تمارا عجور – «صدى الوطن»
على مدى قرن من الزمان، شكلت مدينة ديربورن مركز جذب للموجات المتتالية من العرب المهاجرين الذين استطاعوا على مر العقود المحافظة على هويتهم الثقافية والحضارية في الولايات المتحدة، ونجحوا في تشكيل مجتمع استثنائي بملامح عربية واضحة، تتبدى من خلال انتشار اللافتات العربية على واجهات المحلات والأسواق والمطاعم، ومختلف الأعمال والمؤسسات والمساجد والكنائس، حتى لتكاد المدينة تبدو بالفعل وكأنها مدينة عربية في قلب الشرق الأوسط.
لقد استحقت ديربورن عن جدارة أن تنال لقب «عاصمة العرب الأميركيين في الولايات المتحدة»، فهي تضم أكبر تجمع للعرب خارج العالم العربي. وعبر خمسة أو ستة أجيال من المهاجرين وأبنائهم ماتزال المدينة تجتذب العرب المقيمين في مختلف مدن منطقة مترو ديترويت.
على نحو خاص، بادرت «صدى الوطن» إلى استطلاع آراء الشباب العرب الأميركيين المقيمين خارج ديربورن لاستكشاف العلاقة بينهم وبين المدينة التي تحتل مكانة ثقافية ووجدانية لدى العرب الأميركيين سواء في منطقة ديترويت الكبرى أو في عموم الولايات المتحدة.
زيارات قليلة مع العائلة
تقول نادين (19 عاماً) وهي من سكان مدينة تروي، إنها «نادراً ما تذهب إلى ديربورن»، إلا «في بعض المناسبات القليلة «أذهب مع والدي للتسوق في «ديربورن فرش»، وربما لمرة في الشهر.. أتناول الغداء مع عائلتي في «مطعم حبيب»، وما عدا ذلك لا أجد سبباً يدعوني للذهاب إلى ديربورن».
وتشير نادين إلى أنها تفضل الاستمتاع في أوقات فراغها بالذهاب إلى مدن أخرى «مثل رويال أوك وبرمنغهام» بسبب الأنشطة المتنوعة التي يمكن القيام بها مع أصدقائها، «فالمطاعم والمحلات هناك.. تبدو أكثر إرضاء لمن هم في مثل سني مقارنة بمطاعم ومحلات ديربورن»، لافتة إلى أنها ترى ديربورن «منطقة للعائلات».
بالنسبة للكثيرين من الشباب العرب الأميركيين، تعتبر العائلة والأقارب هي «السبب الوحيد» الذي يربطهم بديربورن، وقد ترجع حقيقة ذلك إلى أن الأجيال الأكبر سناً لديهم روابط أعمق وأوثق بالمدينة، ولذلك هم غالباً ما يشجعون أولادهم على مرافقتهم عندما يقومون بزيارة ديربورن.
وفي هذا السياق، توضح تالا (21 عاماً) أنها كانت تواظب على زيارة ديربورن عندما كانت أصغر سناً، ولكن بعد انتسابها للجامعة لم يعد لديها الوقت الكافي لزيارة المدينة.
وتضيف الشابة العربية التي تعيش في مدينة بورت هيورون: «لا أذهب إليها إطلاقاً ما لم أكن برفقة عائلتي». وتتابع: «عندما أذهب إلى هناك فعادة ما يكون ذلك من أجل التسوق.. أو عندما يريد أبي حلاقة شعره، أو لكي نشتري الكنافة، وأحياناً لزيارة بعض أصدقاء وأقارب العائلة».
المطاعم والتسوق.. والترفيه
ولكن، ليس جميع الشباب العرب الأميركيين يزورون المدينة برفقة عائلاتهم، فهذه سارة (21 عاماً) تتردد على ديربورن مع أصدقائها لمرة واحدة على الأقل أسبوعياً، بحسب قولها. وتشير الفتاة التي تعيش في مدينة وست بلومفيلد: «عندما أكون هناك.. أحياناً أقوم بزيارة أحد المساجد».
وتعزو السبب الرئيسي لزياراتها المتكررة إلى «الأطعمة اللذيذة.. والأسعار المنخفضة»، وتقول «أنا وأصدقائي نحب الذهاب إلى هناك لكي نأكل الفلافل في مطعم «رفيق».. كل شيء جيد جداً والأسعار حقيقة متدنية.. وهذا أمر رائع بالنسبة لنا، لأننا جميعاً طلاب».
وتعترف سارة بأنها ترغب بقضاء المزيد من الأوقات في ديربورن «المتخمة بالمحلات والمتاجر المتخصصة»، فهي تقصد وجهات محددة، وليس من أجل التجول.
وتقول «أعتقد أنه من الجيد أن بعض أجزاء ديربورن تتغير، ويبدو الأمر وكأنها قد أصبحت أكثر شباباً بافتتاح كل تلك المطاعم الجديدة».
ويشكل مطعم «بروم مودرن إيتري» أحد الأماكن المفضلة بالنسبة لسارة وأصدقائها، لكونه يقدم اللحوم الأورغانيك و«لأنه يتمتع بأجواء أكثر عصرية.. مقارنة بالمطاعم الأخرى بديربورن».
وكان مطعم «بروم مودرن إيتري» في ديربورن، قد حقق نجاحاً لافتاً ما دفع صاحبه إلى افتتاح فرع ثان في الدوانتاون بمدينة ديترويت، في أيار (مايو) الماضي.
وتلفت سارة إلى أنها باتت تزور الفرع الجديد لتناول الطعام هناك بدل المجيء إلى ديربورن، وتقول «في الفرع الجديد.. يمكنني تناول البرغر مع أصدقائي، وبعدها يمكننا التسوق وقضاء بعض الوقت في الداونتاون.. إذ أن هناك الكثير مما يمكن القيام به».
وتشدد على أنها رغم ذلك، لن تكف عن القدوم إلى ديربورن، مضيفة أن هناك العديد من الأماكن التي ترغب بتجريبها.. «فديربورن «مدينة تنمو وتزداد تنوعاً».
أما سامر (٢٥ عاماً)، من ماديسون هايتس، فيقول إن الحياة الليلية ومقاهي الأركيلة التي كانت تجذب الشباب العربي سابقاً إلى ديربورن «لم تعد كما كانت عليه قبل سنوات بحسب ما يقول لي أخي الأكبر» مؤكداً أن الكثيرين باتوا يفضلون وجهات أخرى للتسلية والترويح عن النفس مثل رويال أوك وفيرنديل وديترويت وكذلك ديربورن هايتس.
Leave a Reply