القدس المحتلة – كثّفت الإدارة الأميركية جهودها خلال الأسبوع الماضي في محاولة للحيلولة دون انهيار مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بعد سلسلة خطوات تصعيدية قام بها الطرفان، دفعت الأمور الى حد الإنفجار، ما استدعى الى عقد اجتماع ثلاثي طارئ في القدس المحتلة ضم كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ورئيسة الوفد الإسرائيلي المفاوض وزيرة العدل تسيبي ليفني، بحضور المبعوث الأميركي مارتين إيندك، لكن الإجتماع زاد الأمور تعقيداً دون أن يصل الى حد الإعلان عن فشل المفاوضات، فقد تحول اللقاء الى حلبة مصارعة تبادل فيها الطرفان التهديدات.
غير أن مسؤولين أميركيين أكدوا أن «أياً من الطرفين لم يطلب إنهاء المفاوضات»، ولكن ما أعلن في إسرائيل عن إلغاء الإفراج عن الدفعة الرابعة من معتقلي ما قبل أوسلو يشير الى أن الأمور تتجه نحو الأسوأ.
عريقات الى جانب الرئيس عباس أثناء توقيع قرارات الإنضمام الى المنظمات الدولية، في رام الله. |
وكانت الإدارة الأميركية قد اتهمت وزير الإسكان الإسرائيلي أوري اريئيل بتعمد تخريب المفاوضات من خلال نشره مناقصة لبناء 708 وحدة استيطانية في القدس الشرقية، وجاء الرد الفلسطيني سريعاً بإعلان الرئيس محمود عباس عن توقيع طلبات انضمام الدولة الفلسطينية إلى 15 منظمة دولية والاستعداد للانضمام إلى 63 منظمة دولية أخرى. وأمام هذا التطور، لم يجد وزير الخارجية الأميركي جون كيري بداً من إلغاء زيارته المقررة إلى رام الله للاجتماع بالرئيس محمود عباس لإتمام إنجاز صفقة تمديد المفاوضات.
وبرر الرئيس عباس قراره، أمس، قائلاً «نحن لا نرغب في الصدام مع الإدارة الأميركية، لكن لم يبق أمامنا مفر، لقد بذل كيري جهوداً جبارة والتقينا معه 39 مرة منذ بدء المفاوضات (في نهاية شهر تموز الماضي)، ونحن لا نعمل ضد أحد، ولكن لم يبق لنا أي خيار آخر». وأضاف أنه «من حقنا التوجه إلى مؤسسات الأمم المتحدة، وأجلنا ذلك لتسعة شهور ولم نقبل التنازل عن هذا الحق». وشددت مصادر فلسطينية أخرى على أن إسرائيل تعمل من أجل إفشال مساعي كيري، حيث أن الإدارة الأميركية يجب أن تشعر بالإهانة من قرار تل أبيب. وكان الرئيس الفلسطينـي تعهّـد بألا يسعى للانضمام إلى هيئات دولية خلال المفاوضات.
وفجّرت خطوة «أبو مازن» غضب إسرائيل التي سارعت الى إلغاء إطلاق سراح 400 أسير، وتوعدت الفلسطينيين بسلسلة إجراءات عقابية، ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين في الحكومة اعتقادهم بإنهيار المفاوضات.
وفي سياق متصل، عبّر المتحدث باسم البيت الابيض جوش إيرنست عن خيبة الأمل من الأعمال المنفردة التي صدرت من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني مؤخراً.
وفي المقابل، عبّر ياسر عبد ربه أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية عن خيبة أمله لعدم التزام إسرائيل بتعهدها بالإفراج عن عشرات السجناء الفلسطينيين، لافتا إلى أن المحادثات التي بدأت منذ ثمانية أشهر أصبحت مجرد تفاوض حول التفاوض.
وكانت كبيرة المفاوضين الإسرائيليين تسيبي ليفني قد أكدت، الخميس الماضي، أن إسرائيل لن تقوم بإطلاق سراح الفوج الرابع من الأسرى الفلسطينيين، بسبب الخطوات الفلسطينية الأخيرة، وأكدت ليفني أن الحكومة الإسرائيلية كانت تعمل على إنهاء الاتفاق من أجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، لكن عباس قام بتوقيع وثائق للانضمام الى 15 منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة.
هذا وكانت جلسات اللقاء الثلاثي الطارئ قد شهدت نقاشات حادة، وتحدثت تقارير الصحفيين عن تهديد ليفني للجانـب الفلسطيني بـ«عقوبات غير مسبوقـة»، قبل أن يهدد عريقات نفسه بمقاضاة الاسرائيليين وملاحقتهم في المحافل الدولية بوصفهم مجرمي حرب.
الجلسة التي بدأت في ساعة متأخرة من ليل الأربعاء واستمرت حتى فجر الخميس شهدت تهديدات إسرائيلية وتوعد الجانب الفلسطيني بعقوبات غير مسبوقة، كما حملت لغة الاسرائيليين خلال اللقاء الثلاثي اعتداء على الهوية الفلسطينية.
وقال المصدر إن صائب عريقات أبلغ الوفد الاسرائيلي أن الجانب الفلسطيني جاء ليفاوض باسم دولة فلسطين المعترف بها قانونياً من الامم المتحدة، وهي دولة تحت الاحتلال وليست سلطة تتحكم اسرائيل بها، الأمر الذي أغضب الوفد الاسرائيلي ما دفعه إلى التهديد بفرض عقوبات قاسية ضد الفلسطينيين.
في ظل هذه الأجواء المشحونة حاول الوسيط الأميركي شد ازر اسرائيل ووضع اللائمة على الفلسطينيين، إلا ان اللواء ماجد فرج رئيس المخابرات الفلسطينية خاطبه بالقول: لا تتعب نفسك لان اسرائيل دولة قوية ومدمرة ولا تحتاج الى مزيد من مساعدتكم لها ضدنا، وانني كمسؤول في الامن الفلسطيني اقول لكم اننا هنا في مفاوضات سياسية وليست أمنية وانني جئت من اجل أن افاوض عن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة وليس لأفاوض على اطلاق سراح عدد من الأسرى، فاشتعل النقاش واستمرت جلسة المفاوضات العاصفة اكثر من 7 ساعات بين كرّ وفرّ.
وبعد أن رفع الوفد الاسرائيلي سقف تهديداته ضد الفلسطينيين قال عريقات موجهاً كلامه الى رئيسة الوفد الإسرائيلي: إذا صعدتم ضدنا سنقوم بمطاردتكم كمجرمي حرب في كل المحافل الدولية.
Leave a Reply