انتخابات الكونغرس 2018
المرشحتان العربيتان تخوضان الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في الدائرتين ١١ و١٣ في ميشيغن
ديترويت – «صدى الوطن»
ينتخب الأميركيون هذا العام كامل ممثليهم في مجلس النواب الأميركي، بمن فيهم ١٤ نائباً عن ولاية ميشيغن، حيث تسعى مرشحتان عربيتان لأن تصبحا أول مشرعتين مسلمتين في الكونغرس.
وتخوض فيروز سعد اللبنانية الأصل، ورشيد طليب الفلسطينية الأصل، سباقين محتدمين في الدائرتين «١١» و«١٣» في ميشيغن، معولتين على صعود التيار التقدمي و«الرغبة بالتغيير» في أوساط الناخبين الديمقراطيين.
وطليب وسعد هما اثنتان من بين أكثر من 90 أميركياً مسلماً –معظمهم ينتمون إلى الحزب الديمقراطي– يخوضون انتخابات الكونغرس في 2018، في تطور أطلقت عليه صحيفة «واشنطن بوست» اسم «الموجة الزرقاء المسلمة». والأزرق هو لون الحزب الديمقراطي.
ويضم الكونغرس الأميركي حالياً، نائبين مسلمين، هما كيث أليسون عن ولاية مينيسوتا وأندريه كارسون عن ولاية إنديانا. لكن لم يسبق أن دخلت الكونغرس سيدة مسلمة أو حتى ترشحت لعضويته.
سعد و«الدائرة ١١»
يعتبر مقعد «الدائرة ١١» في ميشيغن، من المقاعد التي يستهدف الديمقراطيون انتزاعها من الجمهوريين لاستعادة الأغلبية في مجلس النواب الأميركي، لاسيما بعد قرار النائب الجمهوري الحالي عن الدائرة، دايف تروت، بعدم الترشح للاحتفاظ بمنصبه.
وعلى الرغم من صعوبة المنافسة بين المرشحين الديمقراطيين في السباق التمهيدي، ترى سعد أن حظوظها بالفوز وافرة، استناداً إلى برنامجها التقدمي والدعم الشعبي لحملتها.
وقالت المرشحة العربية الأميركية لـ«صدى الوطن» إنها تعتمد على برنامج انتخابي يقدم «حلولاً تقدمية» من خلال حملة نشيطة تقوم بالدرجة الأولى على دعم الناخبين، مؤكدة على أنها أينما تذهب في جولاتها الانتخابية، تجد الناس توّاقين لـ«التغيير الحقيقي» و«الوجوه الجديدة».
تشمل «الدائرة ١١» عدة مدن وبلدات كبرى من مقاطعتي وين وأوكلاند، أبرزها تروي وبرمنغهام وأوبرن هيلز وبلومفيلد هيلز ونوفاي ونورثفيل وليفونيا وبليموث وكانتون.
وإذا فازت فيروز بالسباق التمهيدي في آب (أغسطس) المقبل، فسيكون عليها مواجهة المرشح الفائز من الجانب الجمهوري في الجولة الحاسمة التي ستقام في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم.
ولفتت سعد إلى أنها كانت تعلم منذ البداية أنها ستواجه حملات منافسة أكثر تمويلاً من حملتها، ولكنها كانت على ثقة بقدرتها في مواجهة كبار المتبرعين والشركات العملاقة بالاعتماد على مساهمات الناخبين الفردية، كما فعل المرشحون التقدميون في سباقات أخرى، بحسب قولها.
وجمعت حملة سعد حوالي ٦٠٠ ألف دولار، معظمها من متبرعين صغار، كما حازت مؤخراً على دعم «التجمع التقدمي» في الحزب الديمقراطي بميشيغن، إضافة إلى منظمات تقدمية وطنية، مثل «ديمقراطيو العدالة»، التي تهدف إلى الحد من نفوذ مجموعات الضغط والشركات الكبرى على سياسات الحزب الديمقراطي.
سعد التي ولدت لمهاجرَين لبنانيين في ديربورن، وهي حالياً من سكان نورثفيل، تقول إن كونها امرأة عربية مسلمة، يجعلها تتناغم بشكل خاص مع أهمية أن يكون لمجتمعات الأقليات صوت على الطاولة عند اتخاذ القرارات الرئيسية.
وتتهم سعد، التي عملت في وزارة الأمن الداخلي في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، كلاً من الأغلبية الجمهورية في الكونغرس وسياسات الرئيس دونالد ترامب، بالمسؤولية عن العديد من الأزمات الراهنة التي تعاني منها الولايات المتحدة، مؤكدة أنها «جاهزة لطيّ هذه الصفحة المظلمة من تاريخ أميركا، والمشاركة في كتابة فصل جديد».
