واشنطن – أكد البيت الأبيض الأميركي أنه قد يلجأ للسحب من الاحتياطي النفطي في حال حدوث تغيرات في السوق تسبب ارتفاعا بأسعار الخام نتيجة الأزمات السياسية التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط. كما كشفت تقارير إعلامية غربية أن الولايات المتحدة تدرس خططا قديمة لاستخدام احتياطها النفطي الإستراتيجي لخفض أسعار البنزين الآخذة في الارتفاع والحيلولة دون إفشال ارتفاع أسعار مواد الطاقة للعقوبات التي فرضتها أميركا وأوروبا على إيران، فقد زاد سعر خام برنت القياسي في الأسابيع الماضية ليقترب من 120 دولاراً للبرميل مقارنة بنحو 90 دولارا في مطلع تموز (يوليو) الماضي.
وأوضح المتحدث باسم البيت الأبيض غوش إيرنست أن الإدارة الأميركية تراقب أسواق النفط العالمية «بعناية» وأنها تنظر في إمكانية السحب من احتياطي النفط لتهدئة أسعار النفط التي تهدد بالصعود، دون أن يشير إلى أية خطط ملموسة.
وداخل أميركا يمكن أن ينتقد الجمهوريون تحرك إدارة باراك أوباما للسحب من الاحتياطات، بحيث يوصف بأنه خطوة سياسية لدعم فرص أوباما في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. ولكن هناك أيضاً من في واشنطن من يرغب ياستخدام الاحتياطات حتى لا يؤدي ارتفاع أسعار النفط لجني طهران إيرادات استثنائية في الوقت الذي تحقق فيه العقوبات تأثيرا فعالا على الإيرادات النفطية لإيران.
وتلقى فكرة واشنطن للسحب من احتياطي النفط الإستراتيجي معارضة شديدة، حيث قال حلفاء بآسيا ورئيسة وكالة الطاقة الدولية ماريا فان در هوفن إنه لا داعي للتحرك بهذا الشأن. وأبدت مؤخرا كل من بريطانيا وفرنسا استعدادهما لمناقشة احتمال التحرك للسحب من الاحتياط، في حين أبدت اليابان وكوريا الجنوبية أنهما لا تريان في الوضع الحالي سببا لإطلاق كميات من الاحتياطي الإستراتيجي.
وكانت مجموعة الثماني الصناعية الكبرى قد دعت وكالة الطاقة الدولية، التي تدافع عن مصالح مستهلكي النفط، في أيار (مايو) الماضي للبقاء على أهبة الاستعداد للتدخل لكبح جماح أسعار النفط.
غير أن بعض الدول الأعضاء بالمنظمة قد تعترض على خطوة السحب من الاحتياطات النفطية لأنها ترى أن شروط الأسواق حاليا هي أقل سوءاً مقارنة بموسم الربيع الماضي، حيث إن السعودية والعراق زادتا من حجم إنتاجهما النفطي، كما عاد إنتاج ليبيا إلى سابق عهده قبل اندلاع الثورة ضد نظام القذافي.
السعودية ترفع إنتاجها النفطي
وأميركا تزيد من اعتمادها عليه
وفي السياق ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الولايات المتحدة تزيد من اعتمادها على النفط السعودي، مشيرة الى أن وارداتها من المملكة هذه السنة ارتفعت بنسبة تزيد عن 20 بالمئة، حتى في ظل تنامي المخاوف من نزاع عسكري في الخليج، وكانت السعودية قد تعهدت برفع انتاجها لمنع ارتفاع أسعار النفط رغم أن ذلك يؤثر سلباً على إيراداتها المالية منه.
وأوضحت «نيويورك تايمز» أن ارتفاع صادرات النفط السعودي الى الولايات المتحدة بدأ ببطء في فصل الصيف الماضي وارتفع بشكل ملحوظ هذه السنة. ولفتت إلى انه حتى هذه الفترة، كانت أميركا تخفض اعتمادها على النفط الخارجي وخصوصاً من الخليج. واعتبرت ان هذا التغير ناجم إلى حد ما عن «المعركة» الدائرة حول البرنامج النووي الإيراني.
ولكن مراقبين يرون في ارتفاع الاعتماد الأميركي على النفط السعودي أنه يصب في رفع الاحتياطات النفطية ولا يخضع لقانون العرض والطلب للسوق المحلي الأميركي.
وأوضحت «نيويورك تايمز» أن الولايات المتحدة شددت عقوباتها التي أعاقت قدرة إيران على بيع النفط الخام وأثرت على اقتصادها، فيما وافقت السعودية على زيادة إنتاجها للمساعدة في ضمان عدم ارتفاع أسعار النفط. لكنها رأت انه بالرغم من ان الأسعار ما زالت مستقرة إلى حد ما، وبالرغم من الضغط على الخزانة الإيرانية، فإن أميركا تجد نفسها في وضع يزداد هشاشة تجاه منطقة تعيش حالة من الفوضى.
ولفتت إلى ان حكومات واشنطن وأوروبا رحبت بزيادة إنتاج النفط السعودي، لكن المجتمع السعودي يواجه تحدياته ما يجعل من استقرار سياسات الطاقة في السعودية غير مؤكدة.
واعتبرت الصحيفة أن زيادة استيراد النفط من السعودية يظهر مدى صعوبة تخفيف أميركا من اعتمادها على النفط الأجنبي، وهو أمر يقلق خبراء السياسة الخارجية الليبراليين والمحافظين خصوصاً وان أسعار النفط والتوتر في الشرق الأوسط يتزايدان في الأسابيع الأخيرة.
وقال مايكل ماكوفسكي وهو مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، انه «في وقت تتزايد فرصة قيام إيران نووية أو توجيه ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية، لا بد من أن نحاول تخفيض اعتمادنا على النفط الذي يمر عبر مضيق هرمز وليس زيادته».
يشار إلى ان إيران هددت بإغلاق مضيق هرمز، الذي تمر عبره معظم شحنات النفط الخليجي، لكن غالبية المحللين يستبعدون أن تفعل ذلك لأن هذا يعني نشوب صراع مسلح واسع في المنطقة.
وقدرت وزارة الطاقة الأميركية ان أميركا استوردت أكثر من 1,45 مليون برميل نفط خام سعودي خلال الأشهر الـ5 الأولى من هذه السنة، مقارنة مع 1,15 مليون برميل خلال الفترة عينها من العام الماضي، وقد سجل ارتفاع أيضاً لوارداتها النفطية من الكويت والعراق.
Leave a Reply