لعبة عض الأصابع بين الحزبين تدخل مرحلة الخطر
واشنطن – دخل الجمهوريون والديمقراطيون في آخر مرحلة من المفاوضات بشأن رفع سقف الديون الأميركية، وهم لا يملكون أدنى أرضية مشتركة، ويعتمد كل طرف على “قدراته” في الصمود في لعبة عض الأصابع.
التكتيك الديموقراطي حاول اللعب على وتر انقسام الجمهوريين، لكن بطريقة ناعمة، حيث أكد الرئيس باراك اوباما أن رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر يسعى لتسوية لكن البعض في مجلس النواب لا يسمح له بذلك، في إشارة إلى نواب حركة “حفلة الشاي”.
أما الجمهوريون فيعتمدون تكتيك الإحراج حيث طالب ايريك كانتور زعيم الجمهوريين في مجلس النواب يوم الخميس الماضي مجلس الشيوخ الذي يقوده الديمقراطيون بقبول مشروع قانون يرفع سقف الدين أو تحمل عواقب تخلف الولايات المتحدة عن سداد دينها.
وجاء طلب كانتور في مؤتمر صحفي قبل ساعات قليلة من موعد مبدئي لاقتراع في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون على خطة معدلة لخفض العجز في الميزانية الاميركية وزيادة سقف الدين في الاجل القصير، إلا أن عملية الاقتراع عادت وتأجلت.
وقال السناتور هاري ريد زعيم الاغلبية بمجلس الشيوخ ان الديمقراطيين في المجلس سيرفضون الخطة المعدلة التي صاغها الجمهوري باينر.
وقال كانتور “هاري ريد أمامه ثلاثة خيارات مختلفة.. احد هذه الخيارات أن يتحمل العواقب الاقتصادية للتخلف عن سداد الدين وهو ما نأمل جميعا ألا يختاره. الخيار الثاني مناقشة مشروع القانون الذي ارسل في وقت سابق.. أو قبول مشروع قانون الحل الوسط الذي نحن بصدد ارساله”.
ورفض مجلس الشيوخ مشروع القانون السابق الذي أقره مجلس النواب والذي كان يتضمن تخفيضات حادة للعجز في الميزانية قدرها 5,8 تريليون دولار على مدى عشر سنوات وتقييد الانفاق واقرار تعديل لميزانية متوازنة.
وسيخفض مشروع القانون الجديد، الذي قدمه باينر، الانفاق بمقدار 917 مليار دولار على مدى عشر سنوات وسيرفع سقف الدين بمقدار 900 مليار دولار وهو ما سيفرض الحاجة الى قرار اخر بشأن الدين في العام القادم قبل انتخابات الرئاسة والتجديد النصفي للكونغرس في 2012 .
ويربط مشروع القانون الزيادات الجديدة لسقف الدين بموافقة الكونغرس على تخفيضات اضافية في الانفاق بالميزانية تتوصل اليها لجنة خاصة بالكونغرس.
ومن جهته، أعاد اوباما، خلال الأسبوع الماضي، طرح مبادرته التي وصفها بأنها “عادلة ومتوازنة” وتقضي بتقليص ميزانية البنتاغون ووقف التبذير في برامج الرعاية الصحية وزيادة الضرائب على الأميركيين الأثرياء ضمن خطة توفر على الخزينة حوالي أربعة تريليونات دولار. في اللقاء الأخير مع القيادات الجمهورية في البيت الأبيض، وبعد التلاسن الكلامي مع النائب الجمهوري اريك كانتور، لمح اوباما خلال الاجتماع إلى انه سيأخذ القضية مباشرة إلى الرأي العام الاميركي في حال اصرار القيادات الجمهورية على عدم التسوية.
عجز عن السداد
من ناحيتها، قالت وزارة الخزانة الأميركية الاربعاء الماضي ان الحكومة لن يكون بمقدورها اقتراض أموال بعد الثاني من آب (أغسطس) المقبل وحذرت من انه لا سبيل لضمان ان تتمكن البلاد من دفع جميع فواتيرها اذا لم يرفع الكونغرس سقف الاقتراض. وأضافت الخزانة ان إيرادات الضرائب تتماشى مع التوقعات بعد ان أشار محللون في وول ستريت الى ان إيرادات أقوى من المتوقع تعني ان الولايات المتحدة لن تتخلف عن سداد التزاماتها حتى منتصف آب.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخزانة في بيان “ايرادات الضرائب في حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) كانت عند المستويات المتوقعة. الواقع يبقى ان الولايات المتحدة ستستنفد سلطة الاقتراض في الثاني من آب وبعد ذلك التاريخ لا يوجد سبيل لضمان ان يكون بمقدورنا الوفاء بجميع التزامات البلاد”. ولم يذكر البيان موعدا لن يكون بمقدور الخزانة عنده دفع فواتير الحكومة.
قلق الصناديق السيادية
وعلى المستوى الدولي، قال معهد صناديق الثروة السيادية إن ثمة تخوفا كبيرا لدى هذه الصناديق بشأن عدم التوصل إلى اتفاق حول رفع سقف الدين الأميركي وما سينتج عنه من تقليص للتصنيف الائتماني الممتاز للولايات المتحدة، حيث تتخوف الصناديق السيادية على محافظاتها الاستثمارية وشركاتها القابضة.
وأوضح المعهد الأميركي، وهو متخصص في دراسة الصناديق السيادية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، أن الشك هو التربة التي تنمو فيها المخاطر الكبيرة والتقلبات في حين يبحث كبار المستثمرين الحذرين في العالم عن عنصر اليقين.
ورغم أن الصناديق السيادية هي مؤسسات استثمارية على المدى البعيد، فإن غياب الرؤية الواضحة حول قضايا عجز الموازنة وسقف الدين الأميركي زادت من حجم المخاطر على المدى القصير.
وفي ظل ما أعلنته كبريات وكالات التصنيف الائتماني من نيتها خفض تصنيف الدين السيادي الأميركي، قال معهد الصناديق السيادية إن احتمال خفض التصنيف الأميركي فيما تبقى من العام الجاري يبلغ 50 بالمئة
Leave a Reply