ويتضمن برنامج سعد الانتخابي، تحسين نظام الرعاية الصحية، وزيادة الأجور (الحد الأدنى ١٥ دولاراً في الساعة)، وتقديم إجازات عائلية لدعم الأسر العاملة، إضافة إلى مكافحة الإدمان على المخدرات الأفيونية، والحد من انتشار الأسلحة، واعتماد نظام هجرة جديد «عادل ومتعاطف».
كما تتعهد أمام الناخبين بالتصدي لسياسات إدارة ترامب «الوحشية» على الحدود، مؤكدة على أنها ستعمل على «إلغاء حظر المسلمين»، و«إنهاء سياسة فصل الأمهات عن أبنائهن»، إلى جانب منع الاحتجاز المفتوح للعائلات التي تصل إلى الولايات المتحدة بشكل شرعي وتطلب اللجوء.
وأضافت «هذه ممارسات قاسية تخالف شخصية أميركا»، مشيرة إلى أنها من خلال خبرتها في وزارة الأمن الداخلي إبان عهد أوباما، يمكنها أن تجزم بأن من «يدعي بأن هذه السياسات ستجعلنا أكثر أمناً، فهو إما كاذب أو غير كفوء أو كليهما».
والجدير بالذكر، أن سعد (٣٥ عاماً) حاصلة على بكالوريوس في العلوم السياسية وعلم النفس من «جامعة ميشيغن» (عام ٢٠٠٤)، ودرجة الماجستر في الإدارة العامة من «كلية جون أف. كينيدي للعلوم الحكومية» بـ«جامعة هارفرد» (عام ٢٠١٥).
وقد عملت سعد منذ العام ٢٠٠٩ في وزارة الأمن الداخلي الأميركية، حيث كلفت مبعوثة للتنسيق بين المجتمعات المهاجرة والسلطات الفدرالية، كما عملت على قضايا تتعلق بالأمن السيبراني والأمن الوطني وإنفاذ القانون.
وتتنافس سعد، التي تولت منصب مديرة شؤون المهاجرين في بلدية ديترويت منذ العام ٢٠١٥ وحتى إعلان ترشحها، مع أربعة مرشحين ديمقراطيين للفوز بتسمية الحزب، هم: عضو مجلس نواب الولاية تيم غريميل، رجل الأعمال الهندي الأميركي سونيل غوبتا، والناشطة نانسي سكينير، إضافة إلى هايلي ستيفنز التي ترأست فريق عمل فدرالي لإنقاذ صناعة السيارات تحت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
طليب و«الدائرة ١٣»
أما في «الدائرة ١٣» المحسومة تقليدياً للديمقراطيين، فليس على طليب سوى اجتياز الجولة التمهيدية التي ستقام الشهر القادم، لتصبح أول امرأة مسلمة في الكونغرس الأميركي، وذلك لعدم قدرة الجمهوريين على المنافسة في الدائرة التي تشمل معظم مدينتي ديترويت وديربورن هايتس إضافة إلى كامل مدن غاردن سيتي، إنكستر، وين، وستلاند، ملفينديل، هايلاند بارك، إيكورس، ريفر روج، روميلوس، وبلدة ردفورد.
وتواجه طليب في أغسطس القادم خمسة منافسين ديمقراطيين للفوز بالمقعد الشاغر منذ تقاعد عميد مجلس النواب الأميركي السابق، جون كونيرز (٨٨ عاماً) العام الماضي، إثر اتهامه بالتحرش الجنسي بموظفات سابقات في مكتبه، منهياً بذلك مسيرة تاريخية في الكونغرس استمرت ٥٣ عاماً.
وتضم قائمة المرشحين أسماء سياسية بارزة في المنطقة، وتشمل إلى جانب طليب، كلا من: رئيسة مجلس ديترويت البلدي برندا جونز، رئيس بلدية وستلاند بيل وايلد، السناتور في مجلس شيوخ الولاية كولمان يونغ الابن وزميله في المجلس السناتور أيان كونيرز، وهو حفيد شقيق النائب المتقاعد جون كونيرز، إضافة إلى المحامية والنائبة السابقة في مجلس نواب الولاية شانيل جاكسون.
وكان عميد الكونغرس المتقاعد جون كونيرز، قد أعلن الشتاء الماضي عن دعم ترشيح ابنه (جون كونيرز الثالث) لخلافته. ولكن مع استبعاد الأخير من السباق بقرار قضائي، بات من غير المعروف تماماً كيف ستتوزع الأصوات التي تصبّ تقليدياً لصالح والده، خاصة وأنه قرر المواصلة من خارج قائمة الاقتراع.
وفي ظل تشتت أصوات الناخبين السود المتوقع في ديترويت، ترتفع حظوظ المرشحين من غير الأفارقة الأميركيين، حيث قد تتمكن المرشحة العربية طليب أو وايلد، الأبيض، من تحقيق مفاجأة باقتناص المقعد التاريخي للسود في الكونغرس الأميركي.
