معركة قانون الإنتخابات: الستين يعود من بين الأموات.. و«الصوت الواحد» لقلب المعادلة
بيروت – دولة بلا حكومة، وانتخابات نيابية معلقة وقابلة للتأجيل، والفراغ يزحف الى مؤسسات عسكرية وأمنية، والأزمة السورية حاضرة أمنياً وسياسياً، والإنقسام السياسي ظاهر، لم تبدده شخصية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة، تمام سلام الذي ترك «محركاته» مطفأة الأسبوع الماضي، ليتركز «الجدال السياسي» حول قانون الإنتخابات الذي يبدو بدوره عالقاً في المربع الأول.
فقد فشلت اللجنة الفرعية النيابية الأسبوع الماضي من الإتفاق على مسودة مشروع قانون جديد، ليعود «قانون الستين» من بين الأموات، حيث يصبح السؤال بديهيا عما يمكن ان يتحقق من الآن ولغاية 15 أيار المقبل موعد الجلسة النيابية العامة التي حددها رئيس المجلس النيابي لاقرار قانون انتخابي جديد، فهل سيشهد البلد صراعا متجددا بين «الستين» و«الارثوذكسي» (كل طائفة تنتخب ممثليها)؟. أم أن هناك مجال لتحقيق خرق على هذا المسار بتوجه تكتل التغيير والاصلاح الذي يتزعمه النائب ميشال عون، لطرح اقتراح قانون مبنيّ على أساس «الصوت الواحد»، وهو ما سارع حزب «الكتائب» إلى تأييده، و«القوات اللبنانية» إلى التعاطي معه بجدية، خاصة وإنه يعري رافضي «المستقبل» وجنبلاط من حجة التخوف من تعزيز الطائفية، التي اعتمدها الطرفان لرفض «الأرثوذكسي».
سلام |
لا بل بادر «حزب الله» الى حشر «الاشتراكي» و«المستقبل» في الزاوية بإصراره على قاعدة «أن ما يقبل به المسيحيون مجتمعين نمشي به». وفي ظل تجميد «الأرثوذكسي»، يرى التكتل العوني أن اقتراحه الجديد يؤمّن «صحة التمثيل»، فضلاً عن كونه معتمداً في عدد كبير من الدول التي توقفت عن اعتماد النظام الأكثري. وهذا القانون، بحسب مصادر التكتل، يحفظ حقوق الأقليات.
وعلى مسار تشكيل الحكومة، وفي حين تدفع قوى «14 آذار» في اتجاه ان يمضي سلام بتأليف حكومة تكنوقراط من غير المرشحين الى الانتخابات، يأمل فريق الأكثرية السابقة في ان يأخذ الرئيس المكلف في الاعتبار النصائح التي اسديت له لإنتاج تشكيلة سياسية بحجم تحديات المرحلة الحالية، ولتجنب الإقدام على أي «دعسة ناقصة» من شأنها ان تجعل الحكومة مدخلاً الى الصدام لا الى الحل.
يذكر أن حركة «أمل» و«حزب الله» تلقيا، في الساعات الأخيرة، تأكيدات متجددة من النائب وليد جنبلاط بانه متمسك بالتعهدات التي قطعها بانه لن يسير في اي تشكيلة حكومية لا ترضي «الثنائي الشيعي».
موقف أميركي حاد
وفي موقف التفافي على الطروحات الداعية الى تمديد ولاية المجلس من ثلاثة اشهر الى سنتين، ظهر موقف أميركي حاد، تبلغته جميع المراجع اللبنانية المعنية، بمن فيها الرئيس المكلف تمام سلام، ويتضمن تحذيرا مباشرا من تعرض المؤسسات اللبنانية لاجراءات دولية، اذا تم تأجيل الانتخابات.. وصولا الى اعتبار لبنان «دولة غير موجودة»، على أن تشمل هذه الاجراءات عقوبات اقتصادية ومالية.
