تساءلت مجلة “فورين بوليسي” عما إذا كان اغتيال القيادي في “حماس” محمود المبحوح في دبي سيقوض وقف النار بين إسرائيل والحركة، أم لا، وعن جدوى تلك العملية. فـ”حماس” من جانبها تتهم إسرائيل بقتل المبحوح في دبي في العشرين من كانون الثاني، وتهدد برد “في الزمان والمكان المناسبين”. والتحقيق الأولي للإمارات يظهر أن قتلة المبحوح هم أوروبيون ضمن “عصابة إجرامية محترفة”. أما المجلة فتقول: مهما كانت الحقيقة، فإن هذه العملية تهدد بتعطيل وقف النار القائم بين “حماس” وإسرائيل منذ العام الماضي، وتزيد احتمالات المصالحة بين “حماس” وحركة التحرير الوطني (فتح) قتامة. كما رجحت أن تقوض عملية الاغتيال أيضا محاولات تخفيف المعاناة عن غزة، ومحاولة استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقالت إن وقف النار القائم حاليا بين “حماس” وإسرائيل لم يعد سرا، فالإسرائيليون يشيرون لجهود “حماس” في منع هجمات العام الماضي باعتبارها دليلا على نجاعة عملية الرصاص المسكوب الإسرائيلية ضد غزة في تحقيق الردع. وجاء ذلك مرارا وتكرارا على لسان وزير الدفاع إيهود باراك الذي قال إن الردع تحقق خلال الرصاص المسكوب “وما زال قائما وقويا”. السلطة الفلسطينية من جانبها أيضا أكدت على لسان رئيس حكومة تصريف الأعمال سلام فياض أن حماس والسلطة اتفقتا بشأن الأمن. وقال: من الواضح أن “حماس” تحاول منع الهجمات على إسرائيل، وهذا ليس سرا، فهي تحاول أن تفعل ذلك “دون أن تعلن”. وهذه الحجة –جهود حماس في منع الهجمات ضد إسرائيل- استخدمتها مصر والسلطة الفلسطينية ضد الحركة كوسيلة للسخرية من مزاعمها في مقاومة إسرائيل. وهنا تتساءل “فورين بوليسي”: لماذا قد تعرض إسرائيل وقف النار للخطر عبر عملية الاغتيال؟ غير أن المجلة تقول إنه من الصعوبة بمكان الإشارة بأصابع الاتهام إلى إسرائيل في ظل غياب الأدلة الدامغة، ولكن إعلان حماس استعدادها للانتقام من شأنه أن يفجر دوامة خطيرة في كل الأحوال. ثم تساءلت: ماذا لو ثبت صحة اتهامات “حماس”؟ لتجيب بأنه لا بد من طرح تساؤلات حول مدى شرعية وأخلاقية اغتيال المرء لعدوه، ولكنها استبعدت ذلك هذه الأيام، لا سيما أن الولايات المتحدة تفتخر علنا بعمليات الاغتيالات عبر الطائرات بدون طيار، وتناقشها ضمن إطار مدى جدواها وليس ضمن مشروعيتها وقبولها أخلاقيا. وقالت “فورين بوليسي” إن المعايير الدولية المناهضة لعمليات الاغتيالات قد تداعت أمام ما يسمى الحرب على الإرهاب، وكانت إدارة الرئيس باراك أوباما قد صعدت من تلك الإجراءات بدلا من أن تقوضها. إذا فالجدل الحقيقي، تقول المجلة، يكمن في منطق الاغتيالات وما إذا كانت مجدية أم لا. فإذا كانت إسرائيل والسلطة تقران بأن “حماس” تمنع الهجمات من غزة، فما المكسب من مثل ذلك العمل الاستفزازي (أي الاغتيال)؟ وتتساءل فورين بوليسي: هل يكون مجديا لو أن حماس فشلت في الرد وأظهرت عجزها؟ وهل يكون مجديا إذا ردت حماس وقتلت إسرائيليين بما يذكي جولة أخرى من العنف بين الطرفين؟ وهل يكون مجديا إذا كان انتقام حماس سيقدم حجة لتعزيز الحصار على غزة؟ وتختتم المجلة بمشهد محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في عهد ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال الذي دفعه استياؤه لمطالبة إسرائيل بتقديم اللقاح لمشعل وإطلاق سجناء أردنيين من السجون الإسرائيلية. وقالت أيضا إن تلك النتائج لم تكن لتحصل لولا محاولة اغتيال مشعل، لذا “دعونا ننتظر عما ستكشفه عملية اغتيال المبحوح”.
Leave a Reply