اجتماع بين الصدر وقوى «الإطار التنسيقي» يخفّف الاحتقان السياسي مع إعلان النتائج النهائية للانتخابات
وفيقة إسماعيل – «صدى الوطن»
بعد طول أخذ ورد، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية، يوم الثلاثاء الفائت، النتائج النهائية للانتخابات النيابية التي أجريت في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) المنصرم، بتغيير طفيف عن النتائج الأولية التي أثارت استياء سياسياً وشعبياً واتهامات بتزوير إرادة الناخبين.
وبين النتائج الأولية والنهائية لم تتغير سوى خمسة مقاعد توزعت بين محافظات بغداد وأربيل والموصل والبصرة وكركوك.
وبعيداً عن الخلافات حول النتائج، شهدت الساحة العراقية جرعة تفاؤل من خلال انعقاد اجتماع ضم المكونات الشيعية الرئيسية، سواء المعترضة على نتائج الانتخابات أو المرحبة بها، أملاً ببلوغ التوافق المطلوب لتأليف حكومة تخفف ولو قليلاً من عبء الأزمات التي يرزح تحت وطأتها الشعب العراقي، ضمن المهل الدستورية المحددة.
النتائج النهائية
وفقاً لبانوراما شاملة صادرة عن المفوضية، اكتملت صورة البرلمان الجديد الذي يضم 329 عضواً وأصبحت النتائج النهائية على الشكل التالي: التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر حصل على كتلة من 73 مقعداً مقارنة بـ54 نائباً في البرلمان السابق. وحلت في المركز الثاني «كتلة تقدّم» بـ37 مقعداً برئاسة رئيس مجلس النواب المنتهية ولايته محمد الحلبوسي. وفي المركز الثالث جاء «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي بـ33 مقعداً مقارنة بـ24 في البرلمان السابق. وفاز الحزبان الكرديان المتنافسان بـ48 مقعداً ذهب 31 منها «للحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود البرزاني، و17 لـ«تحالف كردستان».
أما أبرز المعترضين على نتائج الانتخابات، «تحالف الفتح»، فقد حصل على 17 مقعداً، وهو الذي كان ممثلاً في البرلمان السابق بـ48 مقعداً، ما دفعه إلى الاعتراض واتهام أطراف عديدين بالمشاركة في تزوير النتائج.
وقوى أخرى خاضت الانتخابات تحت مسمّيات مختلفة شهدت انكماشاً لافتاً في تمثيلها، مثل تحالف «قوى الدولة الوطنية» الذي ترأسه رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي، وضمّ أيضاً «تيار الحكمة» الذي يتزعمه عمار الحكيم بحصوله على 4 نواب فقط، فيما كان ممثلاً في البرلمان السابق بـ19 نائباً أما الائتلاف الذي كان يتزعمه العبادي فقد كان لديه 42 نائباً. كما حصل تحالف «عزم» بقيادة خميس الخنجر على 14 مقعداً.
أما حركتا «امتداد» و«إشراقة كانون» اللتان تمثلان الحراك الشعبي الذي ظهر خلال العامين الماضيين فقد حصلتا على 9 و٦ مقاعد، على التوالي. كما نال «العقد الوطني» 4 مقاعد، وتحالف حركة «حسم» 3 مقاعد، وحركة «بابليون» 4 مقاعد، وتحالف «جماهيرنا هويتنا» 3 مقاعد، وجبهة «التركمان للعراق الموحد» مقعداً واحداً، و«حراك الجيل الجديد» 9 مقاعد، وتحالف «تصميم» على 5 مقاعد. بينما فاز 16 حزباً بمقعد واحد لكل منهم. وأخيراً سُجّل فوز 43 مستقلاً بينهم 38 رجلاً و5 سيدات.
يذكر أن نحو 9.6 ملايين شخص صوّتوا في الانتخابات، التي تنافس فيها حوالي 167 حزباً و3,200 مرشح.
مسار دستوري وسياسي
أكدت مفوضية الانتخابات في العراق، الخميس الماضي، أن القضاة الذين نظروا في الطعون المقدمة لم يتعرضوا لأي ضغوط نافية أي تدخل من الرئاسات أو مجلس القضاء في عملهم، فيما لا تزال النتائج النهائية بحاجة إلى مصادقة المحكمة الاتحادية.
وبحسب الدستور العراقي، أمام المحكمة الاتحادية مهلة أقصاها عشرة أيام للمصادقة على نتائج الانتخابات أو ردها، ليدعو بعد ذلك رئيس الجمهورية، برهم صالح، مجلس النواب الجديد للانعقاد في غضون 15 يوماً برئاسة العضو الأكبر سناً، من أجل انتخاب رئيس جديد للبرلمان ونائبين له، على أن تتبع ذلك جلسة أخرى يتم خلالها انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيتولى تكليف الكتلة البرلمانية الأكبر بترشيح رئيس جديد للوزراء خلال مهلة شهر واحد.
حتى ذلك الوقت، يُتوقع أن تستمر المشاورات بين الكتل والنواب الفائزين من أجل عقد التحالفات اللازمة لتشكيل الأغلبية المطلوبة لتكليف رئيس وزراء جديد.
ومن إطار ردود الفعل على النتائج النهائية، أشارت مصادر مطلعة لـ«صدى الوطن» إلى أن «الإطار التنسيقي» يميل نحو قبول النتائج المعلنة وعدم الاستمرار بالتصعيد السياسي والشعبي ضدها، خاصة بعد اجتماع ضم قادة المكونات الشيعية الأسبوع الماضي.
