعدة سنوات.
ويحذر كبير اقتصاديي قسم التحليلات في مؤسسة “موديز” للتصنيف الائتماني مارك زاندي من أنه في حال عدم اتفاق صانعي السياسة الأميركيين على خطة حقيقية لخفض العجز في نفس هذا الوقت من العام القادم، فإن أسعار الفائدة الأميركية ستبدأ في الارتفاع مما يلحق الضرر بالاقتصاد الأميركي.
وقد شكل الرئيس أوباما لجنة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لإيجاد طريقة لخفض العجز الذي يمثل 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بينما تصل نسبة الدين العام للولايات المتحدة إلى الناتج المحلي الإجمالي 65 بالمئة. وبالمقارنة فإن نسبة الدين العام لليونان إلى الناتج المحلي الإجمالي مستمرة في الارتفاع وتصل حاليا إلى نحو 13,5 بالمئة، بينما تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي 125 بالمئة. ويقول زاندي إنه لا يمكن استبعاد اليونان على أساس أنها صغيرة أو بعيدة لتستحوذ على اهتمام الولايات المتحدة رغم قوة الاقتصاد الأميركي وقدرته التنافسية وقدرته على النمو لتجاوز المشكلات المالية.
عن “الفرنسية”
Leave a Reply