تونس – قال زعيم حركة «النهضة» الاسلامية الحاكمة في تونس، الخميس الماضي، ان الحركة متمسكة بعلي العريض رئيسا للوزراء، رافضا مطالب المعارضة بتعيين شخصية مستقلة لذلك المنصب، في خطوة، قد تطيل الازمة السياسية التي فجرها اغتيال المعارض محمد البراهمي وأججها مقتل 8 عسكريين في منطقة الحدود مع الجزائر على يد مسلحين مجهولين.
تظاهرة للمعارضة التونسية أمام مبنى وزارة الداخلية في تونس. |
ويأتي هذا الموقف المتشدد للغنوشي ليكشف صدق ما ذهبت اليه اغلب التحليلات من أن المزاعم التي أطلقتها «الترويكا الحاكمة» بقيادة النهضة عن استعدادها للحوار لم تكن سوى محاولات للالتفاف على الغضب الشعبي ضد الحكومة منعاً لتكرار سيناريو «التمرد الشعبي» الذي أطاح بالإخوان المسلمين في مصر.
ونجحت لغة «الاحتواء» التي اتبعتها «النهضة» وحلفاؤها في تخفيف وتيرة تفاقم الأحداث على الطريقة المصرية لكنها لم تمنع ارتفاع الاصوات المطالبة باستقالة الحكومة ونزول المعارضة الى الشارع.
وقد طالب اكبر اتحاد للنقابات في تونس، الاتحاد العام التونسي للشغل الثلاثاء الماضي برحيل الحكومة التي يقودها الاسلاميون بعد اغتيال البراهمي وسقوط نحو 10 جنود قتلى في عملية إرهابية بجبل الشعانبي على الحدود الجزائرية.
وقال الامين العام المساعد للاتحاد سامي طهري: إن الاتحاد العام التونسي للشغل يدعو الى حل الحكومة وانشاء حكومة كفاءة تشكلها شخصية توافقية. وأضاف: إن الاتحاد الذي يضم حوالى 500 الف منتسب يؤيد تصويت المجلس التأسيسي على مشروع الدستور الذي تواجه صياغته صعوبات منذ شهر.
في الوقت الذي أعلن فيه وزير الداخلية لطفي بن جدو (مستقل) عن رغبته الشديدة في الاستقالة، داعيا إلى ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ أو حكومة وحدة وطنية للخروج بتونس من عنق الزجاجة.
ويقول مراقبون إن النهضة قد أكثرت في اسوأ لحظة مرت بها، تلك التي أعقبت اغتيال البراهمي من الدعوة للحوار والتعقل وسعت للإيحاء من خلال ذلك إلى أنها مستعدة للتنازل، وكان هدفها من كل ذلك، الانحناء للعاصفة، وإبعاد «حبل المشنقة» الذي بدا قريبا من رقبة الحكومة.
وكانت حركة النهضة التي قد قالت سابقاً انها منفتحة على حكومة وحدة وطنية للمساعدة في الخروج من الازمة. وتطالب المعارضة العلمانية بحكومة إنقاذ وطني يكون رئيس الوزراء فيها شخصية مستقلة. لكن راشد الغنوشي عاد ونكث بعهده قائلا للصحفيين عقب لقاء مع الرئيس المنصف المرزوقي «نحن منفتحون على وفاقات جديدة.. ومتمسكون بعلي العريض رئيسا للحكومة».
ويرى محللون ان حديث الغنوشي بكل هذه الثقة المبالغ فيها بالنفس تكشف عن إحساس بالراحة على ما يبدو لدى زعيم إخوان تونس، يتأتى من تحليلات تتبناها الحركة تقول إن خطر الثورة على حكمها قد زال بعد ايام من الضغط العصيب، وبعد أن أصر الجيش التونسي على حياديّته حسب تصريح الناطق باسمه، بين جميع الفرقاء السياسيين في البلاد وبأنه لا يتدخل في السياسة.
ويستطرد هؤلاء بالقول ان كل هذه المؤشرات التي قد يعتمدها قادة النهضة تظل خادعة خاصة وإن المعارضة لم تتوقف عن حشد الدعم لاعتصام الرحيل التي تنظمه في باردو، وتطالب فيه بحلّ المجلس التأسيسي وإسقاط حكومة العريض وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، الأمر الذي استدعى الرؤساء الثلاثة في تونس إلى دعوة المعارضين لإستئناف جولات جديدة من الحوار الوطني.
وبدأ الرؤساء الثلاثة (رؤساء الدولة والحكومة والمجلس التأسيسي) في تونس الخميس الماضي مشاورات مع منتقديهم من المعارضة والمجتمع المدني في محاولة لإيجاد حل للازمة السياسية العميقة التي اندلعت اثر اغتيال البراهمي.
والخميس الماضي، أجرت الحكومة التونسية التي تقودها حركة النهضة الاسلامية مشاورات مع الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) في الظاهر لإيجاد مخرج للازمة السياسية المتفجرة، بينما يقول مراقبون إنها محادثات لمجرد ذر الرماد في عيون التونسيين الغاضبين والمطالبين برحيل الحكومة الفاشلة كما يصفونها كثمن ادنى لما آلات اليه الأوضاع في تونس من انهيار شامل. وتطالب المعارضة التونسية منذ اغتيال محمد البراهمي، بحل الحكومة والمجلس التأسيسي (البرلمان) المنبثق عن انتخابات 23 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 وتشكيل «حكومة إنقاذ وطني».
ورفضت الحكومة وحركة النهضة هذه المطالب واقترحت «توسيع» الحكومة وتشكيل حكومة «وحدة وطنية». وحتى الآن لازالت الاحتجاجات سلمية إلى حد كبير، باستثناء حالات قليلة للتراشق بين الجانبين لكن الغضب يعتمل تحت السطح منذ الخميس قبل الماضي عندما قتل المعارض البراهمي بعد ستة أشهر فقط من اغتيال السياسي شكري بلعيد زميل البراهمي بالرصاص أيضا. وفي الجنازة التي حضرها آلاف التونسيين قال أحمد الصادق زميل البراهمي بعد أن دفنا البراهمي نحتاج الآن إلى دفن حكومة النهضة، ونحن كمراقبين بانتظار ماستتمخض عنه الاحتجاجات في تونس، وهل سيلقى الإسلاميون انتكاسة أخرى بعد سقوط أقرانهم المدوّي في مصر.
Leave a Reply