وإثر إعلان النتائج النهائية والرسمية، نشر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، تغريدة توجّه فيها بالشكر إلى مفوضية الانتخابات، بعدما أكد في مواقف سابقة تمسكه باختيار رئيس الوزراء القادم لحكومة أغلبية تتمثل فيها الأحزاب التي حصلت على العدد الأكبر من المقاعد، بالتحالف مع «الحزب الديمقراطي الكردستاني» وتحالف «تقدم»، وأشار إلى أنه سيذهب إلى صفوف المعارضة في حال عدم نجاحه في الوصول إلى التشكيلة «المبتغاة».
اجتماع شامل
لبّى الصدر دعوة «الإطار التنسيقي» للاجتماع فحل ضيفاً في منزل زعيم «تحالف الفتح»، هادي العامري، وبحضور قادة أبرز المكونات الشيعية وفي مقدمتهم زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، والأمين العام لـ«عصائب أهل الحق» الشيخ قيس الخزعلي، ورئيس «تيار الحكمة» السيد عمار الحكيم، ورئيس «ائتلاف النصر» حيدر العبادي.
وبعد انتهاء الاجتماع أصدر «الإطار التنسيقي» بياناً تناول فيه نتائج الاجتماع مع زعيم التيار الصدري، مستهلاً بالإشارة إلى أن اللقاء تم في سياق «تعزيز روابط الوحدة والإخاء بين أبناء الوطن الواحد وبما يخدم مصلحة الشعب العراقي التي هي أولوية لجميع الأطراف».
وأضاف البيان أن المجتمعين ناقشوا القضايا العالقة وآخر مستجدات الوضع الراهن، وتحدث البيان أيضاً عن ضرورة اتخاذ الخطوات العملية اللازمة لمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين وإيقاف الهدر المتعمّد للمال العام. كذلك أكد خروج القوات الأجنبية وفق الجدول الزمني المعلن ووضع آليات كفيلة بحصر السلاح بيد الدولة، كما شدد البيان على حماية الحشد الشعبي ودعمه وتنظيمه بما يعزز دوره في حفظ الأمن في العراق.
وتوقف البيان عند التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي فاعتبره جريمة كما لفت إلى ضرورة العمل المشترك للحفاظ على ثوابت الشعب العراقي في التصدي للانحرافات الأخلاقية والاجتماعية وفق الأطر القانونية.
ووفقاً للبيان أيضاً، فقد اتفق المجتمعون على تحسين الأوضاع الاقتصادية في المناطق المحرومة وعلى إبعاد التنافس السياسي عن كل المشاريع الخدمية ورفع «المحرومية» عن تلك المناطق.
واختُتم البيان بالقول إن «الطرفين اتفقا على استمرار الحوارات والمناقشات وصولاً إلى وضع معالجات واقعية للانسداد الحاصل في المشهد السياسي، فيما تؤكد قوى الإطار استمرارها في خطواتها القانونية والجماهيرية فيما يتعلق بمتابعة موضوع نتائج الانتخابات».
رئيس الكتلة الصدرية، حسن العذاري، من جهته، تحدث عن ست نقاط جرى التطرق إليها خلال الاجتماع، أهمها التوصل إلى ضرورة تأليف حكومة أغلبية وطنية لا توافقية محاصصاتية، وأنه لا بد من الرجوع الى المرجعية في النجف الاشرف حصراً كمرجعية للجميع، وإيلاء الأولوية لمحاربة الفساد. واختتم العذاري كلامه بأن الصدر وضع جميع النقاط على الحروف في نقاش صريح هدفه مصلحة العراق لا غير.
أما عضو «ائتلاف دولة القانون»، كاطع الركابي، فقد استبق الاجتماع بالقول إن «هذا اللقاء كان من المحتمل أن يُقام قبل فترة، لكن بعد ظهور نتائج الانتخابات غير المصدّقة من قبل المحكمة الاتحادية وإرسال النتائج الى المحكمة الاتحادية صار هناك عمل جدي في سبيل توحيد الرؤى الشيعية».
«تيار الحكمة» بدوره، وعلى لسان أحد قيادييه، فادي الشمري، أشار الى أن المجتمعين اتفقوا على أن يكون رئيس الوزراء المقبل توافقياً. وقال الشمري في بيان، إن «اجتماع قادة الشيعة ضرورة وطنية لحفظ العراق من الانزلاق نحو الهاوية والاقتتال الداخلي»، موضحاً أن «المجتمعين قرروا أن يكون رئيس الوزراء القادم توافقياً والوزراء بحسب الاستحقاق الانتخابي».
ولفت الشمري الى أن «الاجتماع تناول الحديث عن الخروج برؤية موحدة لمعالجة الانسداد السياسي»، وأشار إلى أن «المجتمعين اتفقوا على ألا يكون هذا الاجتماع الأخير بينهم، بل مفتاحاً للقاءات أخرى يتم الاتفاق فيها على النقاط الخلافية بين القوى الشيعية». وتحدث عن اتفاق المجتمعين على تشكيل لجنة مشتركة لإعداد «ورقة موحدة تكون أساساً لبرنامج حكومي يتم تقديمها للشركاء السياسيين، وتكون ملزمة للحكومة القادمة»، وفقاً لبيان الشمّري.
Leave a Reply