موسم اضرابات معيشية يسبق استحقاق تمويل المحكمة الدولية
بيروت حلّ الهم المعيشي في صدارة الملفات الداخلية اللبنانية، بعد ان تراجعت المواضيع السياسية لصالح الاستحقاق الاجتماعي، على وقع تعقد ملف اساتذة الجامعة اللبنانية والمفاوضات غير الموفقة حتى الساعة بين الاتحاد العمالي العام والحكومة حول نسبة تصحيح الحد الأدنى للأجور، إذ يطالب الاتحاد العمالي برفعه الى مليون و250 الف ليرة، في حين تبدو الدولة بعيدة عن هكذا رقم، مع الحديث عن سقف 750 لف ليرة كمعدل تستطيع الخزينة تحمله مع ارتفاع نسبة العجز العام.
وابرز النقاط الخلافية في موضوع تصحيح الاجور يتمثل في سبل تأمين موارد اي زيادة على الرواتب؛ حيث يدعو بعض الوزراء الى ضرورة رفع الضريبة على القيمة المضافة وزيادة الضريبة على فوائد الودائع المصرفية بالاضافة الى زيادة الضرائب العقارية وفرض ضريبة على الارباح العقارية وإعادة التخمين العقاري. وفي المقابل، يرفض بعض الوزراء، ولا سيما وزير العمل شربل نحاس، زيادة الضريبة على القيمة المضافة المقترح رفعها من 10 الى 12 بالمئة.
وقد شهدت جلسة الحكومة الأخيرة نقاشات مستفيضة لهذا الملف وملف مطالب الاساتذة في الجامعة اللبنانية، قبل ان يتم اقرار سلسلة جديدة لرواتبهم على أن يُصار الى بحث تفاصيلها بين لجنة وزارية والاساتذة. غير ان هذه الخطوة لم تلبي طموحات الاساتذة الذين وضعوها في إطار التفاوض وتسويف حقوقهم.
وفي خضم هذا السجال، يدفع الطلاب الثمن مع استمرار الاضراب وتأخر انطلاق السنة الجامعية.
ضغط اميركي باتجاه سوريا
يستمر الضغط الأميركي من اجل توريط لبنان في الداخل السوري. وفي جديد الضغوط تصريح السفيرة الأميركية مورا كونيللي بضرورة تأمين “حماية للمعارضين السوريين” في لبنان.
وخلال لقائها وزير الدفاع فايز غصن طرحت كونيلي “نظرية” جديدة بطلبها ان يقوم الجيش اللبناني بحماية المعارضين السوريين.
كلام كونيللي تزامن مع دخول وحدات من الجيش السوري الى منطقة “خربة داوود” في المنطقة الفاصلة للحدود مع لبنان، لمداهمة منزل للإشتباه بوجود مسلحين داخله، علما ان هذه المنطقة تشهد عادة اعمال تهريب.
وقد حازت هذه الخطوة على تركيز قوى الرابع عشر من آذار، في حين قال السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم إن القضية موضع تشاور مع الحكومة اللبنانية. وتناول السفير السوري ما يعتبره الكثيرون تمهيدا لاستدارة جديدة في مواقف وليد جنبلاط، فاعتبر أن “سوريا لا تحتاج بعض الكلام الذي يعطيها منطق الدروس، وربما يحتاجه كثيرون قبلها. ومع ذلك نحن حريصون على الاشقاء وحريصون على ان من يخطئ مع سوريا يمكنه ان يراجع حساباته اكان حزبا او دولة”.
يُذكر أن أبرز ما جاء في مواقف جنبلاط هذا الأسبوع تمثل في رده على الأنباء التي تحدثت عن لقائه سعد الحريري في باريس، بالقول “اذا كنا سنجتمع، سنلتقي في العلن وليس بالسر، وسنلتقي بالصوت والصورة”.
تمويل المحكمة محل أخذ ورد
ليس واضحا بعد ما هو الموقف الرسمي النهائي من موضوع تمويل المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بعد تضارب تصريحات الحلفاء في الأكثرية الحالية. فبعد اعلان الرئيس نجيب ميقاتي مرارا التزام الحكومة تمويل المحكمة، ردّ العماد ميشال عون بموقف يلخص رؤية شريحة واسعة من الشعب للمحكمة بدعوته ميقاتي الى تمويلها “من جيبه الخاص”.
وفي حين ينتظر المراقبون الموقف الحاسم لأمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله في هذا المجال، فإن تمرير الموضوع بالحد الأدنى من الخسائر في الحكومة يبدو أمرا مستبعدا في ظل التناقض الحاد لمواقف الأطراف المعنية.
الرئيس ميشال سليمان عكس في حديث صحفي الواقع السياسي من ملف تمويل المحكمة، فأشار الى أن هذا الملف “يُدرس بهدوء ومن دون ضجيج”، متمنياً حصوله “لأن لبنان ملتزم بذلك”، غير أنه قال “إن التمويل لا يلغي بعض الملاحظات الموجودة على المحكمة”.
“تيار المستقبل” المعني بتمويل المحكمة قاد عبر نوابه حملة لاستثمار الملف سياسيا، على الرغم من انشغاله بقضية النائب مصطفى علوش الذي تمنى في مقابلة تلفزيونية ان تجري اصلاحات في السعودية وفي كل مكان من العالم؛ وهو ما استدعى امتعاضا وحملة ضده في اوساط “تيار المستقبل”، علما ان هذه القضية لا تخرج عن سياق صراع القوى “المستقبلية” في الشمال.
مفاجأة بري
يواصل رئيس المجلس النيابي نبيه بري كشف صفحات من كتاب حرب تموز 2006، وهو فجرّ مفاجأة من العيار الثقيل بكشفه أن سلاح الجو الاسرائيلي قتل الجنديين الاسيرين خلال الغارات التي كان ينفذها على المناطق اللبنانية.
وكان الحاج حسين الخليل، المعاون السياسي لأمين عام حزب الله، أبلغ بري مطلع شهر آب 2006 (أي في منتصف الحرب تقريبا)، أن “القصف الاسرائيلي خلال الايام الماضية أدى الى مقتل الأسيرين الإسرائيليين جراء غارة على أحد الاماكن، لقد كان الاخوة حذرين جداً ومتنبهين لكي لا يحصل هذا، لكن توسيع عمليات القصف واستخدام صواريخ كبيرة وعدم تحييد أي مكان أدى الى هذا الامر، إن الشباب عملوا بكل طاقاتهم تحت الخطر من أجل أن يحافظوا على الجثتين وينقلوهما، إنها المفارقة.. إسرائيل تقتل أسيريها التي أعلنت الحرب لأجلهما، من جهتنا كمقاومة، سنكمل معركة التفاوض وكأن شيئاً لم يحصل”.
وتُظهر سلسلة المحاضر والمذكرات التي ينشرها الوزير علي حسن خليل نقلا عن الرئيس بري أن الأخير كان مفوضا بالكامل ادارة العملية السياسية إبان العدوان الاسرائيلي وأنه قاد المفاوضات بحنكة عالية، في مواجهة الضغوط الغربية، الأميركية تحديدا، والخنوع الداخلي، مع الكشف عن مواقف العديد من رموز السلطة آنذاك ممن تُثبت الوقائع أنهم كان يتمنون فعلا هزيمة المقاومة.
ويمهد كشف الرئيس بري عن أوراق كانت حتى الأمس سرية فتح الباب امام كشف حساب عن الفترة الماضية كلها التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
Leave a Reply