قالت لي إحدى المسنات الظريفات من سيدات الجالية، في جلسة جمعتني بها في إحدى الحدائق العامة، حيث أخذ الطقس بالتحسن ويغري بالخروج والتمتع بدفء الشمس بعد شتاء طويل في هذه المدينة، قالت لي: كاذب من يقول إنه لا يخاف من زوجته، فكل رجل يتهيب امرأته سواء أحبها أم تعطل هذا الحب لأي سبب من الأسباب، ولولا خوف الرجال من نسائهم لكانت الدنيا بخير، وأكبر دليل على ذلك، ملوك وزعماء العرب، حين يجتمعون من فترة لأخرى (بدون زوجاتهم) ليتآمروا على شعوبهم ويتشاجروا ويثبتوا لبعضهم البعض إنهم رجال بحق ولا تهمهم إلا كراسيهم وعروشهم والرضى السامي من عقيلاتهم.
ولإثبات نظريتها تلك روت لي هذه القصة. قال جحا يوماً للملك: إن كل الرجال يخافون من زوجاتهم. فكذّبه الملك، فقال له جحا: إذاً اعطني أمراً خطياً بأن كل من يخشى امرأته عليه أن يدفع لي ضريبة عنه وهي حمار. فأعطاه الملك الأمر.
ذهب جحا ليعود بعد ثلاثة أشهر وسط ألوف الحمير التي غنمها من الرجال الخاضعين لنسائهم. سمع الملك الصخب وسأل عن السبب فقيل له هذا جحا وقد عاد من رحلته، فأمر الملك أن يحضروه. فمثل بين يديه وهو يقول: ربحت الرهان، فالكل يخافون زوجاتهم وإذا خرجت إلى الساحة شاهدت ألوف الحمير التي جمعتها بموجب أمرك. ربت الملك على كتفه وهو يقول: اخبرني عما رأيت في رحلتك، فراح جحا يروي ويسهب، ثم قال للملك: أبرز ما رأيته في هذه الرحلة امرأة رائعة الجمال لا تليق إلا بجلالتك. فقال الملك: اخفض صوتك لئلا تسمع الملكة ما تقول! هنا استل جحا من جيبه الأمر الملكي وهو يقول للملك: عن أمر جلالتك.. اعطني حمارين!!
حقيقة الحديث عن خوف الرجال من زوجاتهم يطيب ويطول ويحلو. وصار تعميماً عند أغلب الجالية هنا في ديربورن، بأن ليس على الأرض إلا قلة هزيلة من الذكور يتمردون على فرمانات نسائهم. أحد رجال الدين، الظرفاء أيضاً، تصور يوم نهاية العالم وقد نصب نفقين طويلين، كتب على الأول: الذين كانوا يخافون من زوجاتهم، فكان مليارات البشر يدخلونه. وكتب على النفق الثاني: الذين كانوا لا يخافون من زوجاتهم، وقد ظل هذا النفق خالياً لعدة أيام، ثم دخله رجل، فابتهج الملاك الحارس ولحق بهذا الرجل وقال له: عظيمٌ أنت ومبارك! إنك الأول الذي أراه بطلاً ومستحقاً لرجولته. أجابه الرجل بغباء: لم أفهم ما تقول. فرد الملاك الحارس سائلاً إياه: لماذا دخلت هذا النفق لا ذاك؟ ألست أنت من المتمردين على زوجاتهم؟ فقال: لا أعلم.. اسال امرأتي، هي التي أشارت علي بالمرور من هنا!
على كل، هذا الشأن سواء تعاملنا معه بجدية أو بمرح ودعابة، فهو واقع نعيشه في هذا المغترب، قد تسعد به بعض النساء، والبعض يروضن أنفسهن عليه، والرجال أمرهم متروك لله ولا حول ولا قوة لهم.
وعوداً على بدء، أين الملكات العربيات وعقيلات الرؤوساء والزعيمات والسيدات الأوائل؟ وما هو دورهن في همروجة السياسة العربية؟ أما من واحدة منهن تضرب بعلها قبل خروجه إلى مؤتمر القمة وتقول له: اخفض صوتك وأنت تتكلم مع زميلك ولا تنشر غسيلك الوسخ على الفضائيات؟ أما من ملكة تنهر ملكها وهي تضع الرسن في رقبته وتأمره أن لبدنك عليك حقاً فلا تأكل الأخضر واليابس؟ أما من فرعونة تقول لفرعونها: كفاك سلطة وخراباً للوطن.. انزل عن أكتاف شعبك البائس لنتمتع أنا وأنت بشيخوختنا؟
معها حق تلك السيدة الظريفة، لو كان في هذه الدنيا رجال بحق لكانت الدنيا بألف بخير!!
Leave a Reply