ديترويت - ينتشر على الساحة في ميشيغن عدد كبير من المنظمات الخيرية العربية الأميركية بأحجام مختلفة باعتبار منطقة ديترويت أكبر مركز لتجمع أبناء الجالية في أميركا، وبضمنها منظمة «الحياة للإغاثة والتنمية» والتي أنشأها عرب أميركيون من أصول عراقية عام 1992 وقامت منذ ذلك الوقت بتوزيع 60 مليون دولار سنوياً من المساعدات في عدة بلدان حول العالم خاصة في المنطقة العربية، وبرغم هذه الجهود الخيرية إلا إن «بنك أوف أميركا» بادر الى إغلاق حسابات المنظمة لأسباب مجهولة.
ورفع محامو المنظمة دعوى قضائية ضد البنك أمام المحكمة الفدرالية في ديترويت، مشيرين الى أن وجود أسماء عربية في قيادة مؤسسة «الحياة»، والخطاب المعادي للأجانب الذي يستهدف العرب والمسلمين في البلاد، أدى الى إغلاق مئات الحسابات المصرفية للعرب الأميركيين في عدد من البنوك خلال الألفية الحالية، والسبب وراء ذلك كونهم من أصول عربية، غير أن الحكم من هيئة محلفين مكونة من ستة أعضاء جاء لصالح «بنك أوف أميركا».
وفي التفاصيل، فتحت مؤسسة «الحياة» حسابا مع «بنك أوف أميركا» في عام 2010، ولكن بعد ذلك بعامين تلقت المنظمة إخطارا فجائيا بإغلاق الحساب في غضون 30 يوماً، ولم يوضح البنك أي سبب للإغلاق، لكنه في المحكمة كشف البنك السبب وهو «ودائع نقدية غير معروفة المصدر» وهو سبب مثير للشبهة، لكن خبير البنك حينئذ لمكافحة غسيل الأموال دنيس لورميل والذي عمل سابقا مدة 28 عاما محققا في مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) وكان عمله منصبّاً على مكافحة تمويل الإرهاب قدم في الجلسة شهادة كاشفة، وحين سئل عن السبب وراء إغلاق حسابات العرب الأميركيين بنسبة أكبر من الآخرين عزا ذلك للمخاطر العالية التي تشكلها حسابات هؤلاء أكثر من غيرهم، ورداً على سؤال حول ما إذا كان إسم العربي لصاحب الحساب يمكن أن يساهم في عوامل الخطر أجاب لورميل «لقد لمست ذلك على مستوى الشركات».
وقال محامي المنظمة شريف عقيل لـ«صدى الوطن» «هذه أول قضية على المستوى الوطني يكشف بنك فيها الأسباب الفعلية لإغلاق الحسابات، وأضاف أنه في ضوء «الهستيريا» الحالية تجاه العرب والمسلمين، هناك رد فعل مبالغ فيه من قبل القطاع المصرفي ضدهم، وقال عقيل إن مزاعم البنك بعدم معرفة مصدر الودائع لا أساس لها من الصحة لأن أي مبلغ يودع في حساب شخص آخر لا يوجد في قسيمة الإيداع بند لكتابة الإسم ولذلك لم يكن معروفا موضوع أسماء المودعين. وأكد عقيل بأنه على الرغم من صدور حكم ضد منظمة خيرية إلا أن هذه الدعوى كانت بمثابة إشعار للبنوك الأخرى بأن «أي إغلاق تعسفي لحساب أي أحد مستقبلا لن يمر دون نزاع».
من جانبه، قال المدير السابق لمكافحة غسيل الأموال في البنك في نورث كارولاينا، فرَد ستون، في شهادته إن العرق والإثنية لم يكن لهما دخل في إغلاق حسابات المنظمة، وإنما السبب علاقتها مع منظمة «إغاثة سوريا» والتي كانت لها إرتباطات مشبوهة، رد عقيل بالقول إن إغلاق حسابات عرب أميركيين ترجع لعقود مضت ضد أفراد ومؤسسات والأمر لم يكن له علاقة بمنظمة «إغاثة سوريا»، مؤكداً أن منظمة «الحياة» استنجدت باللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز (أي دي سي) وحينئذ وجهت هذه الأخيرة رسالة لـ بنك أوف أميركا» بأن قراره بإغلاق حساب المنظمة قد يؤثر سلبا على المساعدات المقدمة للمحتاجين، كما دخل على خط الأزمة في ذلك الوقت الاتحاد الأميركي للحريات المدنية (أي سي أل يو) الذي حث وزارة العدل الأميركية على التدخل لصالح 50 من العرب الأميركيين الذين تم إغلاق حساباتهم في عدد من البنوك: تشايس، هانتنغتون، كوميركا، تشارتر وان.
وفي وقت سابق من هذا الشهر اجتمع نشطاء ومحامون من الجالية العربية مع وزير العدل الاميركية لوريتا لينش لمناقشة مخاوف الجالية من إستهدافها من قبل الحكومة، وقالوا إن الحسابات المصرفية للكثير من العرب والمسلمين الأميركيين أغلقت ظلماً كما يجري وضع الأفراد على قائمتي «حظر الطيران» ومراقبة الإرهاب» بشكل تعسفي، وقال داود وليد المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية في ميشيغن (كير) إن المجلس تدخل مرة في قضية تتعلق بإغلاق «بنك تشايس» حساب أحد أبناء الجالية دون إبداء الأسباب، وقال وليد إنه حان الوقت لإصلاح نظام البنوك واللوائح المنظمة لعملها من أجل حماية الزبائن من التمييز، مؤكدا أن البنوك محظور عليها التمييز على أساس الإثنية وليس الدين فقط.
Leave a Reply