وفيما حاولت مراجع لبنانية التخفيف من وطأة التحذيرات الأميركية، بالقول ان فكرة التمديد التقني صارت بمثابة أمر واقع (أي الى تشرين الأول المقبل)، بدا واضحا أن كتلة «المستقبل» قررت السير بخيار الانتخابات في موعدها، وهو الأمر الذي تبلغه بشكل واضح رفاق سعد الحريري وفرح له النائب وليد جنبلاط المتمسك بـ«الستين».
وتوازياً مع مساعي تأليف الحكومة، واصلت الولايات المتحدة الأميركية حملتها على «حزب الله». ورأى وزير الخارجية الاميركي جون كيري في بيان في الذكرى 30 لتفجير السفارة الأميركية في عين المريسة عام 1983 أن الحزب «والمنظمات الارهابية الأخرى يأملان من خلال هذه الهجمات العنيفة ردع الولايات المتحدة عن الحفاظ على علاقة قوية مع الشعب اللبناني وعن العمل مع جميع عناصر المجتمع اللبناني لضمان استقرار وسيادة لبنان».
وفي المناسبة أيضاً رأت السفيرة الأميركية مورا كونيللي أن الحياة الطبيعية في لبنان لا تزال أمراً هشاً يتطلب عناية مستمرة. واعتبرت أنه «عندما يكون لبنان سيداً حقاً ومستقلاً حقاً ومستقراً حقاً، لن يزدهر الإرهابيون ولن يبقوا على قيد الحياة».
على صعيد آخر، أوضح رئيس المحكمة الخاصة بلبنان دايفيد باراغوانث في بيان، في ختام زيارة الى لبنان استغرقت أربعة أيام، أنه أعلم المسؤولين الذين التقاهم بالإجراءات التي طبقتها المحكمة حول ما نشر عن الشهود «فأكدوا لي بدورهم تعاون لبنان مع المحكمة في ردها على نشر تلك المعلومات». وقال: «هذه الحملة المنسقة التي تشنها قلة من الناس لتقويض عمل المحكمة تجعلنا أكثر عزما على الاضطلاع بولايتنا. وسنضمن عقد محاكمة عادلة وسريعة تحترم حقوق المتهمين احتراما كاملا وتولي الاعتبار اللازم لحماية المتضررين والشهود». وأكد العزم على «مقاضاة أولئك الذين يحاولون الآن الاختباء تحت غطاء الهوية المجهولة».
استهداف الهرمل
ميدانياً شهد لبنان الأسبوع الماضي تطوراً أمنياً خطيراً بعد أن أعلنت مجموعات المعارضة السورية المسلحة قصفها «لمواقع لحزب الله» في قرى منطقة الهرمل اللبنانية. وقد استهدفت قذائف صاروخية من عيار 107 ملم، منازل وساحات عامة، ما أدى إلى استشهاد اثنين من أبناء تلك القرى وجرح عدد منهم.
محاولات التهدئة لم تجد نفعاً في لجم حالة الغضب العارم التي سيطرت على أهالي بلدة القصر والقرى المجاورة في حوش السيد علي والبويضة في قضاء الهرمل. الجميع هناك نزل إلى الشارع، ومن بينهم «شبان مسلحون من عشائر المنطقة»، في محاولة منهم للتعبير عن سخطهم واستيائهم من استمرار سقوط القذائف الصاروخية على البلدات الحدودية في الهرمل من قبل المجموعات المسلحة المعارضة الموجودة داخل الأراضي السورية في مدينة القصير، في الوقت الذي تقف فيه الدولة اللبنانية «مكتوفة الأيدي»، وعاجزة عن تطبيق النأي بالنفس «فعلاً وعملاً»، بمنع عمليات تهريب الأسلحة من الأراضي اللبنانية إلى السورية، واستعمال تلك الأسلحة في «قتل أطفالنا ونسائنا».
Leave a Reply