أبي ألله يرحمه ويرحم أمواتكم، كان صديق “أبو سلمو”، من وقت ما كانوا أولاد صغار، وكان يعرف أنه صادق قبل وبعد ما هاجر. ومنشان هيك، كان يقول لـ”أبو عجاج” الحلاّق “الله يخليك إذا كان أبو سلمو عم يحكي.. خليك ساكت ولا تقطع حديثه بسؤالاتك الكتيرة”.
المهم أنه خلال تلك السهرة التي كانت تتم كل أسبوع مرة، قال “أبو سلمو” بلهجة عاطفية وناعمة: “يا إخوان، أهلنا المهاجرين ببلاد الأميركان، وتحديدا بالمدينة يللي سكنت فيها، كانو غير شكل، حبهن لبعضن غير شكل، معاملتهن لبعضن غير شكل”. يتدخل “أبو عجاج”: شلون يعني غير شكل؟
أبي يقول: شو اتفقنا “أبو عجاج”؟
ويتابع: أخي أبو سلمو، يا ريت توضحلنا أكتر.. شلون غير شكل؟
أبو سلمو: يا جماعة.. ألله وكيلكن ناس غير شكل.. طيب شو رأيكن أنه ما في ولا حالة طلاق بين المتجوزين. ويعلق “أبو عجاج”: لأ..لأ.. هيك زودتها أبو سلمو.. معقولة ما في طلاق؟
“أبو سلمو” مصراً ومؤكداً: يا شباب.. بتصدقوا أنو المكتب يللي بيعمل أوراق الطلاق معلق لوحة على بابه، وكاتب عليها: جائزة مالية مغرية لأول طلاق. وتعلو أصوات ضيوف والدي في باحة دارنا: “سبحانك يا رب.. يا هيك ناس يا بلا.. شو هالحب العظيم بين المتجوزين”.
يكمل “أبو سلمو”: مو هيك وبس!!
“أبو عجاج” يضع يديه على رأسه وكأنه سينفجر قائلا: بكفّي يا “أبو سلمو”، بكفّي.. اللهم لا حسد.. ألله يبعد عنهم العيون الحاسدة. “أبو سلمو” يدخل في جو تلك المدينة في المهجر: “يا إخوان هادا المكتب وظّف ناس وطلب منهم يعملو مشاكل بين النسوان وأزواجهن.. يمكن تجي شي حالة طلاق لكن ما مشي الحال حتى أنّو من كتر السعادة بالزواج بدل ما يصير طلاق صار في رجال عم يتجوزو أكتر من مرا.. والشي الحلو أن الزوجات كانو يطلبو من أزواجهم يتجوزو مرة تانية، حتى يوزعو السعادة والحب والتدليل يللي زايدين عندهن على غيرهن من النسوان”.
“أبو عجاج”، بصوت ربما يكون وصل لعند الجيران: شو هاد؟ شو هاد يا ناس؟ ألله يبارك بالبطن يللي حمل هيك حريم. لكني سمعت أمي تعلق بصوت واطي من ورا برداية الشباك المطل على ساحة دارنا: الله يبعت حمّا ومرض لكل واحد بيتجوز على مرتو.. الله لا يشبعهن شو فجعانين حريم. وحتما فإن أمي لم تكن تشمل أبي بذالك الدعاء لأن أبي “عينه مو فارغه”.
“أبو سلمو” يكمل: بتعرفو يا إخوان أنه إذا صار زحمة وعجقة سير شو بيكون السبب؟ مرة أخرى أمي تحدث نفسها موجهة الكلام لـ”أبو سلمو”: الله يبليك بقطع لسانك إذا بدك تقول أنو سبب العجقة عرس لواحد متجوز على مرتو.
وردا على السؤال قال “أبو عجاج”: يمكن السبب أنو في جورة بالطريق. ويقول “أبو سلمو”:” السبب يا رجال.. أن الشرطة قاطعة الطريق وعم تنظم المرور من كتر الناس يللي مجتمعة على باب واحد لأنّو في إشاعة أنه مريض وعم يتسابقو مين بدو ياخدو لعند الدكتور. وبما أنو “أبو عجاج” عندو نفخة دائمة وإمساك مزمن، فقد صاح: والله ما عم صدّق.. شو عالعالم.. مو معقول قديش بحبو بعضهن.. يا ريت نمرض بين هيك ناس”!
“أبو سلمو” يكمل: “مو هيك وبس، فيه أكتر من هيك بكتير. أبو عجاج يكاد يفقد الوعي: دخليك لا تكمل.. والله راسي ما عاد يحمل. ولأول مرة أبي يصيح: زودتها “أبو عجاج”، حاج تقطعلو سلسلة أفكاره.. كمّل أخي كمّل”.
“أبو سلمو” يخرج من جيبه محرمة ويمسح العرق النازل من صلعته إلى وجهه ويتابع: “يا سادة يا كرام، بهديك المدينة ما حدا بيكره حدا وما حدا بيحفر جورة ليقع فيها غيرو. وفي شي إذا سمعتوه رح يخلي شعر يللي مو شايب يشيب”!
أمي من خلف الشباك وقد بدأ كره “أبو سلمو” يدخل قلبها على ما يبدو، قالت بهمس: شو هالزلمة هاد؟ شو ما بيتعب من الحكي؟ ما بفوت لسانه لحلقو؟
“أبو سلمو” لا يسمع ما تقوله أمي، ويتابع: عند جماعتنا هنيك بتشتهي تسمع أو تشوف حدا خوزق حدا. حينها عدل أبي جلسته على الكرسي وقال: “شو هالناس الأكابر.. والله والنعم.. والسبعة تنعام”.
“أبو سلمو”: “يا جماعة لأن الحياة هنيك هادئة وهانئة وما فيها صعوبة ولا تعقيد.. اضطروا وجهاء الجالية (من يللي فاتحين دكاكين خدمات ببلاش) أنهن يفتحو محل لبيع الخوازيق المستوردة من هون وجابو كل القياسات، ولأنو الواحد ما عم يلاقي مين يخوزقو بيشتري الخازوق يللي بناسبو”.
لكن أمي نفد صبرها فوضعت كفها على فمها حتى لا يسمعها أحد وقالت بغضب، وكأن “أبو سلمو” يسمعها: يا لطيف على هالحكي يا أخي.. إذا الناس يللي شفتهن هنيك وعشت معهم هيك أخلاقهن.. شو هللي رجّعك لهون؟
ونلتقي..
Leave a Reply