هل يجدر بنا اللجوء دوماً إلى الصور بأشعة إكس، أو الصور الصوتية، أو الصور بالرنين المغنطيسي، أوالأدوية المركبة والمعقّدة… هل هي فعلاً ضرورية؟ فـي ما يأتي لمحة عن الفوائد الحقيقية لعدد من الإجراءات الطبية المعتمدة حالياً بصورة شائعة.
صورة الثدي
ينصح الأطباء بالخضوع لصورة الثدي بشكل منتظم بدءاً من سن الأربعين. لكن هذا الفحص الدوري والمتواتر يمكن أن يفضي إلى العديد من النتائج الإيجابية الزائفة والخزعات غير الضرورية من دون حصول أي تحسن فـي فرص النجاة من المرض. لذا، ساد الجدل نوعاً ما، ويقول عدد من الأطباء حالياً بضرورة إجراء أول صورة للثدي فـي عمر الأربعين لتحديد ما إذا كانت توجد عوامل خطر أم لا، مثل الثديين الكثيفـين، ومن ثم مراقبة الوضع مع الطبيب.
وإذا كشفت المرأة عن عوامل خطر قوية، عليها فـي هذه الحالة الخضوع لصورة الثدي بشكل سنوي، أو مرة كل سنتين.
ويفترض بالمرأة التي تملك ثديين كثيفـين أن تخضع لصورة رقمية للثديين (Digital Mammogram) وربما لتصوير بالرنين المغنطيسي للتأكد من أي شذوذ محتمل.
التصوير الطبقي بالكمبيوتر (CT Scan)
يمكن القول إن التصوير الطبقي بالكمبيوتر هو بمثابة أعجوبة عصرية. يتم اعتماد هذه التقنية خصوصاً فـي الرأس والجذع (فـيما يتم استعمال التصوير بالرنين المغنطيسي أو أشعة إكس للأطراف)، وهي قادرة على كشف الإصابات الداخلية فـي الجسم، وبالتالي إنقاذ حياة العديد من الأشخاص.
إلا أن هذه التقنية تعرض الجسم للأشعة 70 مرة أكثر مما تفعل تقنية التصوير بأشعة إكس، ولذلك يجب استخدامها فـي الحالات الطارئة فقط وليس فـي الحالات العادية التي يمكن تشخيصها بوسائل أخرى (مثل الصداع، ومشاكل الجيوب الأنفـية، وأوجاع البطن غير المحددة…)
المضادات الحيوية لالتهابات الجيوب الأنفـية
يتم وصف 20 فـي المئة من المضادات الحيوية لمعالجة التهابات الجيوب الأنفـية، من دون الأخذ أحياناً برأي الطبيب. لكن الدراسات تشير إلى أن المضادات الحيوية لا تجدي نفعاً فـي أغلب الأحيان.
نحن نظن أن المضادات الحيوية تفـيدنا لأن الالتهابات تشفى أصلاً لوحدها خلال فترة تناولك للدواء.
ولعل أفضل طريقة لمعالجة التهاب الجيوب الأنفـية هي تناول مسكنات الألم الشائعة، وشرب السوائل، واستعمال رذاذات الأنف المالحة، والاستراحة قدر الإمكان فـي السرير.
صحيح أن الالتهابات الجرثومية تستجيب بشكل جيد للمضادات الحيوية، لكن هذه الالتهابات تشكل فقط 10 فـي المئة من التهابات الجيوب الأنفـية، وهي تستمر عادة لأكثر من 10 أيام متتالية.
أشعة إكس للأسنان
صحيح أن مقدار الأشعة المستخدمة فـي تقنية تصوير الأسنان بأشعة إكس ضعيف نسبياً، لكن الدراسات الحديثة أظهرت أن الأشخاص الذين يعانون من أورام غير سرطانية فـي الدماغ خضعوا لتصوير الأسنان بأشعة إكس مرات عدة.
وتقول التوصيات الطبية الحالية إنه بوسع الأطفال الخضوع لصورة واحدة بأشعة إكس كل سنة أو سنتين، فـيما يستطيع الشخص الراشد الخضوع لهذا النوع من الصور مرة كل سنتين إلى ثلاث سنوات فـي حال عدم المعاناة من مشاكل فـي الأسنان. وعند الخضوع لهذه الصورة، لا بد من وضع طوق حول العنق لحماية الغدة الدرقية، رغم أن الدراسات لم تثبت بشكل حاسم الرابط الموجود بين أشعة إكس وسرطان الغدة الدرقية.
التصوير بالرنين المغنطيسي
فـي أغلب الأحيان، يوصى التصوير بالرنين المغنطيسي للذين يعانون من أوجاع الظهر بهدف كشف السبب الحقيقي للألم. فالتصوير بالرنين المغنطيسي يعطي صوراً دقيقة ومفصلة بشكل مذهل، إلا أنه يساء فـي أغلب الأحيان فهم تلك الصور وتحليلها، فلا يتحسّن وجع الظهر عند المرضى بسبب عدم تشخيص الحالة بشكل صحيح.
كما أن إجراء التصوير بالرنين المغنطيسي فـي أولى مراحل الألم يفضي غالباً إلى عمليات جراحية لا تحمل معها أي تحسن ملموس أو تعافٍ سريع. وجع الظهر شائع عند الجميع، ولا بد أن يعاني كل شخص منه مرة على الأقل كل عام. لكن هذا الوجع يختفـي لوحده بعد فترة وجيزة ولا حاجة أبداً لذلك السيل من الصور والتحاليل والفحوصات لكشف السبب. لا يعني ذلك أن التصوير بالرنين المغنطيسي والأنواع الأخرى من التحاليل والفحوصات غير ضرورية أبداً، لكنها ليست إلزامية للجميع ولا حاجة إلى اللجوء إليها فور الإحساس بالوجع. فـي ما يأتي مجموعة من الفحوصات والإجراءات والعلاجات التي يقول الأطباء إنه يمكن الاستغناء عنها حالياً، أو على الأقل التريث قليلاً قبل الشروع فـيها…
Leave a Reply