عواصم – تراجعت الإدارة الأميركية عن الجهود الرامية لاقناع اسرائيل بتجميد بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، باعتبارها وسيلة لاحياء محادثات السلام المباشرة بين الاسرائيليين والفلسطينيين، إلا أن مسؤولين في ادارة الرئيس باراك اوباما تعهدوا الاربعاء الماضي بمواصلة جهود السلام رغم انهيار المفاوضات المباشرة، الأمر الذي يعتبر تلميح الى العودة الى المفاوضات السرية وغير المباشرة.
وأمام هذه التطورات وفي حين يتوجه مبعوث السلام الاميركي للشرق الاوسط جورج ميتشل الى المنطقة الاسبوع القادم استغلت إسرائيل الموقف بالإعلان عن خطة جديدة لبناء 130 وحدة استيطانية في القدس المحتلة، فيما صعدت وتيرة اعتداءاتها على غزة، حيث شنت طائراتها ثلاث غارات على أهداف منفصلة في القطاع، في وقت استبعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إجراء أي مفاوضات مع الإسرائيليين قبل تجميد الاستيطان.
ففي القاهرة، قال عباس، في ختام لقاء مع الرئيس المصري حسني مبارك استمر ساعة وربع ساعة، في تعليقه على نتائج المحادثات بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية حول تجميد الاستيطان، إنه “أياً كانت النتائج والمشاورات، فإننا لن نقبل مفاوضات ما بقي الاستيطان… وقد أبلغنا هذا الأمر للأميركيين”.
وأشار عباس إلى أنّ “الجانب الفلسطيني لا يعرف ما جرى بالضبط بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأنه سيعرف ذلك خلال الأيام القليلة المقبلة”، لافتاً إلى أنه سيلتقي، الاثنين المقبل، ميتشل في رام الله بالضفة الغربية لاستيضاح حقيقة الموقف الأميركي.
وفي هذا الإطار، ذكرت مصادر فلسطينية أن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات سيتوجه الاثنين المقبل الى واشنطن للقاء وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي اجتمعت الخميس الماضي مع رئيس حكومة تسيير الأعمال سلام فياض، علماً بأنّ وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك كان قد زار أيضاً العاصمة الأميركية التي سبقه إليها المبعوث الخاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اسحق مولخو.
في هذه الأثناء، أعلن الأمين العام المساعد للجامعة العربية احمد بن حلي ان اجتماع الجامعة العربية حول الخطوات التي يتعين اعتمادها بعد فشل الجهود الأميركية لحمل إسرائيل على تجميد الاستيطان، والذي كان مقررا في نهاية الأسبوع، سيعقد “بصفة مبدئية” يوم الخميس المقبل في القاهرة. وقال مسؤول في الجامعة إن “هذا الإرجاء سيتيح للرئيس عباس إجراء مزيد من المشاورات مع قادة الدول العربية ولقاء الموفد الأميركي جورج ميتشل”.
فشل أميركي
تعرضت ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما لاهانة اسرائيلية مزدوجة، عندما اضطرت الى الاعلان عن فشل محاولاتها لاقناع حكومة بنيامين نتيناهو بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، والعودة الى مساع سابقة لاجراء مفاوضات غير مباشرة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. وأشار مسؤولٌ رفيع في البيت الأبيض في تصريح لـ”بي بي سي” الى فشل محاولات الولايات المتحدة لإقناع إسرائيل بتجديد تجميد جزئي للاستيطان.
ومع ذلك، قال المسؤول إن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة لن تحاول احياء المحادثات التي كانت معلقة منذ نهاية فترة تجميد إسرائيل الجزئي لبناء المستوطنات في أواخر شهر أيلول (سبتمبر) الماضي.
وفي اسرائيل، أوردت بعض وسائل الإعلام الثلاثاء الماضي أنباء عن فشل الولايات المتحدة في جهود تجميد الاستيطان.
ونقلت وكالة الانباء الفرنسية عن مسؤول في البيت الأبيض أن واشنطت “تخلت عن سعيها” لاقناع اسرائيل بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية.
وأضاف المسؤول الذي لم يكشف عن اسمه أن الأمر سيناقش الاسبوع المقبل في مقر وزارة الخارجية الاميركية بحضور مفاوضين اسرائيليين وفلسطينيين.
وأعلنت الإذاعة العسكرية في اسرائيل أن “الولايات المتحدة واسرائيل ستعلنان فشل هذه المفاوضات التي كانت تهدف الى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين”.
وقال وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك في وقت سابق إن المحادثات مع الولايات المتحدة قد تأجلت بسبب انشغال واشنطن بتداعيات تسريبات “ويكيليكس” والوضع في كوريا الشمالية.
لكن المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي قال إن جهود بلاده لم تعلق بهذا الشأن، مضيفا “لدينا محادثات (مستمرة)، حتى ونحن نتحدث الآن”. وكانت السلطة الوطنية الفلسطينية قد رفضت العودة إلى المفاوضات مع استمرار عمليات البناء في المستوطنات.
وقال مسؤولون أميركيون إن واشنطن تدرس العودة إلى المحادثات غير المباشرة. وأضافوا إن احد الاحتمالات التي سيجري دراستها مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين من المتوقع أن يزوروا واشنطن قريبا سيكون استئناف محادثات السلام غير المباشرة. وقال مسؤول أميركي “في الأيام والأسابيع المقبلة سنتواصل مع الجانبين كليهما بشأن القضايا الجوهرية العالقة في هذا الصراع”.
غزة
وجاءت التطورات على مستوى عملية السلام، في وقت واصلت قوات الاحتلال استهداف المدنيين في غزة، حيث شنت الطائرات الإسرائيلية غارات جوية على مناطق متفرقة من القطاع. وقالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي إن الضربات الجوية استهدفت ثلاثة أهداف منفصلة، فيما أكدت مصادر فلسطينية في غزة أن اثنين من تلك الأهداف هما موقعان يستخدمان للتدريب.
وأعلنت مصادر فلسطينية إصابة عاملين اثنين برصاص الجيش الإسرائيلي على أطراف شمال قطاع غزة.
وكانت صحيفة “معاريف” نقلت عن رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي غابي أشكنازي قوله للقوات المتمركزة قرب الحدود مع غزة إن “الوضع على حدود قطاع غزة هش هذه الأيام”، معتبراً انه “ربما نحتاج الى الاستعداد لعمل أوسع نطاقا. الجولة التالية ستكون كبيرة ويجب أن تنتهي بطريقة لا تترك شكا بشأن الفائز. نحن أقوى كثيرا من الطرف الآخر”.
Leave a Reply