وتؤكد طليب في هذا الصدد على أن انتماءها الديني أو أصلها العربي لا يشكلان موضوع نقاش عندما تلتقي الناخبين خلال جولاتها الميدانية، لافتة إلى أن المجتمع المحلي هو من أكثر المجتمعات تقدميةً في الولايات المتحدة، حسب قولها.
طليب، التي نشأت في ديترويت لأسرة فلسطينية مهاجرة، سبق أن شغلت مقعد «الدائرة ٦» في مجلس نواب الولاية (2008–2014)، لتصبح أول امرأة مسلمة تتولى هذا المنصب في تاريخ ميشيغن.
ومع بلوغها الحد الدستوري الذي يمنع استمرارها في المنصب لأكثر من ست سنوات متتالية (ثلاث ولايات)، عادت طليب إلى صفوف الشعب، حيث نشطت في إطلاق حملة «مكافحة الكراهية» ضد التمييز العنصري، قبل أن تنضم لاحقاً إلى الحركة الاحتجاجية المعارضة للرئيس دونالد ترامب إبان حملته الانتخابية أواخر عام ٢٠١٥.
وأكدت طليب لـ«صدى الوطن» عدم قلقها من أن هويتها الإسلامية والعربية قد تقلّل من فرصها بالفوز، مشيرة إلى أن تاريخها في الخدمة العامة يلقي ضوءاً إيجابياً على ترشيحها، ويحثّ الناخبين على محاربة الصور النمطية والكراهية تجاه المجتمعات العربية والمسلمة الأميركية.
وإلى جانب مسيرتها التشريعية الحافلة بالدفاع عن محدودي الدخل ومكافحة التلوث البيئي، تعوّل المحامية طليب على ماكينة انتخابية ديناميكية تقوم على التواصل المباشر مع الناخبين، مؤكدة لـ«صدى الوطن» حرصَها على أن «يسمع بها جميع الناخبين من مختلف المجتمعات التي تشكل الدائرة ١٣».
وقد تمكنت حملة المرشحة التقدمية، التي تجول شخصياً على منازل الناخبين في الدائرة، من جمع حوالي ١.٣٣ مليون دولار، من نحو ٣٢٠٠ شخص. وأوضحت طليب، قائلة: «لم نقبل أي أموال من الشركات الكبرى أو اللوبيات السياسية، واعتمادنا على الناس الحقيقيين الذين يدعمون حملتنا».
وتقول إن طرقها أبواب منازل الناخبين بشكل مباشر هدفه الاستماع إلى مشاكلهم، مشيرة إلى أن عدداً من المواطنين الذين تلتقيهم يدركون أنها على وشك صناعة التاريخ من جديد. وأوضحت في هذا الإطار «أقول لهم إنني أول امرأة مسلمة تم انتخابها في المؤسسة التشريعية لميشيغن، وإذا فزت في هذه الانتخابات فسأكون الأولى على الإطلاق في الكونغرس».
وتعتبر «الدائرة ١٣» في ميشيغن إحدى أفقر الدوائر التشريعية في عموم الولايات المتحدة، وتقول طليب في هذا الصدد: «إن أقل من نصف العائلات في الدائرة تملك منازلها»، مؤكدة أنها ستعمل –في حال انتخابها– على تحسين نوعية حياة الأسر عبر الحد من ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية والتأمين على السيارات والمنازل، إضافة إلى مكافحة التلوث البيئي.
وأكدت طليب في مقابلة مع شبكة «سي بي أس» أن المرشحين المسلمين الذين يخوضون الانتخابات المقبلة «موهوبون بشكل لا يصدق، وهم جيراننا الملهمون الذين شاءت الصدف أن يكونوا مسلمين».
وأضافت أن فوزها في الانتخابات «سيكون بمثابة رسالة قوية للبلاد بأسرها مفادها أننا جزء من الحكومة، وجزء من المجتمع ونريد أن نخدم البلاد مثل أي شخص آخر».
وتعبر طليب التي نشأت ضمن عائلة فلسطينية مهاجرة في ديترويت، وكانت أكبر إخوتها الـ١٤، عن ثقتها بفرص الفوز في الانتخابات القادمة، ولكنها أشارت إلى أن الأمر يتطلب المزيد من الجهود لجعل «الولاية زرقاء» (لون الحزب الديمقراطي)، لافتة إلى أن الأمل في التغيير يقوم على صعود «التقدميين الحقيقيين».
والجدير بالذكر أن طليب تعهدت أيضاً خلال حملتها الانتخابية، بأن تكون صوت القضية الفلسطينية في الكونغرس، إلى جانب قضايا الدفاع عن الحقوق الدستورية والقانونية والإنسانية للعرب والمسلمين وعموم الأميركيين.
وطليب، التي تسكن في ديترويت مع زوجها وولديها، حائزة على شهادة بكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة «وين ستايت» (1998)، وشهادة دكتوراه في القانون من «كلية توماس كولي» للحقوق عام 2004.
Leave a Reply